سوريا على أرضِها تقعُ الصراعاتُ والانتهاكاتُ الجليّةُ بحقِّ الإنسانِ، وأغربُ ما في الأمرِ؛ تلك الدولُ الغربيةُ الكبرى، و حتى العربيةُ التي تزعُمُ مناداتَها بالحرياتِ والسلامِ والديمقراطيةِ، بينما منذُ ما يزيدُ عن سَنتينِ، والأحداثُ تدورُ بسوريا، ولا نجدُ حِراكاً حقيقياً بحجمِ ما يجري على أرضِ الواقعِ من جرائمَ ومجازرَ؛ يندى لها جبينُ الإنسانيةِ جمعاء، الإنسانيةُ الحقيقيةُ وليستْ تلك الجوفاءَ من معانيها، والتي تَستَتِرُ بحروفِ كلمةِ الإنسانيةِ، دون أنْ يكونَ لمضامينِها من معانٍ حقيقيةٍ. إنّ مَن يُقتلونَ اليومَ في سوريا ؛هم من لدَيهم قناعاتٌ إسلاميةٌ ودينيةٌ، وثوابتُ وحقوقٌ في نيلِ الحريةِ، والبحثِ عن الكرامةِ المهدورةِ، ومع هذا نجدُ الغربَ يدعمُ _بشتّى الطرُقِ المباشرةِ وغيرِ المباشرةِ_ النظامَ السوري؛ كي يستمرَّ في جرائمِه الوحشيةِ بحقِّ مَن يجاهدونَ ضدَّ هذا النظامِ الوحشي، وهم يحملون إيماناً راسخاً في قلوبهم، ويحملون أرواحَهم في أيديهِم في سبيلِ التخلصِ من هذا الديكتاتور النازيّ ونظامِه البائد.
إنّ التفوقَ العسكريَ للجيشِ الحُرِّ والمقاومينَ لعصاباتِ النظامِ على أرضِ الشامِ؛ بات واضحاً هذه الأيام، فهمُ اليومَ يحققونَ نصراً تِلوَ نصرٍ على أرضِ الواقعِ، ويغنمونَ الكثيرَ من العتادِ الحربي، من ذخائرَ خفيفةٍ وثقيلةٍ، وسعيَّهم الدائمَ للسيطرةِ على المزيدِ من الأرضِ، حيثُ يصابُ جيشُ النظامِ بالخسائرِ المتواليةِ في معاقلِه وحصونِه؛ التي اعتقدَ أنها منيعةٌ قادرةٌ على حمايتِه، فخسائرُ النظامِ الأخيرةُ؛ زعزعتْ الأرضَ تحتَ عرشِه،
ما أفقدَ هذا النظامَ عقلَه، فأطلقَ عنانَ صواريخِه المحمّلةِ بالموادِ الكيميائيةِ؛ لتتسبّبَ بمقتلِ المئاتِ، دونَ أنْ تفرّقَ بين طفلٍ وامرأةٍ ورجلٍ، ولولا حصولُ النظامِ الوحشي على الضوءِ الأخضرِ من قُوى الظلامِ الغربيةِ، وبخاصةٍ أمريكا لأنها باتت تشعرُ بأنّ هذا النظامَ يلتقطُ أنفاسَه الأخيرةَ، ويقتربُ من زوالِه، و هذه العملياتُ المحرّمةُ دولياً، والتي وقعتْ بضوءٍ أخضرَ من النظامِ الدولي، كي تكونَ سبباً في الدخولِ إلى ساحةِ المعركةِ، وقلبِ الموازيينِ بصورةٍ مباشرةٍ، لتحقيقِ الأهدافِ التي يريدُها أعداءُ الإسلامِ، وخاصةً أمريكا بحُجةِ معاقبةِ النظامِ على جريمتِه .
إنّ ما يجري الآن في الساحة الدوليةِ؛ يستدعي الإدراكَ بأنّ هناك تحولاتٍ جديدةً بالمنطقةِ، وخاصة بين أمريكا وروسيا، ولا أستثني هنا إيران، ومصالحِهما المشتركة بالمنطقةِ، وحلفاء كلِّ واحدٍ منهما من دولٍ عربيةٍ لها أدوارٌ معينةٌ في الصراع الواقعِ، حيث سيكونُ لهذا الجمعِ دوراً أساسياً في تخطيطِ الأحداثِ القادمة وأخشى ما أخشاهُ أنْ يكونَ في الفترة القادمةِ تغييرٌ جذري للخطاباتِ السياسيةِ، لتمتدَّ لبعضِ الفتاوَى الشرعيةِ؛ التي تتعلقُ بالحالةِ السوريةِ، لتحرِفَ البوصلةَ بشكلٍ متدرّجٍ، مع تصاعدِ سياسةِ أميركا بالمنطقةِ، ولا أستبعدُ أنْ يتمَّ تبديلُ كلماتِ مكانٍ أخرى، ليكونَ الجهادُ إرهاباً، والمجاهدُ متشدّداً، وانتصاراتُ الجيشِ الحُرِّ، ومعه كلُّ الأحرارِ لتصبحَ أعمالاً تخريبيةً، لتبقى المعركةُ على أرضِ الشامِ، لصالحِ النظامِ ولضمانِ أمنِ دولةِ الاحتلالِ الإسرائيلي، حيثُ يدركونَ في الغربِ بخاصة أميركا ،أنّ خيرَ ضامنٍ للأمنِ الإسرائيليّ، هو نظامُ الأسدِ البائدِ، لذا يحاولون جاهدينَ عدمَ القضاءِ عليه تماماً، رغمَ أنهم يعلَمون باستنزافِه، ويريدونه أنْ يبقى ضعيفاً هزيلاً غيرَ قادرٍ على الحراكِ، إلا من خلالِهم ومن خلال أجهزةِ التنفسِ التي يمنحونها له، ليبقى راقداً في موتٍ سريريّ، مع إنهاكٍ مستمرٍ للجيشِ الحُرِّ؛ ليكونَ هناك توازنٌ بين الطرفينِ، تحدّدُ أميركا وروسيا وحلفاؤهم إسدالَ الستارِ على أيِّ فصلٍ للعُبةِ السياسيةِ ،حسبما يتناسبُ مع مصالحِهم، وما يتمُّ الاتفاقُ عليه بينَهم .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت