العدوان على سوريا سيكون هزيمة للامريكي ومشاريعه

بقلم: عباس الجمعة


إنها الحرب دقَت طبولها ، ولم تعد مسالة تكهنات بل مسألة وقت قصير ، ربما أيام او ساعات بعد كتابة هذه السطور ، ( دمشق تحت القصف الامريكي الاستعماري ) .
الحجة الامريكية الاستعمارية اصبحت واضحة هي حجة استعمال سلاح كيماوي لم يتم اثبات مصدره بشكل جلي ولم تعطَ فرصة كافية للفريق الأممي لإثبات ما يمكن إثباته ، وهذا الامر يذكرنا بما ارتكبته الادارة الامريكية السابقة وحلفائها الغرب والعرب بحق العراق تحت حجة وجود اسلحة التدمير الشامل في معامل متنقلة مزعومة في العراق والتي اصبحت اليوم ذكرى مهزلة وأكذوبة قاتلة مات على إثرها مليون عراقي ، واليوم يتم حشد امريكي استعماري وبدعم من بعض العرب الذين تخلوا عن قوميتهم لاتخاذ قرار بضرب سوريا.
لن تصدق الشعوب العربية وقواها الوطنية والتقدمية والقومية وحلفاء سوريا بان امريكا ومن معها يسعيان لإنزال ضربة محدودة على سوريا وأنهما لا يسعيان لتغيير النظام او تدمير مقدرات الدولة السورية ، لأننا سمعنا تلك القصيدة السوداء قبل الهجوم على العراق وقبل تدخل الناتو في ليبيا والآن نسمعها ، وأظن ان الهدف من هذا العدوان هو تغيير واقع المنطقة ،
وفق ما هو مرسوم ولكن للاسف بمساهمة من بعض الدول العربية ومعهم تيارات الإسلام السياسي وما يسمى التيارات الجهادية ومثقفين وكتاب عرب في جبهة واحدة وعلى خط واحد في تحالف هو الاول من نوعه في التاريخ لضرب دولة عربية ، وربما فاق حماسة أخوة الدم نظيرهم الاستعماري في تصدير الموت إلى دمشق والمدن العربية السورية .
ونحن اليوم نشهد رفض الاغلبية للتدخل العسكري في سوريا على خلفية التجارب السابقة في العراق وأفغانستان ، نرى مباركة بل استدعاء علني بصوت مرتفع من بعض الأوساط العربية لعل اكثرها وضوح ورعونة هي الجامعة العربية المسلوبة الارادة تاريخياً والتي اصبحت بعد ( الربيع العربي ) مجرد ادارة متواضعة للعلاقات العامة وظيفتها توفير الغطاء الشرعي للتدخلات الامريكية والغربية مثلما فعلت في ليبيا في وقت قريب.
لهذا نقول بكل وضوح ان العدوان على سوريا سيكون له تداعيات كبيرة في المنطقة والمستفيد العدو الصهيوني ، اذ لم تتكاتف كافة القوى الحية في الامة وتتشابك قوى المقاومة بيد واحدة لمواجهة العدوان الذي هدفه الاساسي تدمير مقدرات سوريا وترتيب المنطقة وفق شرق اوسط جديد بهدف تفيتيها وتأجيج الصراعات الطائفية والمذهبية و تصفية جوهر القضية الفلسطينية من خلال اخراجات ركيكة جداً لمعالجة بعض الجزئيات الغير اساسية فيها .
لا نستغرب أن تتخذ القوى الامبريالية الاستعمارية الغربية هذا المنحى المشين بحق سوريا ، فماضيها يزكيها وتاريخها حافل بالشواهد والأدلة على هذا الحضيض الأخلاقي لسياساتها، ومما يضاعف هذا الانحطاط السلوكي والانحدار الأخلاقي أنه يوظف نفسه دائما كخادم مطيع وعبد ذليل لكيان الاحتلال الصهيوني الذي غرسوه خنجرا مسموما في خاصرة الجسد العربي، كيان خارج القانون الدولي والشرائع الدولية، وخارج الأعراف والأخلاق ، ومخزن الدسائس والمؤامرات، ومنبع للفتن والأكاذيب ضد المنطقة وشعوبها، ولما كانت الضرورات الاستعمارية تفرض بقاءه لتلويث المنطقة به، كان من الضروري أن تمهد المنطقة وتصاغ خريطتها ليكون قادرا على اشعال الفتن الطائفية في المنطقة، ولذلك سوريا اليوم تدفع ثمن رفضها للاحتلال الصهيوني للاراضي العربية، وتمسكها بدعم الشعب الفلسطيني.
إن تفاعلات الأحداث اليوم للمنطقة وسوريا، وما إطلاق كيان الاحتلال الصهيوني لصواريخ بالستية سوى حلقة جديدة في سلسلة طويلة متصلة الحلقات من المؤامرة الكونية التي تستهدف سوريا ومحاولات كيان الاحتلال الصهيوني جر حلفائه إلى أتون عدوان جديد على سوريا، من خلال محاولات الاستفزاز وزيادة جذوة التحريض اشتعالا.
من هنا وفي سياق فهمنا لطبيعة الحملة العدوانية الصهونية على سوريا يجب ان تستنهض كافة القوى العربية واحرار العالم حملتهم الشعبية والدولية بمواجهة العدوان ضد سوريا، وان الشعب العربي السوري مطالب اليوم إزاء ما يتعرض له من استهداف صهيوني امبريالي للوقوف عند مسؤولياته تجاه وطنهم لوقف شلال الدم ومواجهة العدوان الصهيوني الامبريالي من خلال الخطوات الجاده والحثيثة لإخراج سوريا من محنتها ومصابها الجلل وتمكينها مجددا من مواجهة المؤامرة التي تتعرض لها مع تظافر كل الجهود والإمكانات العربية في سبيل استعادة الوعي القومي العربي بعد انهيار الخطاب الديني الموجة من قبل قوى تخلت عن وعيها العام ودورها النقيض للمصالح والتطلعات والاهداف الوطنية والقومية الديمقراطية للجماهير الشعبية نتيجة ركوب المخطط الامريكي ، الذي فشل حتى الآن في استصدار قرار دولي يجيز العدوان على سوريا وكذلك عجزت الادارة الامريكية حتى الآن على تشكيل ائتلاف دولي لتنفيذ هذا العدوان،هذه الصورة جعلت الادارة الأمريكية تبدو عارية تماماً من أي سند اللهم إلا بعض الأصوات العربية (جامعة الدول العربية) التي تحولت منذ هيمنة دول الخليج عليها، إلى أداة لإضفاء الشرعية في العدوان الغربي على المنطقة.
ان التهويل الإعلامي، والحرب النفسية الشرسة، من اجل التمهيد للعدوان، لم يخف الإرباك الأميركي المتمثل بقرار أوباما العودة إلى الكونغرس، والتأكيد بأن الهدف ليس الذهاب إلى حرب شاملة، إنما عمليات محدودة ، وهذا يعكس الارتباك الأميركي - الاستعماري إدراكاً للنتائج الخطرة المترتبة على مثل هذه المغامرة، فسوريا تملك من القوة والأوراق ما يجعل الخيار الذهاب إلى الحرب الكبرى مكلفاً جداً.
ختاما : نقول ان الشارع العربي اكد رفضه للعدوان الأمريكي ومعه احرار العالم وكافة القوى المناهضة للعدوان على سوريا ، بما فيها وقفة الشعب الفلسطيني إلى جانب سوريا الشقيقة في مواجهة المشروع الامريكي الصهيوني الاستعماري ، هذه الوقفة تعبر عن ارادة حيه لان استهداف سوريا يعني شطب وتصفية القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير وقيام الدولة الفلسطينية السيادية المستقلة وعاصمتها القدس.
كاتب سياسي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت