أوباما يعرض لحقيقة الصفقة التي يسعى إليها مع السوريين:الضربة العسكرية مقابل سلاح الردع السوري ودون مقابل من إسرائيل

بقلم: حسني المشهور


في المؤتمر الصحفي لأوباما بعد اختتام لقاء مجموعة العشرين في سان بطرسبرغ الروسية حيث ظهر حرصه على إظهار لغة الجسد بصورة درامية متقنة ؛ وفي سؤال من أحد المراسلين قد لا يلتفت إليه الكثيرين سـهواً أو عن سابق إصرار حتى لا تنفضح الرواية الأمريكية عن حقيقة اهتمامهم بتوظيف الدماء المسفوحة من أطفال العرب في سـوريا لشيء آخر يختلف تماماً عما يطمح إليه ذوي هؤلاء الأطفال والمتعاطفين معهم ... كان السؤال عن مدى استعداد أوباما لتأجيل القيام بالضربة لمدة [ 44 ] أربعة وأربعون يوماً حتى تتمكن الأمم المتحدة من تقديم مبادرة تقوم بموجبها الحكومة السورية بالتوقيع على الاتفاقية الدولية لحظر استخدام الأسلحة الكيماوية يتم بعدها تدمير ما تمتلكه سوريا منها تحت إشراف الأمم المتحدة طالما أن الغرض من الضربة هو منع سوريا من استخدام هذه الأسلحة ؟؟؟

هنـا وبعد انتهاء السؤال مباشرة خرج باراك أوباما الأنجلوساكسوني حامي الإرث الاستعماري في إعلان بلفور وسايكس بيكو والبيان الثلاثي لحماية الكيان الصهيوني من تحت جلد باراك أوباما ابن المهاجر الإفريقي صاحب خطاب السلام في جامعة القاهرة ... وبدون مواربة فضح حقيقة مهمته في استخدام عذابات السوريين وقلق الحكومات في الأردن ولبنان وتركيا كمادة إعلامية في الترويج لحقيقة الغرض من هذا الاهتمام وهو حماية الأمن والاستقرار للكيان الصهيوني ولا شيء غير ذلك عندما قال في إجابته عن السؤال : إنه منفتح على مثل هذه الأفكار ومستعد للاستجابة لها ، ولم يـُشر إلى الحقيقة وراء امتلاك سوريا لهكذا سلاح ، وبأنه وُجـد لردع هذا التغـوّل للكيان الصهيوني في امتلاك كل ما هـبّ ودبّ من أسلحة للدمار الشامل نووي وكيماوي وجرثومي وبيولوجي !!!

بعـد هـذا أليس من حقنا التشكك في كل ما أراده الأمريكان من وراء هذا الاستطلاع بالضجيج العالي بعد أن أدركوا صعوبة الاستطلاع بالنيران لمسرح العمليات في سوريا والشرق الأوسط في زمن اكتمل فيه تبلوّر قوى وأقطاب أخرى لهذا العالم ... وألا يجوز لنا التشكك في الأهداف الحقيقية المختبئة وراء كل هذه الهوبرة ... وألا يجوز لنا التشكك في تمسك الأمريكان باستخدام حبوب المسكنات الفلسطينية تحت اسم الاستئناف لمفاوضات البحث عن السلام في المنطقة حتى انقضاء ألــ 44 يوما القادمة ... مفاوضات سترفع جلساتها عند أول إشارة نجاح للخطة الصهيوأمريكية في استكمال التفتيت لمنطقتنا وشعوبنا العربية ؟؟؟

على كـل حـال ومن خلال الاستقراء للتاريخ القريب فإننا نـرى السيد فلاديمير بوتين وهو يسير بعيداً عن يلتسين ويقترب من نيكيتا خروتشوف ... خروتشوف أيام العدوان الثلاثي على مصر والأزمة الكوبية ، بينما نرى السيد أوباما يسير بعيداً عن جون كيندي ويقترب كثيراً كثيراً من أنطوني إيـدن وجي مولييه ... وأن ضربته العسكرية العتيدة إن قام بها فلن تكون إلا من باب الحفظ لماء الوجه أكثر من قدرتها على استحداث متغيرات ذات قيمة على الأرض السورية ومحيطها !!!

وختام المشهد وأياً كان سلوك الأمريكان في الأيام القادمة ... وسواء كانت ضرباتهم لسوريا محدودة أو موسعة ، ومهما سـقط من هذا السماء الأمريكي على الأرض السورية ؛ فالشيء المؤكد هو أن سوريا ستبقى سوريا ؛ وأن السوريين العرب سيبقون سوريين وعرباً ... ولن يفيق الصهاينة والأمريكـان بعـد نشوة النجاح لضربتهم إن نجحت إلا على حقيقة واحدة كانت وستبقى الحقيقة الثابتة ولا حقيقة غيرها في أسباب ومصدر تخريبهم وإيذائهم لشعوبنا وبلادنا العربية والإسلامية ... الحقيقة التي تلدغهم لتذكرهم وتشدنا كلما حاولوا إبعادنا عنها لتقول بأعلى الصوت :

هنا فلسطين ... هنا القدس ... هنا حقيقة القيّم والأخلاق للباحثين عنها

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت