في الوقت الذي تستمر التهديدات الأمريكية بالعدوان على سورية، يُشَمِّرُ فيه بعض من قادة أمة العربان عن "سواعدهم"، للمشاركة في هذا العدوان، ويقومون علنا بتحريض وحث العديد من دول العالم، التي لا ترغب بالمشاركة فيه، ولا نعلم ما الذي يمكن أن يقوموا به خلف الأبواب المغلقة من ترغيب ومحاولات إقناع، ربما من خلال صفقات وعقود بمليارات الدولارات، وبتحمل كلفة الحرب، وهذا بالتحديد سيجعل الكونغرس الأمريكي أكثر ميلا للموافقة على العدوان.
في ذات الوقت، تتصاعد في العديد من دول العالم، أصوات معارضة للعدوان، وهذا يشمل العديد من أعضاء الكونغرس الأمريكي، فيما أعلنت بريطانيا بحسب صحيفة صنداي تايمز " ان الطائرات الأمريكية التي ستنفذ العدوان، لن تتمكن من استخدام القواعد البريطانية، سواء تلك الموجودة في قبرص، أو القاعدة الموجودة في دييغو غارسيا في المحيط الهندي".
دول وأنظمة العربان التي تحاول الترويج والتحريض على العدوان، هي في المجمل ذات الدول، وامتدادات ذات الأنظمة، التي كانت قد فعلت الفعل نفسه خلال العدوان على العراق، وبعده على ليبيا، وقبل ذلك لم تتوان عن التآمر على أمة العرب خلال الفترات التاريخية المختلفة، منذ مرحلة "الاستقلال" والتخلص من الاستعمار العسكري، وما قبل الاستقلال التي سادت خلال القرن الماضي.
في مقابل ذلك، نجد ان هنالك العديد من المسئولين العسكريين والاستخباراتيين يرفعون مذكرة لأوباما يقولون فيها "إن النظام غير مسئول عن استخدام الكيماوي في ريف دمشق، وإن مسئولي المخابرات البريطانيين على علم بذلك"، كما أشارت بعض التقارير التي نشرت في وسائل إعلام متعددة إلى ذات المضمون.
الحديث عن عدوان "محدود"، لا يعرف حدوده إلا من قرره في الدوائر الأمريكية والصهيونية، حديث فيه من التضليل الكثير، وهو يعيدنا إلى التجربة العراقية، والتي كان عنوانها إخراج القوات العراقية من الكويت، والتي نعلم جميعا انه لم يكن سوى عنوان للقضاء على القوة العراقية، لا بل لإنهاء العراق كدولة وكيان.
تحت هذه اليافطة العريضة، بدأ تدمير العراق منذ اللحظة الأولى للعدوان، فلم يبق شيء فيه إلا وتم قصفه، ولا ندري ما علاقة مدينة غرب العراق كالرمادي، وما علاقة مدينة كالموصل أو سواها من مدن العراق الشمالية أو الغربية أو الوسطى أو حتى الجنوبية، بإخراج القوات العراقية من الكويت، وما علاقة تدمير كل البنى التحتية والمصانع والمدارس وبعض الجامعات والمستشفيات والطرق والجسور وكل ما يمكن قصفه، بإخراج القوات العراقية من الكويت.
إنه ذات الهدف الذي سعت إليه الولايات المتحدة والكيان الصهيوني في الموضوع العراقي، حيث كان إخراج القوات العراقية هو العنوان، لتتوالى بعده الأحداث، حيث جاء موضوع أسلحة الدمار الشامل العراقية، ولوحق العراق إلى ان تم غزوه فاحتلاله وإنهاؤه كبلد لن تقوم له قائمة خلال سنوات طويلة قادمة.
من يعتقد بأن العدوان على سوريا سيكون محدودا، وأنه سوف يقتصر على بعض المواضع العسكرية "التي تم إخلاؤها بكل تأكيد"، فهو إنما يحاول "التعامي" عن العدوانية الأمريكية.
موضوع العدوان على سوريا لا يتعلق بالنظام، وواهم كل من يعتقد بأن النظام سيكون هدفا، لا بل كانت الإدارة الأمريكية واضحة فيما ذهبت إليه عندما أعلنت ان النظام ليس هدفها. وفي الحديث عن العدوان والأهداف التي تم رصدها أو تحديدها، تم تعداد عشرات المواقع.
إذا كان العدوان سيستمر على مدار ثلاثة أيام كما يتردد، فهذا يعني أن على سوريا السلام، لأن ما سوف يستخدم من أسلحة، لن يكون أسلحة عادية، بل أحدث ما في الترسانة الأمريكية من صواريخ مدمرة، وقنابل تصل زنة الواحدة منها ما يقارب الطن أو أكثر، وهذه كفيلة بتدمير أحياء بكاملها، ومن يضمن ألا يتم استخدام أسلحة تحتوي على اليورانيوم المنضب كتلك التي استخدمت بكثافة في العراق، والتي ما زالت آثارها موجودة وستبقى لعشرات السنين.
إن ثلاثة أيام من العدوان كتلك التي كنا عايشناها في بغداد عامي 1991 و 2003، وإذا ما استمر القصف على مدار الساعة، فهذا يعني مئات وربما آلاف الصواريخ، وهذه يلزمها مئات أو آلاف الأهداف، ولكم ان تتخيلوا حجم الدمار الذي سيحل بالبلد، وعلى هذا الأساس، قلنا وما زلنا، إن العدوان يستهدف سوريا كدولة وتاريخ وإنسان وإمكانيات وقدرات ومقدرات لا بد من استنزافها من اجل مزيد من الطمأنينة للكيان الغاصب في فلسطين والجولان.
على المبتهجين "بمحدودية" العدوان، أو الضربة كما يقال، ان لا يبتهجوا، لأنها ستكون برغم "محدوديتها" ضربة مدمرة لدولة وشعب ما زالت الأمة بحاجة إليهما، ولأن الصراع ما زال مستعرا من اجل إبقاء الأمة تابعة ذليلة متخلفة وفي قعر العالم.
7-9-2013
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت