الإعلام بين إدارة الأزمات وصناعتها ودور قناة الجزيرة

بقلم: عباس الجمعة


ليس المرة الاولى التي تقع فيه قناة الجزيرة بالاساءة الى الرئيس الرمز الشهيد ياسر عرفات ان كان بحملة معينة او من خلال استضافة اشخاص لا يستحقون الاستضافة مثل ابراهيم حمامي الذي اراد اشعال نار الفتنة ، فيكفي انحياز قناة الجزيرة ضد الشعوب وتطلعاتها ، وضد المقاومة وخياراتها ، بل جندت نفسها للتحريض على التحرك الشعبي و التمرد و لتسويق الأخبار و المعلومات التي تولت تصنيعها من خلال موقعها الرئيسي في الدوحة .
ان نقل الرسالة الاعلامية يجب ان تتفاعل مع الحدث بشكل إيجابي , وذلك بنقل المعرفة , وتحليل الأحداث والأزمات , وأبرز ظواهرها بغية توجيه المجتمع وتحذيره من المخاطر والآثار السلبية التي قد تخلفها تلك الأحداث أو الأزمات , وكذلك تعريف الجمهور المتلقي للرسائل الإعلامية بالجهود المبذولة في مواجهة الأزمات وخاصة الشعب الفلسطيني الذي يواجه الاحتلال الصهيوني ويتصدى لتدنيس الاقصى من قبل كيان صهيوني عنصري .
ان تزويد الجماهير بالحقائق والأخبار الصادقة عن مجريات الأحداث , وما آلت إليه مع الأخذ بالتخفيف ما أمكن , ولا سيما إذا كانت هناك آثار سلبية كثيرة , وتوجيه الرأي العام لكسبه من خلال المصداقية وتعريفه بالأخبار والأحداث ساعة بساعة , تحصيناً له من أن يلتفت إلى وسائل إعلام أخرى قد تكون معادية أو مضادة , من شأنها كسب رأي الجماهير إلى جانبها , مما يؤجج ويفاقم الأزمة ويزيد من آثارها غير المرغوبة .
لهذا يجب ان يبقى الإعلام من أفضل و أقوى الأسلحة و الأدوات لشعوب الرازحة تحت نير الإحتلال وخاصة الشعب الفلسطيني, بما له من ميزات و قدرات على تصوير الحقائق كما هي, وليس تزويرها ، بمعنى آخر الإعلام بوسائله المختلفة يمكن أن يظهر من الحق باطلا و من الباطل حقا, و يجعل من الكذبة حقيقة ومن الحقيقة كذبة.
ان الإعلام بوصفه السلطة الرابعة يجب ان يعمل على إيصال الرسالة الصادقة التي لا يعلمها الجمهور الواسع و العريض في كل أنحاء العالم الذي تنهال عليه المعلومات المغلوطة و المزورة بكثافة وعلى مدار الساعة بغية التأثير عليه و جعله مصدقا أو مكذبا لهذه المعلومة و ذلك الخبر و بالتالي مناصرا أو طرفا في الصراع القائم.
ان الإعلام وبتقنياته الحديثة والتي تتطور بسرعة مذهلة, يستطيع أن يجيش الجمهور و يجعله يثور ويتظاهر بالشوارع وبالتالي يشكل قوة ضاغطة على الأطراف المختلفة ويجعل من القضية المنسية, قضية حاضرة وفاعلة بقوة على المسرح السياسي و الشعبي.
ان المشاهد العربي في ظل الإرباك الذي يعيشه الإعلام العربي يتابع تلك الفضائيات حسب موقفه السياسي من هذه القناة أو تلك لطالما أصبحت تلك الفضائيات العربية تمثل مواقف سياسية ومصالح دول وإيدولوجيات دينية أو طائفية, بدل عكس الواقع ونقله إلى المشاهد و المتلقي العربي كما هو, دون تلاعب و تزييف و تفسير أصحاب المصالح الذين يمتلكون تلك الفضائيات العربية.
لقد أضحت قناة الجزيرة ومعها بعض القنوات سمتها البارزة في تصفية الحسابات على أساس المواقف السياسية و شغلها الشاغل هو التحريض والتطبيل والتهويل أو نكر الواقع وتغييب الحقائق وتزييف المعطيات مهما كانت كبيرة الحجم و الصدى. ما يحصل اليوم في سوريا ومصر أتخذتها من دور يعكس واقع الإعلام العربي و تبعيته ما يريده منه القائمين من الانظمة أو التحالفات الإقليمة أو الدولية.
ان دور الاعلام في مواجهة الهجمة العدوانية الصهيونية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني, هو ايصال الحقيقة أياً كانت الظروف, ولهذا نرى ان الإعلام يجب ان ينقل صورة صادقة حول طبيعة الأحداث الجارية في مواجهة إعلام معادي يبني تغطيته على أساس من التحريض وفبركة الوقائع.
ان بعض وسائل الإعلام سواء كانت مرئية أم مسموعة أم مكتوبة جزءاً من مخطط كبير تنتظر الفرصة المناسبة كي تقوم بعملية القنص ،وإذا كان المقصود هو المحطات التي برزت في موقع معين وهي الآن خارج هذا الموقع تماماً فذلك لأنها لعبت دوراً عن سابق إصرار وترصد لتكسب تأييد الجماهير وتكون لها شعبية كبيرة بين الناس وتشكل مصداقية، وبالتالي عندما يأتي الوقت لتلعب الدور المطلوب منها تكون متصدرة للحملة أو الحرب التي تشن هذا بشكل عام وهذا ما نراه اليوم في مصر وسوريا من قبل قناة الجزيرة وبعض القنوات الاخرى حيث تدعي خلال هذه الأحداث أنها حاملة راية الحرية والديمقراطية ،فإذا كانت كذلك لماذا تعاملت ‏ مع الشهيد الرئيس الرمز ياسر عرفات هذه المعاملة وتستضيف تكفيري يتغطى بالاسلام للتجريح برمز الشعب الفلسطيني , هذا القائد العربي الفلسطيني الذي كان دائما يقول أن الأمة عظيمة وطاقاتها كبيرة ووحدتها آتية آجلاً أم عاجلاً لأنه كان يؤمن بالوحدة العربية وحدة الأمة من المحيط الى الخليج، باعتبارها خطوة هامة جداً على طريق تحرير فلسطين كل فلسطين .
واليوم نقول للجزيرة ان سوريا صمدت سوريا، وستصمد، ومجرد صمودها، في ظل موازين قوة ما زالت مختلة لصالح أعدائها، وان ترويج التحريض والتأليب عبر الدعايات الكاذبة والوسائل المفضوحة، كمحاولات يائسة لاختلاق الذرائع لجلب التدخل العسكري الأميركي، كما لعبت نفس الدور لتدمير العراق، والتوظيف غير الأخلاقي بالعزف على وتر سلاح الدمار الشامل بترويج الشائعات والأكاذيب ، خدمة للقوى الامبريالية الاستعمارية ولقوة الشر المغتصِبة لأرض فلسطين التاريخية.
ان مشروع التكفيريين والإرهابيين في العالم، المجهز بأحدث الأسلحة والتجهيزات وبمليارات الدولارات من أموال النفط العربي، قد انكشفت معالمه وازدادت هذه الحقيقة سطوعاً بعد الأعمال الإجرامية التي مارستها هذه القوى المتأسلمة وما يسمون انفسهم قوى معارضة من قتل وسحل وحرق وتقطيع جثث، وفظائع أخلاقية يندى لها الجبين خجلاً ، لماذ لم تكشف الجزيرة كل هذه الاعمال واين هي الديمقراطية والحرية، بل هو ردة رجعية ظلامية، وما يجري في مصر بعد الانتفاضة الثورية لاسقاط حكم (الإخوان المسلمين)، يؤكد رؤيتنا بان عنوان المشروع واضحاً جلياً كالشمس: دولة فاشية دينية لا تعترف بالدساتير والقوانين، ولا بأبسط حق من حقوق الإنسان المعاصر، وهي في الوقت نفسه مرتبطة بالمشروع الاستعماري العالمي،وهذا يتطلب من الشعب السوري والمصري التحالف والتآخي مع باقي قوى حركة التحرر الوطني العربية، لإلحاق هزيمة تامة بالمشروع الإمبريالي والإسرائيلي في المنطقة العربية.
ختاما لا بد من القول : أن الاعلام رسالة إنسانية وليس وسيلة للتحريض واهانات المقامات الوطنية والقومية والتحريض ايضا على العنف وقتل الأبرياء وتخريب الممتلكات، ونحن نحيي الاعلاميين الذين يتعرضون يوميا إلى اعتداءات واعتقال على أيدي الاحتلال الصهيوني ، حيث يوثقون الأحداث الجارية وإيصال صورة صادقة للرأي العام العالمي تمكنه من مشاهدة الجانب الحقيقي لما يجري على ارض فلسطين وليس استضافة شخص او اشخاص معروفين بعدائهم للشعب الفلسطيني وقيادته والشعوب العربية وطموحاتها ..
كاتب سياسي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت