غُصَّةٌ !

بقلم: غازي السعدي

طار كما لو طارت الأشياء بانعدام الجاذبية ,بانعدام جسده عن روحه ,انفصما
تلاشى كما لو تلاشت قطرة ماء سقطت في بحر,تمازجت ذراته مع الهواء ,في حلقة لولبية اختفى مثخناً بجراحه والمه بتمرده ,لعالم اخر من الالم من الفقد ! تتراءى له الاشياء الامرئية الامحسوسة في عالمنا الحقيقي ,اخذ يبحث عن الاشئ !
باستطاعته الان ان يري العوالم كلها ,قبل ان تحدث وعندما تحدث وبعدما تحدث وما وراء الوراء , يصدف مرة ارواح تتطاير تظهر مرة وتختفي مرة اخرى ,يحاول ان يقترب منها فتهرب لا يستطيع الوصول اليها ,يستمر بالجري ورائها لعله يلتمس شيئاً ,كانت علامات الخوف علي وجوههم ,اثاره شيخ كبير يجلس في الركن الاخر من الشارع الملتف مائة دائرة حول نفسه ,يتسلل اليه بهدوء يقف امامه ,ولا يعريه العجوز اي اهتمام ,يصرخ ولا يهتم وقبل ان يتلون الشارع الى الالوان التي كان يعتصر بها قلبه الماً ,يسمع صوتاً مليئاً بالخوف كحشرجة من انت ؟ تتسارع دقات قلبه من الخوف وبين نظره والنظر غبار يستمر بالصعود ,اراه العجوز مستقبله ,انه سيموت حباً بقدر ما سيموت الماً ! سيموت اكثر من حياة ! اخبره انه سيعيش الف موت وموت ومع تلون الشارع طارا بسرعة الى عالم اخر
ابيض لا شئ فيه اختفى العجوز تماما تلاشا مع قوة الضوء ,قد اختفى تماماً,اخذ يجري في الاطريق ومع ومضات سريعه تتراءى المشاهد له,عواطف متنوعة يرى وجوهاً مختلفة من البشر .ولا يعرفهم كانو مطأطين رؤوسهم يسيرون ببطئ شديد, يلتوي العالم به كان بشعر بالغثيان يسمع اصوات ضحكات ممزوجة ببكاء امرأة تنوح,طفل يصرخ ,صوته يأتي من الخلف ,لا من الامام لم يعد يعي شيئاً يسقط تحت السماء تختفي الارض يبداً يشاهد عوالم مختلفه تماماً
عن عالمه المألوف ,عالم يشاهد اهله كلهم ملأى بالفرح واخر كلهم ملأى بالحزن يري نفسه بين العالمين ,يصرخ علي نفسه ولا تُجيبه ينظر اليها وتنظر اليه ولا تعرفه ابداً وفي كل مرة تبتسم اليه وتبدأ بالاختفاء,يتضارب العالمين ,يظهر له درج لا نهاية له ,يهرب مع صرخات مخيفة وضحكات اشبه من ان تكون ضحكة لجبروت ظالم يقف امام مظلوم يستلذ بعقابه ,يجري بسرعة يرتطم بالحافة الاولى تتعالي العتبات كلما صعد واحدة تلو الاخري,يصل لحائط طويل يعيق طريقة يختفي الدرج تماما من تحته ويسقط من بين الضوء ولا شئ يري الا سقوطه ,يلتقفه فم كبير من اسفل,اسنانه جماجم لرؤوس بشر,كان مظلما جداً ,اخذ يصرخ ويصرخ لا احد يجيب ,لملم اليه نفسه واحتظنها ,ومع خرير الهواء ظهر له نفس ذلك العجوز .قام كمن قام من الموت اخذ بملابسه صرخ به
اي موت هذا الذي لا يميت ابداً الا يكفى ان تعتريه الراحه اي موت هذا الذي هو موت وحياة هي موت !
وبحركة مفاجئة اظهر له هالة ذات لون ازرق وامضة تُخرجه من هذه العوالم ,
عد ادراجك ,نظر اليه كنظرة المغشي عليه من الحياة ! ,تجمع كل الهواء فيها ,طار معه ودخلها,اتحدت العوالم ومع تمازج الالوان بسرعه وتلاطم الاصوات عاد لعالمه المتصل المتحد ,اهتز كرسية كمن اصابته لعنة شريرة ,اخذ شهقة من الهواء الجديد تأكد بأنه في العالم الواحد , تلمس قلبه ,ما زالت دقات قلبه متسارعه ,قام ولم يتبعه جسده