في حديث لإذاعة فلسطين الرسمية، قال "ياسر عبد ربه" أن الكل يعرف أن احتمال نجاح المفاوضات، بالطريقة والأسلوب الذي تجري فيه ضئيلة جداً، بل أنها معدومة، وأن السبب ما نشهده من ممارسات احتلالية على الأرض حسب "عبد ربه"، وفي مجال المفاوضات والمجال السياسي، وحسب رأيه فإن العملية التفاوضية ستنتهي بكارثة سياسية في ظل استمرار السياسة الإسرائيلية لكننا لم نسمع من "عبد ربه" الذي نشاركه هذا التشاؤم، الدعوة إلى وقف هذه المفاوضات، "عبد ربه" كان يدرك ذلك تماماً لكنه لم يستطع الإفصاح عنه علناً أمام المجتمع الدولي رغم أنه قاله للأميركان، وها هو يواصل مسيرة فضح إسرائيل والتأكيد على أن المفاوضات بالنسبة لإسرائيل مجرد كسب للوقت، لذا قال ما قال بعد ست جلسات من المفاوضات والتي لم يتم التوصل إلى جدول أعمال لها، بعد أن تنازل الجانب الفلسطيني عن شروطه لاستئناف المفاوضات، وهي: مرجعية المفاوضات المعروفة، التفاوض على حدود 1967، ووقف الاستيطان، وتصر إسرائيل البت في موضوع الأمن، مع أن موضوع الأمن تم الاتفاق عليه في عهد حكومة "ايهود اولمرت"، لكن "نتنياهو" شطب جميع الاتفاقات السابقة، ويعود للبدء من نقطة الصفر، حتى أن إسرائيل همّشت دور المبعوث الأميركي "مارتن انديك"، حيث لا تريد مشاركته في المفاوضات بل أنها تريد الانفراد بالفلسطينيين، دون وجود شهود على سلبياتها.
لا بد من الإشارة لوجود خلافات حتى بين المفاوضين الإسرائيليين أنفسهم، خاصة بين مسؤولة ملف المفاوضات الوزيرة "تسيفي لفني"، وبين ممثل رئيس الوزراء في هذه المفاوضات المحامي "اسحاق مولخو"، ولا نعرف إذا كانت هذه الخلافات حقيقية، أم تمثيلية، فالوزيرة "لفني" تريد التوصل إلى اتفاق سلام شامل يجري التوقيع عليه في نهاية الأشهر التسعة، أما "مولخو"، فإنه وحسب التوجيهات له من قبل رئيس الوزراء، فإنه لا ينبغي السير نحو تسوية دائمة، في الجولة الحالية من المفاوضات، بل التوصل نحو مبادئ في المسائل الجوهرية فقط، لسحب المفاوضات دون نهاية، وعلينا التذكير أن اتفاق مبادئ توصل إليه الجانبان في اتفاق "أوسلو"، الذي مر عليه (20) عاماً، دون التزام إسرائيل به.
حسب جريدة "يديعوت احرونوت 5-9-2013"، عادت إسرائيل لتطرح بصورة غير رسمية، إقامة دولة فلسطينية داخل حدود مؤقتة، غير أن موقف الفلسطينيين بإقامة الدولة الفلسطينية داخل حدود 1967، وبعد ذلك من الممكن التطبيق على مراحل، فقد كشف استطلاع للرأي العام الإسرائيلي بتاريخ "5-9-2013" أن 10% من بين الإسرائيليين فقط، يتمنون أن يتم التوقيع على اتفاق سلام مع الفلسطينيين، بينما يقول وزير الجيش "موشيه يعالون"، حسب موقع "واللا الإسرائيلي 4-9-2013"، أن على إسرائيل التوصل إلى حلف ردع أمني وليس إلى اتفاقية سلام، ويقول: لماذا التخلي عن أراضٍ مقابل كلمة السلام فقط؟ ووزير الاقتصاد من حزب البيت اليهودي "نفتالي بينت"، يعتبر أن حلم الدولة الفلسطينية غير قابل للتحقيق، وأنه لن تقوم أي دولة فلسطينية، أو إخلاء أو إزالة أية مستوطنة، أو بؤرة استيطانية من مكانها، معتبراً أن عدم الاستقرار في المنطقة، سيستمر ما بين (20) إلى (30) عاماً، لما يجري في مصر وسورية ولبنان وغيرهم من الدول العربية، ويطالب بأن على إسرائيل الاعتماد على نفسها، ولا يمكن الاعتماد على الآخرين أو الضمانات الدولية، فقد كان الإسرائيليون في الماضي يؤكدون رغبتهم بالسلام، وحرصهم على إنجاح مساعي وجهود السلام، ويتهمون ويحملون العرب رفض السلام، غير أنهم أصبحوا اليوم على عكس الماضي، بل يقولون علناً أن السلام لا يخدم مصالحهم، وأن الأكثرية الإسرائيلية باتت ترفض التوصل إلى السلام، حتى أن وزير سابق يقول صراحة، أن إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، مجرد كذبة من قبل من قالها، وأنها لا تعدو الخداع والنفاق والكذب، فقد كتب الباحث "الياكيم هعنستي" -وهو مستوطن متطرف- في جريدة "يديعوت احرونوت 18-6-2013- بأن "نتنياهو" لا يؤمن حقاً بحل الدولتين، رغم أن الجمود السياسي يعمق مقاطعة إسرائيل عالمياً، ويقولون بأن السلام مع الفلسطينيين مجرد وهم، بل ويقولون انه حان الوقت للتخلص من مسيرة السلام كلياً.
وخلاصة القول، فهناك من يعتبر أن مجرد المفاوضات إنجازات، في الوقت الذي يستولون به على المزيد من الأرض، التي تزرع بالمستوطنات، حتى أن الوكالة اليهودية استولت مؤخراً على خمسة آلاف دونم من أراضي الفلسطينيين في الأغوار، لصالح المستوطنين، في الوقت الذي تهدم فيه مساكن الفلسطينيين، في الأغوار، ويمنعونهم من مواصلة الزراعة في أراضيهم، ويقول مسؤولون فلسطينيون ما هو الحل؟ وما هي الخيارات؟ ويزعمون أنه لا خيارات سوى خيار التفاوض، وهذا منطقي لو كانت المفاوضات جادة، وعلى أساس المرجعيات والاتفاقات والقانون الدولي، وطالما أن إسرائيل تضرب عرض الحائط بالاتفاقيات والمرجعيات والقانون الدولي، فإن الحل كما قلناه في الماضي، وقاله الكثيرون، بأن الحل بحل السلطة الفلسطينية، للمزيد من تعرية إسرائيل أمام العالم، وتحميلها أعباء الاحتلال الاقتصادية والحياتية، والفوضى التي ستحدث، فإسرائيل تريد السلطة لأسباب أمنية حسب اعتراف قادتها العسكريين، إضافة للاقتصادية، ولمنع الضغوط الدولية عليها لفقدان السلام، فعلى القيادة الفلسطينية أن لا يسجل عليها التاريخ أنها ساهمت في إضاعة فلسطين، وأن تبحث بصورة جدية عن حل السلطة، وعن الأبعاد المترتبة عن مثل هذا القرار.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت