"تقرير"بسـام وعلـي أرامـل ولـكن زوجاتهم على قيد الحياة

غزة – وكالة قدس نت للأنباء
لم يتمالك المواطن بسام القاضي (41 عاما) من بئر السبع، ويقيم حاليا بمنزل متواضع شرق مدينة رفح، نفسه من البكاء، عندما داهم منزله الجيش الإسرائيلي في ساعات الفجر واعتقله من بين احضان اطفاله العشرة ، حيث تم وضعه في جيب عسكري مخصص لنقل الفلسطينيين المهجرين من الضفة الغربية واراضي 48 لترحيله الى القطاع، تاركا ابنائه العشرة وزوجته في بئر السبع دون معيل.

كان القاضي قد ترك قطاع غزة مطلع عام 2001 وذهب للعمل داخل اراضي 48، وتنقل بين عدة مدن الى ان استقر عمله في مجال التجارة في بئر السبع، ويقول" تعرفت الى اقارب لنا هناك مقيمين داخل أراضي عرب 48 ، وتزوجت منهم وانجبت عشرة اطفال ، وحصلت على هوية اسرائيلية اقامة وكارت تأمين صحي وكارت معاشات ، واشتريت قطعة ارض وقمت ببناء منزل كامل لي ولأبنائي ولكن تم ترحيلي قبل شهر من دخولي منزلي الجديد ".

وبدأت معاناة القاضي حينما ذهب لتجديد بطاقة الهوية المؤقتة ، وابلغوه وقتها بضرورة مراجعة "الشاباك" الاسرائيلي ، وبدقات قلب قوية وارتعاش للجسد ذهب على الموعد المحدد له ليقابل ضابط "الشاباك" في مقره ببئر السبع ، وتمحور الحديث عن علاقة القاضي بأحد اقاربه المقربين له من غزة ، والذي يعمل في المقاومة الفلسطينية، وبرغم صلة القرابة القوية بين الطرفين ولكن لا تواصل مع بعضهم البعض نظرا لانشغال كل شخص بحياته ، الا ان ذلك لم يقنع الضابط الإسرائيلي.

بل وقف (الضابط) وقال للقاضي مكانة قريبه في المقاومة ومكانته العسكرية والاجتماعية ونوعية السلاح الذي يحمله، وانه يخطط لعملية في نتانيا وفى حال نجحت العملية فسيقوم "الشاباك" بحرق ابناء بسام القاضي.
ورغم تبرير القاضي موقفه وعدم علاقته باي احد من اقاربه القاطنين في قطاع غزة ،الا ان الضابط الإسرائيلي طلب من القاضي محاولة اعادة الاتصال بينه وبين احد اقربائه ليحاول استدراجه للمناطق الحدودية لإلقاء القبض عليه ، فرفض القاضي وعاد لعمله.

تم اعتقال القاضي وعرضه على المحكمة، ورغم اقتناع قاضى المحكمة بمحامي المواطن القاضي الا انه بعد دقائق طلب "الشاباك" جلسة مغلقة مع قاضى المحكمة ليطلعه على ان هذا الامر صدر عسكريا بإبعاده ليخرج قاضى المحكمة بعد ربع ساعة ويوافق على ابعاد القاضي الى قطاع غزة وسحب الهوية منه.

أسباب أمنية..
ويتساءل القاضي ، "أي أسباب أمنية تبعدني عن أطفالي العشرة؟!"، مشيرا الى انه بنى حياته واشترى ارضه وبنى البيت هناك ليعيش حياته سعيدا بين اطفاله وزوجته الا ان قرار المحكمة العنصري دمر حياته وقلب كيانه.

وفى محاولة ضابط "الشاباك" الاخيرة مع القاضي قام باستقباله في الطابق الثالث تحت الارض في معبر بيت حانون "ايرز" شمال قطاع غزة، ويقول القاضي " قابلني ضابط "شاباك" جديد وحاول تهدئتي ، محاولا مساعدتي على ان اعود لأطفالي مقابل التعاون في القبض على احد أقاربي لكن رفضت، فنفر مني وطلب مني اخذ بصمة الصوت داخل غرفة مغلقة ومن ثم توجهت لغزة".

وبعد تنهيدة طويلة من القاضي يقول " جئت لغزة ومنذ سنوات احاول العودة ولكن لا امتلك تكاليف المحامي الذي يحتاج عدة جلسات للمتابعة في المحاكم ".

وبعد حصول زوجته وابنائه على تصريح زيارة لوالدهم بغزة ، رفض المواطن القاضي قدوم عائلته لغزة نظرا للأوضاع الاقتصادية الصعبة في القطاع ، وعدم قدرته على تلبية احتياجات ابنائه العشرة في حال قدومهم.

وبعد اشهر عديدة اعتقل رجل المقاومة الذي يرتبط بقرابة قوية مع القاضي والذي ساومه "الشاباك" عليه ، وذلك بعد اقتحام الجيش الإسرائيلي لمنطقة تواجد بها ، حيث هدم عدة بيوت وصولا لاعتقاله.

ويضيف القاضي " اعيش في غزة في بيت صغير ولا يوجد لي عمل مناسب ولا حياة تناسبني مقارنة بالحياة التي كنت اعيشها بين اطفالى عند عرب ال 48".

ويعيش القاضي بعيدا عن اقاربه واخوانه في بيت برفقة والدته ، ويقضى يومه في التفكير في اطفاله العشرة، متمنيا ان يعود اليهم ليحمل احلامهم ويخفف آلامهم ويساعدهم على حياة كريمة.

ويناشد القاضي الشؤون المدنية بالسلطة الفلسطينية بمتابعة ملف العائلات المشتتة بين غزة والضفة الغربية واراضي 48 ووضعها على سلم الأولويات من اجل حل هذه القضية وجمع شمل العائلات.

ولم تختلف قصة القاضي عن صديقه علي ابو عاذرة (40 عاما) الذي خرج من غزة باتجاه أراضي 48 عام 2000 وتزوج هناك من احدى قريباته عام 2001 وحصل على هوية اسرائيلية . ويقول " عملت في مجال التجارة وانجبت اربع ابناء واشتريت قطعة ارض وقمت ببناء منزلي عليها في فترة قصيرة منذ دخولي هناك".

ويضيف ابو عاذرة "تفاجئت عندما ذهب لتجديد الهوية برفض تجديدها وإبلاغي بانه سيتم إبعادي لغزة رغم اننى مقيم هناك منذ عام 2000 وذلك قبل صدور قرار اسرائيل بمنع لم الشمل عام 2002، وتم إبعادي على غزة عام 2008 وتركت خلفي أبنائي وزوجتي وبيتي ".

وأجريت عملية لطفلة ابو عاذرة الصغرى ورفضت اجراء العملية الا بعد الحديث مع والدها ووجوده جانبها ، وحالت الظروف دون ذلك فبقى على اتصال مع العائلة كل لحظة وقلبه يعتصر ألما على طفلته الصغرى.

ويختم حديثه قائلا" حسد المعيشة من قبل عملاء الاحتلال داخل مناطق عرب ال 48 هو السبب الوحيد لإبعادي لغزة ، لأنه خلال فترة تواجدي هناك اشتريت ارضا وبنيت بيتي خلال اقل من سنة نتيجة جهدي في العمل، وحينما عرف احد عملاء الاحتلال هناك بقصتي وإنجازي قال لي " شريت ارض وبنيت بيت خلال سنة بسرعة " ثم حلف بعدها ان لن يكون لي بقاء هنا بعد شهرين ، وبالفعل تم إبعادي بعد شهرين من هناك".

وتبقى قضية العائلات المشتتة ملف يدرج لدائرة المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية، للعمل على حل مشكلاتهم ولم شملهم بعائلاتهم سواء في الضفة الغربية وأراضي 48.

وتؤكد تهاني قاسم منسقة المشاريع لمؤسسة الابحاث والاستشارات القانونية للمرأة ان" عدد العائلات المشتتة المتواجدة في قطاع غزة 50 عائلة مشتتة ما بين نساء ورجال "، وتقول" هناك عائلات ابنائهم في غزة وهناك زوجات مقيمات بغزة ازواجهم داخل الضفة وعرب ال 48 ."

وتضيف " نعمل على هذا المشروع مع ثلاث مؤسسات في الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك ضمن مشروع العائلات المشتتة في ظل تنازع التشريعات ، ونحاول رفع ملف هذه العائلات للمفاوضين الفلسطينيين لمحاولة لم شمل هذه العائلات لأنها تركت اثار سلبية على هذه العائلات في المجال الصحي والتعليمي وعلى اطفالهم ".


تقرير : اسامة الكحلوت