الرئيس محمود عباس تبادل الرسائل مع غزة لا يكفيم.

بقلم: عماد عبد الحميد الفالوجي


لا يختلف عاقلان أن الأوضاع في قطاع غزة تسير نحو الأسوأ وهو أكثر المتأثرين سلبا بالمتغيرات الإقليمية المجاورة له ، ويعيش قطاع غزة هذه الأيام أزمات متلاحقة لم تعد خافية على المراقبين ولعل أهمها إغلاق معبر رفح – المنفذ الوحيد لسكان قطاع غزة مع العالم الخارجي – بعد قرار السلطات الإسرائيلية منذ سنوات برفض السماح لسكان قطاع غزة من المرور عير أراضيها وكذلك انقطاع التيار الكهربائي بشكل يومي ومتواصل عن قطاع غزة لأسباب معروفة وكذلك الوضع الاقتصادي ومشاكل البطالة المتفاقمة والخريجين وغيرها من الأزمات المركبة التي يعاني منها قطاع غزة .

ولعل أحد أهم استمرار هذه المعاناة وتفاقمها هو استمرار حالة الانقسام الأسود بين شقي السلطة وتباعد الفعل المشترك بينهما وتنامي حالة من انعدام الثقة والخلافات بين الطرفين مما أدى الى نشوء حالة فلسطينية شاذة ساهمت في شرذمة الفعل الفلسطيني وتعددت التحالفات والمصالح بين الطرفين وساهم في تعزيز ذلك وجود أعداء للشعب الفلسطيني عمل على تغذية الخلافات وتضخيمها لدى الفريقين .

وبعيدا عن حالة التشخيص التي أصبح يعرفها كل مبتدئ في علم السياسة فإن المتغيرات الجديدة في المنطقة عكست ذاتها على التفكير وطريقة التعاطي مع الانقسام وتولد لأول مرة بشكل جدي ثقافة متنامية بين طرفي الانقسام أن استمرار الانقسام سيدعم أعداء شعبنا لمزيد من الضغط والقهر ضد كل ما هو فلسطيني بشكل عام ولذلك بدأنا نسمع مبادرات جدية حول ضرورة تحقيق الشراكة السياسية الفلسطينية ودعوات للرئيس محمود عباس للتحرك تجاه غزة أو دعوة الدكتور رامي الحمد الله لإشراك قطاع غزة خلال مشاوراته لتشكيل حكومته ، دعوات أطلقتها شخصيات متنفذة في قطاع غزة ولكنها للأسف لم تجد صدى جدي لها .

الرئيس محمود عباس في المقابل تحدث عن قطاع غزة بأنه جزء أصيل من الدولة الفلسطينية وحركة حماس جزء أصيل من الشعب الفلسطيني ولا يعمل على إقصاء أحد من المعادلة الفلسطينية وتحرك تجاه حل مشكلة جزئية تخص طلبة القطاع الراغبين بالسفر وحل جزئي لمشكلة الوقود اللازم لمحطة توليد كهرباء غزة ولكن هل هذا التحرك كاف وينسجم مع المتطلبات اللازمة للخروج من الأزمات المتلاحقة التي يواجهها قطاع غزة والتي تنعكس سلبا على مجمل القضية الفلسطينية ؟ .

هل يمكن الركون الى بعض من يعتقد أنه لابد من ضرب قطاع غزة والعمل على انهياره تماما حتى يحلو لهذا البعض أن يعود للاهتمام بقطاع غزة بطريقته الخاصة ؟ هل انهيار قطاع غزة يصب في مصلحة القضية الفلسطينية ؟ وهل سلب قطاع غزة لقوته الذاتية والعمل على إضعافه هو مصلحة فلسطينية ؟

إن فشل تحقيق الوفاق الوطني الشامل قد يعود أحد أسبابه هو فشل الأدوات المستخدمة لتحقيق هذا الهدف إذ لا يجوز أن يستمر في حمل هذا الملف شخصيات فشلت في تحقيق تقدم حقيقي فيه طيلة هذه السنوات العجاف ، ونحن هنا في قطاع غزة نؤكد أننا نلمس جدية في إمكانية تحقيق الوفاق الوطني لو طبق الجميع على أرض الواقع حقيقة تصريحاته التي يطلقها في المناسبات فقط .

الرئيس محمود عباس بحكم صلاحياته هو المسئول الأول عن حياة الشعب الفلسطيني ومستقبله ومن هذا المنطلق هو المطالب بالتحرك بقوة أكثر تجاه كل المبادرات الإيجابية التي انطلقت من قطاع غزة دون الالتفات الى المشككين بجدية هذه المبادرات أو المحللين لها بشكل سلبي ، لأنه ليس وطنيا صادقا من يعمل على انهيار شعبه ليحقق مصالحة وطنية ، بل الوفاق الوطني يتطلب قوة كل الأطراف لأن في ذلك تعزيزا لمواجهة عدونا الحقيقي والوحيد وهو الاحتلال ولا عدو آخر لشعبنا سوى الاحتلال .

لا تكفي توجيه الرسائل والوفود الى قطاع غزة بل الاستجابة لمتطلبات الأمر الواقع دون الانتظار لتحقيق هزيمة او انتصار بل التوافق الوطني المستند على احترام الفسيفساء الفلسطينية لأنه لا أحد يستطيع إقصاء أي طرف فلسطيني مهما كبر حجمه أو صغر .

الكل هنا في قطاع غزة ينتظر مبادرة جريئة وقوية ومباشرة دون انتظار أي طرف خارج الحدود الفلسطينية لإنقاذ الحال الفلسطيني وعدم الشماتة فيما يحدث لبعضنا ، أطراف من المجتمع المدني تتحرك بجدية ولكنها تتباطأ لإحساسها بعدم جدية صاحب القرار في التقدم وهناك من يربطها في المفاوضات الجارية مع الجانب الإسرائيلي ووجود فيتو أمريكي على تحقيق الوفاق الوطني الفلسطيني وكأن أمريكا صديق لشعبنا وقضيته .
أنا شخصيا لن استخدم بعد اليوم مصطلح " المصالحة الفلسطينية " بل سأستبدله لمصطلح " الوفاق الفلسطيني " .

م. عمـــاد عبــد الحمــيد الفـــالوجي
رئيس مركز آدم لحوار الحضارات

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت