لنتأمل الواقع الحالي للقضية الفلسطينية كمتغير تابع ضمن معادلة معقدة في المنطقة العربية فإنعكاسات التأثير بين القضية الفلسطينية طردية مع الدول والانظمة العربية وإن كان هذا التأثر يتباطئ أحيانا في المدة والتحفيز ، فأي نظام عربي قد يتأثر من القضية الفلسطينية نتيجة الروابط العرقية والدينية فلذلك قد تستغل هذه الانظمة القضية الفلسطينية كشعار تحفيزي لشعوبها أحيانا ً وأحياناً أخرى تخشى من غضب شعوبها جراء الإعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينين .
إن دوافع الولايات المتحدة لتفعيل المفاوضات لا ينبع من قرار إنساني أو قانوني أو خلافه وإنما هو قرار إستراتيجي بإمتياز فالمنطقة العربية تظهر فيها بوضوح أثار أقدام الدب الروسي في المنطقة وظهر جلياً في الملف السوري والمصري ويفرض على الولايات المتحدة واقعاً جديداً للحفاظ على حصتها من روسيا في المنطقة لذلك تسعى الولايات المتحدة إلى التأكيد على دورها السلطوي في العالم وتؤكد على انها ذات اليد العليا في شتى المجالات، فالمنطقة العربية ما بعد ما سمي (بالربيع العربي ) أضحت الدول العربية مقسمة إلى عدة تصنيفات من ناحية الإستقرار أو التبعية السياسية فيما يسمى إشارة المرور السياسية فمنطقة الخليج العربي ذات اللون (الأخضر ) التابعة ضمناً وعرفاً للولايات المتحدة الأمريكة يظهر فيها الإستقرار السياسي والإقتصادي بكل وضوح سوى إختلاق العدو الوهمي الذي صنعته الولايات المتحدة والمتمثل في إيران رغم ما قد يظهر مستقبلا من هذه الدول للتنبه لسياسة دول الخليج تجاه الولايات المتحدة التي قد تأخذ منطقاً حذراً ، ويصنف أيضا المنطقة العربية ذات اللون (الأصفر) وهي دول المغرب العربي والمرشحة للتوتر طالما لم تتماشي مع السياسة الامريكية ، أما تصنيف المنطقة الثالثة ذات اللون (الأحمر ) الدال على التقلبات السياسية المستمرة والمتواصلة تبدأ من العراق ولبنان وفلسطين وسوريا وليبيا حديثا ، فقضية فلسطين هي قضية العرب المركزية على مدار قرن من الزمان حيث أصبحت شعاراً يتردد مع كل ولادة أي نظام عربي او إسلامي في المنطقة ومع أفول بعض الانظمة السياسية والمنظومة المؤسساتية في هذه البلاد أصبح الشغل الشاغل لأي بلد عربي هو أن ينهض من جديد ليصبح بمقومات الدولة التي كان عليه قبل ما يسمى بالربيع العربي الذي خلف الدمار والضحايا في هذه الدول سواء كانت هذه الثورات مؤامرة أو كانت ضغطا شعبيا ذو تأثير سلبي وعكسي على هذه الشعوب نتيجة لفشل تطبيق الديموقراطية لشعوب لا تجد قوت يومها اوأنها لا تطبق أي مفهوم سياسي سليم في هذه الدول وإن كانت الولايات المتحدة التي تنادي بالديموقراطية ويخلو دستورها من كلمة الديموقراطية أصلا ً .
إن الواقع المرير اليوم يثبت أن مطمع القوى العظمى في الدول العربية لا ينتهي عند سلب خيرات البلاد وثرواتها بل يتعدى ذلك أن تفرض عليه تقرير مصيره وإختياراته السياسية فلذا فأن الولايات المتحدة حين تطرح الحل السلمي المتمثل بخيار المفاوضات تطرحه برؤية أمريكية قائم على المصالح الأمريكية والإسرائيلية وإن ما سيقدم على صورة تنازلات مؤلمة من الجانب الإسرائيلي قد لا يرقى بما يطمح به الشعب الفلسطيني من حقوقه كافة والمرغم على قبول هذه الإطروحات في ظل العجز العربي وتراجع الدعم العربي والإسلامي للقضية الفلسطينية ، بالإضافة إلى المشكلة الفلسطينية المتمثلة في الإنقسام الذي يسبب حالة من العجز السياسي والاخلاقي والتراجع على مستوى الثوابت الوطنيةو القضايا المركزية للشعب الفلسطيني كإقامة الفلسطينة على حدود العام 1967وعاصمتها القدس الشرقية وعودة اللاجئين وتحرير الأسرى .
على أي حال لا أرى أي نقيصة في القيادة الفلسطينة في الرهان على المفاوضات رغم ما يدعيه البعض من عدم جدواها بالرغم من ان وجوده الحالي كان بفضل اتفاق أوسلو وتحركه في العالم بفضل جواز سفر يعمل ضمن اتفاقية اوسلو، فالرهان على المفاوضات كأن تبقى محارباً مثل ( دون كيشوت ) أفضل من أن تكون (شمشوم ) هالك لأن شعبنا يحتاج إلى إنجازات التي قد تحقن دمائه ولا تكلفه سوى بعض الأعباء السياسية أو إجراءات امنية أو على أسوء الاحوال أن يكون هذا حل القضية الفلسطينية على حساب قضية عربية او إقليمية ، فما يراه الشعب الفلسطيني في المفاوضات يحتاج إلى أجندات من القيادة الفلسطينية لأنتزاع أكبر كم من الانجازات السياسة والإقتصادية والأمنية لان هذا التفويض بالمفاوضات منة من الشعب إلى القيادة طالمت لم تفرط في الثوابت والقضايا المركزية والمطالب المشروعة للشعب الفلسطيني التي تبدأ بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين وتحرير الأرض والإنسان .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت