المنطقة تغلي والوضع قابل للإنفجار

بقلم: راسم عبيدات


....... من الواضح على الصعيد الفلسطيني وعلى صعيد جبهة الصراع مع الإحتلال الصهيوني،بأنه رغم العودة الفلسطينية للمفاوضات،والتي جرت خارج وخروجاً عن قرارات المؤسسات الرسمية الفلسطينية لمنظمة التحرير الفلسطينية( اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي)،فإن تلك العودة للمفاوضات،لم تحقق أي إختراق جدي على صعيد تقديم اسرائيل أي تنازل جوهري أو جدي،يلامس حتى الحدود الدنيا من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني (دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران)،فإسرائيل خلقت معادلة جديدة قبل بها الطرف الفلسطيني المفاوض،وهي معادلة أسرى مقابل الإستيطان،وبالفعل جرى إطلاق سراح الدفعة الأولى من الأسرى القدماء (26) أسيراً،من أسرى ما قبل اوسلو أل (104) ،وبالمقابل جرى طرح عطاءات ومشاريع لإقامة الآلاف الوحدات الإستيطانية في القدس والضفة الغربية،ولم تلتزم اسرائيل بأي وقف أو تجميد لأنشطتها الإستيطانية،وهي لم تكتفي بذلك،بل بكل عنجهية وغطرسة تريد ان تشرعن عملية تقسيم المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً بين المسلمين أصحاب الحق الشرعي والحصري في هذا المكان المقدس وبين المستوطنين الدخلاء،حيث شهدنا مسلسلاً من الإقتحامات المتكررة واليومية من قبل مئات المستوطنين للمسجد الأقصى وإقامة الصلوات التلمودية والتوراتية في ساحاته،بالإضافة الى الأفعال والأعمال الفاضحة واللا أخلاقية والمتنافيه مع قدسية هذا المكان.
وطبعا كل ذلك جرى ويجري بحماية شرطة الإحتلال وجنوده ومخابراته،وبمشاركه من قادته السياسيين من مختلف الأحزاب الصهيونية،ولم يتم الإكتفاء بذلك بل جرت نقاشات ومداولات وبحضور ممثلين عن المستوطنين في الكنيست والمحاكم الإسرائيلية،من اجل تشريع صلوات المستوطنين في المسجد الأقصى المبارك،بإعتباره أقدس مكان لليهود على حد زعمهم "بيت الرب وجبل الهيكل"،وكذلك نشهد تصعيداً غير مسبوق من بلطجة وعربدة للمستوطنين ضد سكان القدس،حيث الإعتداءات طالت اكثر من مقدسي بالضرب على خلفية عنصرية،وكذلك عمليات الإعتقال بحق المقدسين المتصدين لمحاولات طردهم وتهجيرهم والمدافعين عن أقصاهم،تجري بشكل يومي وممنهج،وتطال حتى الأطفال وطلبة المدارس،ناهيك عن الإعتداءات على ممتلكاتهم من بيوت وسيارات وغيرها والتي كان آخرها الإعتداء على ست سيارات عربية في منطقة الشيخ جراح من قبل ما يسمى بمنظمة "جباة الثمن" الإرهابية،والتي تمارس إرهابها دون أن تجري أي عملية اعتقال او محاسبة لأفرادها،رغم ان الكاميرات في حي الشيخ جراح،تظهر بشكل واضح هؤلاء المعتدين،وهذا التصعيد يترافق مع تصعيد آخر، من خلال زيادة وتائر الاستيطان والإعتداءات على الفلسطينيين في الضفة الغربية،وشهدنا ذلك في منطقة الأغوار،حتى ان الوفد الدبلوماسي الأوروبي الذي كان يحاول ايصال المواد الغذائية لأهالي خربة "مكحول" تعرض للضرب والإعتداء من قبل جنود الإحتلال،وشاهدنا كيف تم الإعتداء على الدبلوماسية الفرنسية التي حملت مساعدات إنسانية وإغاثية لأهالي تلك الخربة، وتلك الجرائم والممارسات الإسرائيلية خلقت ردود فعل في الساحة الفلسطينية،حيث الجماهير الفلسطينية شعرت بأن تلك المفاوضات أصبحت اكثر من عبثية،وتحول المفاوضون فيها الى مقاولين ومتعهدين للمفاوضات،وهي أقصى ما سينتج عنها دويلة فلسطينية في حدود مؤقتة،مع شرعنة وتأبيد للإحتلال،حيث يجري الحديث عن سلام إقتصادي،أي ما طرحه نتنياهو،وهو ما يعمل على تطبيقه كيري والأوروبيين مساعدات اقتصادية وزيادة تصاريح عمل للعمال الفلسطينيين في القدس والداخل الفلسطيني ومشاريع خدماتية،أي مقايضة للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني،بتحسين شروط وظروف حياتهم الإقتصادية تحت الإحتلال،واستشعار هذا الخطر الداهم دفع العديد من القوى والفعاليات الفلسطينية،للقيام بتحركات جدية من اجل وقف المفاوضات كخيار ونهج،والتوجه للبحث عن بدائل توحد كل الوان الطيف السياسي الفلسطيني حولها،وكذلك في إطار الرد على غطرسة المستوطنين وبطشهم وكذلك ما تقوم به قوات الإحتلال من عمليات قتل واعتقالات واجراءات وممارسات قمعية بحق الشعب الفلسطيني،خلقت ردود فعل فلسطينية على ذلك،حيث تمت عملية قتل جنديين اسرائيليين في قلقيلة والخليل،وفي الوقت الذي كان مطلوباً من السلطة الفلسطينية،ان تتقبل كل ما تقوم به حكومة الإحتلال ومستوطنيها وجنودها من إعتداءات وإجراءات وممارسات قمعية بحق شعبها وعدم الإنسحاب من المفاوضات،حتى ان الطرف الفلسطيني استمر في جلسة المفاوضات،رغم استشهاد ثلاثة شبان فلسطينيين في مخيم قلنديا بنيران القوات الخاصة الإسرائيلية،ولكن حكومة الإحتلال ولأن الدم الصهيوني "أغلى كثيرا" من الدم العربي الرخيص،فإنها رأت بذلك مبرراً وذريعة لها لكي تتخذ إجراءات أكثر قسوة بحق الفلسطينيين،في مقدمتها السماح للمستوطنين بالإستيلاء على بيت الرجبي في الخليل وتصعيد الاستيطان في الضفة الغربية والقدس وتكثيف الاقتحامات للمسجد الأقصى،ودراسة وقف إطلاق سراح الدفعة الثانية من الأسرى،رداً على ان ما حدث ينم عن ان السلطة سلوكها لم يكن بالجيد والمرضي.
أي هراء وإسفاف هذا وأية مفاوضات هذه؟؟ هذه مفاوضات فيها من الإذلال وإمتهان الكرامة الشيء الكثير،ألم يحن الوقت لكي نوقف هذا العبث المدمر؟؟،يحتلون البلاد ويذلون العباد،ويمارسون أبشع انواع الجرائم والممارسات العنصرية بحقه،ويردونه ان يصفق ويمتدح هذا الإحتلال؟ هل حدث مثل هذا في أي تاريخ بشري....؟؟؟
كل الدلائل والمعطيات،تشير بان الإنفجار قادم،فالشعب الفلسطيني،ضاق ذرعاً بالإحتلال وممارساته،وايضا ضاق ذرعاً من هذه السلطة التي ل اتحرك ساكناً تجاه ما يتعرض له شعبها،حتى أضعف الإيمان لا تقوم به،فلتذهب هذه المفاوضات الى الجحيم،إذا كان ثمنها تابيد وشرعنة الإحتلال،ولتذهب معها هذه السلطة التي لم تعد اكثر من مشروع استثماري للبعض ليس اكثر،والإحتلال لا يريد منها سوى ان تعمل شرطي عنده،فما يهمه من بقاء هذه السلطة هو التنسيق الأمني ليس اكثر.

القدس – فلسطين
23/9/2013
0524533879

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت