عندما لا تشعر بالأمن والأمان ، وعندما ترى وتسمع أموراً يشيب لها الولدان ، وعندما تشعر بالفقر والحرمان ، وتحس بأن الظلام يعم المكان ، وأن الناس تعيش في حالة من الهذيان ، وأن الظلم أصبح منتشراً فى كل مكان ، وأن الكذب والغش والخداع أصبح على كل لسان ، وأن الكبير لا يوقر ولا يحترم ، والمثقف يُستدعى ويهان ، والصغير يُحلق شعره ويضرب في كبرياءه من السجان .
عندما ترى العلماء يحطون من قدرهم وهم من المفترض أن يكونوا من أخشى الناس لربهم ، وعندما ترى الفتاوي تفصل بالمقاس لخلق الفتنة والإفساد بين الناس ، عندما ينتشر الفساد وظلم العباد والتفنن في الكذب على رؤوس الأشهاد .
إذا حدث ذلك كله ، فاعلم أن هذا الأمر ليس جله ، وأن هذا ما هو إلا قمة جبل الجليد ، وأن هذا لم يعد ينفع معه التهديد والوعيد ، وأن هذا الشعب لن يرضى بعد اليوم أن يعيش عيشة العبيد .
يسألونك بعد كل هذا العهر والظلم لماذا تتمردون ، يكذبون عليك بكل وقاحة ويقولون هذه هي الجنة التي توعدون ، هذه هي الحرية التي تتمنون ، ومن يخالفنا حتماً فهو من المتآمرون وسنضرب بيد من حديد على يد العابثون.
ولأن التمرد هو حالة ثورية على الرداءة والسكون ولأن التمرد في حالتنا الغزاوية هو حالة من الإصطفاف حيث العدل والحق يكون ، وبعد ذلك تسألون ... لماذا تتمردون ؟!!!!
ولماذا لا نتمرد وقد وعدتمونا بالتغيير وحرية التعبير وبعدما وصلتم للحكم أسرفتم في بالتنكيل وكممتم أفواه المعارضين ودُستم على كرامات المثقفين ، وقمعتم التظاهرات وتفننتم في الكذب أمام الفضائيات ، ولعبتم دور الضحية وأنتم الجلاد .
ولماذا لا نتمرد وقد وعدتمونا بالإصلاح والتقوى والفلاح ، وعدتمونا بالقضاء على الفساد ونهب العباد ، فلما آلت إليكم الأمور ، تكشف بعض ما أخفيتم وبدأ في الظهور ، فلقد إنتشر الفساد والنهب والقتل وتشويه السمعة قد إزداد ، وبعد أن كان لدينا أثرياء يُعدون على أصابع اليد ، زاد ثرائكم ومن والكم عن الحد ، وأصبح عددهم لا يُحصى ولا يُعد ، والسؤال الذي يتبادر إلى ذهن كل ذي عقل هل إنعكس كل ثرائكم هذا على المواطن أم أن الهم والحزن والفقر ما يزال ساكن ؟؟!! ، لن أجيب على هذا السؤال فأنتم تعرفون الإجابة . لقد شاركتم الناس في أرزاقهم وأفسدتم عليهم أفراحهم ولقد زدتم الأعباء لنهب جيوب الفقراء ، هذا هو حالكم معنا نحن معشر البسطاء .
ولماذا لا نتمرد بعدما قتلتم ما قتلتم من المسلمين ، بعدما تاجرتم بنا بإسم الدين ، وعرضتمونا كبضاعة في سوق النخاسين ، تارة ترهنوننا لدمشق وطهران وتارة أخرى لقطر وتركيا والأخوان ، وبعد ذلك تسألون ... لماذا تتمردون ؟؟!!.
ولماذا لا نتمرد ولقد دب الجند والعسكر ، واستعرضوا السلاح وما هو أخطر ، في رسالة مزوجة وربما أكثر ، رسالة داخلية إلى شعبنا المقهور بأنهم سيمنعون أي تمرد من الظهور ، وفي الرسالة الثانية أُخذ الشعب رهينة لأهواء فئة قليلة ، تتدخل في شئون الغير ، فقولوا لي بالله عليكم هل يتوقعون بعد ذلك الخير ، وبعد ذلك تسألون .... لماذا تتمردون ؟؟!!!
ولماذا لا نتمرد والبطالة تنتشر كالنار في الهشيم وأنتم عنها غافلين ، الناس تعيش في كبد وأنتم تعيشون في رغد ، هناك بيوت لا يسترها إلا الأبواب وأنتم تبنون قصوراً تخلب الألباب ، وبعد ذلك تسألون .... لماذا تتمردون ؟؟!!!
ولماذا لا نتمرد والشباب في عمر الورود تنتحر ، هم وأحلامهم وطموحاتهم إلى القبر ، وبعدما أصبحت ثقافة القتل تنتشر ، أضحى دم المسلم على المسلم حلال والذي أرقتموه بكل تفاخر واستسهال ، وبعد ذلك تسألون .. لماذا تتمردون ؟؟!!!
ولماذا لا نتمرد والكهرباء كل يوم مقطوعة وقائمة الحلول عندكم معدومة ، ومشاركة الجميع في إدارة هذا الملف ممنوعة ، وعصاكم على ظهورنا موضوعة ، وظلمكم يحتاج إلى موسوعة ، وكيف تحسون بمعاناتنا والكهرباء عنكم لا تنقطع ؟!! ، ويبدو أن التقارير عن معاناة الناس لا ترتفع ، أو أنكم تتغافلون عن هذا الوضع ، ويخرج علينا ناطقوكم ولا يخجلون بالقول بأن علينا الدفع ، علينا أن ندفع ثمن الكهرباء التي لا نراها والتي أصبحنا نتغني في عشقها وهواها .. وبعد ذلك تسألون لماذا تتمردون ؟؟!!!
ولماذا لا نتمرد من أجل المصالحة الوطنية من أجل الحفاظ على الهوية ، لنحافظ على ما تبقى لنا من قدسنا الأبية ، لنحمي مسرى نبينا من هذه الشرذمة الإرهابية والتي تُعد المكائد وتبيت سوء النية ، حيث تنفذ مخططاتها بتفنن وروية ، تستغل تشتتنا وتشرذمنا كي تعمد لتصفية القضية وبعد ذلك تسألون .. لماذا تتمردون ؟؟!!!
يا أيها الساسة المتخاصمون ، أما آن وقت التلاقي والذهاب إلى حوار راقي ...
أما آن وقت التلاقي ، أم أن هذا العهر سيظل باقي ...
أما آن وقت التلاقي أم قد حكم على المصالحة بالطلاقِ ... إذا كان كذلك فلا تسألونا .. لماذا تتمردون ؟؟!!!
لا تسألوني بعد كل هذه الأسباب ... بعدما قدمت شذراً يسيراً من جرد الحساب .. لماذا تتمردون ؟؟
وأختم واضعاً النقاط على الحروف وأعلنها بكل صراحة بأنني لن أكون كالخروف ، إنني أنا المذبوح أعلاه أنظم إلى قائمة المتمردين إلى قائمة الثائرين لعلي أكون معولاَ من معاول كنس الظلم والظالمين .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت