أستاذي مصطفى الفقي ،لم يكن توفيق الحكيم وحده ..!!

بقلم: حامد أبوعمرة

إذا كان الكاتب والأديب الراحل توفيق الحكيم احد المفكرين الكبار ،والذين أحمل لهم في قلبي كل احترام وتقدير ،أنه كانت له مواقف غريبة ،ومتناقضة في سياسة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ،ففي حياة الزعيم كان توفيق الحكيم من أشد الكتاب والأدباء المصريين الذين أعجبوا بعبد الناصر .. والذين أشادوا به كشخصية قيادية وبسياساته الحكيمة وبقوة شخصيته إلا أن موقفه ذلك أي توفيق الحكيم قد تغيرت كل مفاهيمه وأنظمته القائمة على أبنية فكر ،وعلى تحمسه بأعمال عبد الناصر التي كانت في راؤه يوما إنجازات عظيمة لقائد مصري عظيم ، لكن ذلك قد تغير إلى النقيض تماما بعد ممات الزعيم الراحل وبدت مقالاته تنحو مجالا أخر جديد فبدأ ينتقض سياساته وأيديولوجيته وبل ويهاجمها ،لتتغير ملامح الصورة العظيمة اللامعة ،والناصعة البياض لعبد الناصر في نظره إلى صورة ظلامية.. مكفهرة توارت ملامحها خلف جدران الهزيمة ..هزيمة يونيو 1967 ،وفي حنايا قانون الإصلاح الزراعي في مصر الذي انتزع الملكية وفتت الشمل كما قيل ،وذابت تلك الصورة بظلالها وسط تيارات السد العالي المائية ،حتى غابت تلك الصورة على مرافئ قناة السويس لحظة اتخاذ قرار التأمين للقناة تلك الخطوة التي لا داعي لها كما أشيع ،حقيقة إذا كانت تلك هي نظرة أحد مفكري الدولة المصرية في عصرها الذهبي ،فما بالنا اليوم بنظرة البسطاء والعوام بالنسبة عن الرؤساء ،والحكام وأصحاب القرار ..حقيقة انتقادي الوحيد ليس لفكر وأعمال الأديب الكبير توفيق الحكيم ،وإنما انتقادي هو لشخصه، وأني كنت سأحترمه جدا لو كانت نظرته للزعيم جمال عبد الناصر في حياته ،هي ذات النظرة له بعد رحيله بل أشد ..!!

فتلك هي قمة السلوكيات الأدبية من الجانب الإنساني ،وقمة الانتماء الايجابي، تجاه من هللنا لهم يوما ومن هم الذين أوسمونا أرقى ،وأرفع النياشين ..لكن ما أكثر الذين هم على درب الحكيم سائرون في حياتنا العامة أو معتركات الحياة السياسية أو الاجتماعية أو الثقافية ، ، أما نحن كمثقفين وكأشباه مثقفين اليوم فأيديولوجياتنا الحديثة في عصر الانترنت ،وعالم الفيس بوك ..،وحياتنا الاجتماعية مبنية على قاعدة واحدة "عاش الملك ..مات الملك " !!ولكن بصورة مصغره ..وما أعنيه من هذي المقولة الشائعة هو الشعور باللامبالاة بمن يحيا ،ومن يموت وبمن يقدم لنا العسل المصفى وبمن يدس لنا السم في العسل .. وهوشعور يجسد النفاق لأن ما كان نعظمه بالأمس قد رحل ،وبكل بساطه ينتقل ذاك الشعور الموروث لمن خلفه وليس معنى ذلك كما يقول البعض أن تلك المقولة تجسد أن الشعوب تنسى ملوكها الأموات ..!! وإلا ماذا نفسر برأيي الغير ملزم دائما.. أن العوام برغم جهلهم وبساطتهم ،هم أكثر منا جميعا إنسانية ورحمة وشفقة وانتماءا ..لأنهم هم وحدهم الذين عندما يفقدون العظماء يبكون دما لا دمعا ،ولأنهم هم الذين يتجرعون مرارة فراق أولئك العظماء ،ولهم موقفا ثابتا في تقديراتهم واحتراماتهم ،فيعيشون على أطلال ذكرياتهم ، وتخليدهم مهما حاول المؤرخون تزييف الحقائق ومهما تنصل التاريخ من إيضاح الحقيقة ومهما أشاع الواشون ..!!

إذا هي حقا جهالة منا.. وإسفاف لأننا نعلم من هم المحيطون بنا جيدا من حكام ..وساسة.. وكبار المسئولين ،ومع ذلك نرتمي في أحضان أكاذيبهم وخداعهم ،وننسجم معها ،ونعيش في جنباتها ،بل وندافع عنهم بقوة ، ولا نجرؤ أن نفضح الأمر إلا بعد رحيلهم ..بكل أسف هي جهالة وليس جهل لأن الجهلاء قد ارتقوا عنا بكثير لكن حالتنا السائدة اليوم ..هي حالة سلوكية مخزية لما اعترتها من جبن بضم الجيم والباء لا سكونها ، وبالخذلان ..!!