كغيري من الاصدقاء المتابعين لأوضاع الصحافيين العاملين في وكالة معاً في مكتب غزة، لم أفاجأ و كنت متوقع ارتكابها جريمة الفصل التعسفي والمهين للصحافيين فيها، لم يكن تنبئ مني، انما توقع للإحداث الجارية وطريقة تعاملهم مع العاملين الذين كانوا يتوقعون تلك النتيجة أيضاً، وعلمهم بان بعض المسؤولين فيها كانوا ينتظروا أي فرصة او خطأ ترتكبه حكومة حماس لوقفهم عن العمل، وإغلاق المكتب وتسريح العاملين والتخلص من مشكلاته.
كما ان المسؤولين في معاً كانوا يديروا المشكلات والأزمات التي كانت بين الوكالة و حكومة حماس قبل و بعد اغلاقها مكتب الوكالة في غزة، بعدم الاهتمام والإهمال للصحافيين العاملين في المكتب، ويتركوا الصحافيين يحلوا مشكلاتهم منفردين وبشكل شخصي.
معاً تعاملت طوال الوقت بدونية مع العاملين فيها، وكانت اخر فصول تلك الدونية الطريقة المهينة لفصلهم التعسفي من دون أي احساس بالمسؤولية الاخلاقية والوطنية، او حتى رد الجميل لمعاناة الصحافيين، وتقديراً لعملهم الصحافي الرائع في الوكالة وتغطيتهم الاخبار والأحداث الحساسة، والتي خلقت لهم الكثير من الاشكالات والملاحقات على المستوى الشخصي.
المعلومات كانت واضحة عن نية معاً منذ زمن تقليص عدد العاملين فيها، وحتى فصلهم وإغلاق مكتبها في غزة، وإحساس العاملين فيها قائم و التمييز العنصري من بعض المسؤولين فيها ضد غزة، وهاجسهم الدائم الذي لم يخفوه من خلال المعاملة والتهميش وعدم الاهتمام بقضاياهم ومشكلاتها.
معاً منذ افتتاح مكتبها في غزة في العام 2005، اتبعت سياسة مهينة ومعيبة وغير قانونية بحق العاملين فيها والتنصل من التزاماتها القانونية، حيث كانت تقوم بتجديد عقودهم كل ثلاثة أعوام، وفي نهاية العام الثالث تفسخ العقد بينها وبين العاملين، وتسريحهم و منحهم حقوقهم، ومن ثم تبرم عقد جديد معهم حتى لا تتحمل معاً عبئ مستحقاتهم التي تزداد مع سنوات عمل الصحافيين، وكي لا يكلفها ذلك مالياً في انتهاك فاضح للقانون وحقوق العاملين.
هذا عدا عن الاهمال الذي اتبعته معهم بعد اغلاق المكتب من قبل حكومة حماس، لم يقم أي من المسؤولين فيها بالاتصال هاتفيا للاطمئنان عليهم والوقوف بجوارهم معنوياً ونفسياُ، واستنكر مجموع الصحافيين ومنظمات المجتمع المدني قيام حكومة حماس اغلاق مكتب معاً، وكانت هناك مساع لإعادة فتح المكتب وتمكين الصحافيين من العمل بحرية، إلا ان حركة حماس تعاملت ايضاً بضيق صدر وإقصاء و قمعها للحريات الصحافية.
وكانت النتيجة المتوقعة قيام معاً بفصل هواتف العاملين النقالة من دون اخبارهم، وبعد ساعة من ذلك تلقى كل واحد من العاملين رسالة على بريده الالكتروني اقل ما يقال عنها بأنها وقحة و قليلة أدب والاستغناء عنهم من دون أي إحساس بالمسؤولية، والمصيبة ما ذكرته معاً في بيانها الصحافي التي تبرر فيه فصلهم، و كأنها تحمل العاملين فيها المسؤولية عن إغلاق المكتب وبإجراء انتقامي منهم، واتهامهم بالانقلابيين عندما ذكرت في بيانها "ان معاً لا تصرف الاموال على الانقلابيين ضد حرية الاعلام وحرية الرأي".
ما قامت به وكالة معاً عزز الفكرة المتخذة ضدها لدى كثر من الناس وحركة حماس انها ليست مستقلة و غير مهنية، وأن ما قامت به هو ادانة واضحة لها، وانها لا تحترم الصحافيين وانها وكالة تجارية بحتة وإدعائها بأنها مستقلة غير صادق، وانها زجت بالوكالة والعاملين فيها في الخلاف السياسي، وعززت حال الانقسام و تعميقها وتعزيزها بشكل يومي.
جريمة معاً طالت الكل الصحافي في فلسطين و تتطلب الشجاعة أن نعترف أن حال الصحافيين سيئ، ووضعهم النقابي اسوء وفي تدهور مستمر فلا يوجد أي جسم يوحدهم ويدافع عن حقوقهم التي تنتهك بشكل يومي، و ما جرى من معاً قد يحدث مع أي صحافي، وهو يحدث بطرق مختلفة فكثير من الخفايا يعلمها كثر من الصحافيين من اهانات ودونية في التعامل وغياب القوانين ومدونات السلوك ومواثيق الشرف التي تؤكد على ضمان وصيانة حقوقهم النقابية والمالية.
فالانتهاكات التي تقع يوميا بحق المجموع الصحافي، وهضم حقوقهم هي ظاهرة شائعة، وليست جديدة. فالخطوة الأولى لكي نتجاوز جرائم ترتكب بحق الصحافيين وجرائم قائمة ومحتملة هي وقف الحال المرضية التي يعيشها الصحافيين و تدفع الجميع للتخلي عن ابسط حقوقهم، والابتعاد عن المناكفات والمنافسات غير الشريفة، وعن الثارات والأحقاد الصغيرة والمصالح الشخصية والابتزاز.
إننا لم نكن بحاجة في أي وقت إلى إحياء ضميرنا الجمعي كفلسطينيين، خاصة الصحافيين والإعلاميين قدر حاجتنا، وحاجة المجموع الصحافي إلى ذلك الأن، وبناء جماعة مرجعية هو الخطوة الأولى لذلك، و المهمة الصعبة التي تجعل الحوار حول إعادة بناء نقابة للصحافيين تعبر عنهم، هي الخطوة الأولى للخروج من تلك الحال المزرية التي تجعلهم بهذه الحال من السوء وارتكاب الجرائم بحق انفسهم وحق المجتمع.
و مطلوب من معاً اعادة الصحافيين لعملهم وإعادة الاعتبار للصحافيين والثقة التي فقدتها، والإثبات انها مستقلة ومهنية، وإعادة الاعتبار لنفسها ومتابعيها في فلسطين وخاصة قطاع غزة، والاعتذار للصحافيين المفصولين، ولمجموع الصحافيين الغاضبين من تلك الجريمة.
مصطفى إبراهيم
2/10/2013
[email protected]
mustaf2.wordpress.com