تحت عباءة انتصار أكتوبر يحاول قادة الانقلاب على رأسهم السيسي أن يعودوا للشارع المصري بثوب وطني وإبراز أنفسهم على أنهم محررو الوطن من الاعتداء في الخارج والمنتخبين ديمقراطيا من الداخل، وهناك فارقة كبيرة تنتظر المصريين في أيام النصر التي سيكون فيها للشعب كلمة تختلف عنها في المناسبة ذاتها خلال السنوات الماضية، كما أن الانقلاب يحاول سرقة بطولات الجيش السابقة في هذا الانتصار لتعزيز وجوده وإحباط الشعب بحجة الأمن والهوية.
هي فرصة يحاول الطرفان أن يقتنصها لصالحه كي يعدل ميزان الحالة الراهنة في مصر؛ فالسيسي يطل على الشعب بكلمات معسولة محاولا مسح ذاكرة المقهورين في رابعة والنهضة والحرس الجمهوري وغيرها من المجازر ليبقي على بعض السيادة له داخل الجيش، وللمتابع جيدا لكلمات الانقلابي تجد أنه يحاول أخذ فرصة أخرى ممن حوله في القيادة العسكرية ويبدو من كلماته أنه مقبل على مجازر جديدة؛ هذه المرة يأخذ التفويض فيها من حجم المناسبة وحسب، غير أن مجريات الأحداث وإن صح التوقع بأن المناسبة هي الفرصة الأخيرة للسيسي فإن ذلك يعكس نفسه على الشعب والجماهير الغاضبة فماذا سيكون دورها حتى لا يستغل الانقلابيون المناسبة؟
من الواضح أن دخول ميدان التحرير مرة أخرى بعد الانقلاب من أحرار الشعب المصري يجعل المعنويات العامة ترتفع كثيرا ما يفتح المجال أمام خيارات جديدة وكبيرة وأشمل مما مضى، ولذلك فإن عنوان 6 أكتوبر من سيكون الرابح الوحيد وليس الأكثر لأن الفرصة الأخيرة هي في كسر شوكة الانقلابيين الذين يحاولون تقمص دور أبطال أكتوبر ليعززوا لغة الدم والإقصاء.
وعلى وقع الحيوية الجديدة للمسيرات وبالارتباط مع الماضي الأسود للانقلاب وما سيقوم به السيسي في فرصته الأخيرة لإقناع المتململين حوله بأنه سيطر على الأمور من خلال الدماء والعنف وعلى وقع حالة الفشل السياسي والإداري والمالي والعسكري لقيادة الانقلاب ستكون للشعب كلمة يفصل فيها حقبة من التاريخ ويسجل الخاتمة لمعاناة آلاف من أهالي الشهداء والجرحى والمصابين وملايين من الذين اغتصبت إرادتهم.
ولذلك فإن من الواجب أن تكون كلمة الجماهير وصوتهم الأعلى في ذكرى الانتصار وأن تقطع الطريق على السيسي من القيام بمسرحية وتمثيلية جديدة، وأن يفصل في عقول المواطنين بين انتصار الجيش العظيم وبين الانقلابيين حتى تنطلق عجلة التغيير لصالح الشرعية، وهذا يتطلب المسيرات الضخمة المتجهة إلى وسط العاصمة والاستمرار في الحشد والرفض للانقلاب وتوسيع دائرة المشاركة من خلال وسائل قائمة وأخرى مستحدثة حتى لا تبقى فرصة للانقلاب ويكون أكتوبر يحمل نصرين؛ نصر على الصهاينة وآخر على المتصهينين.
وللناظر جيدا إلى تسلسل الأحداث في مصر يجد أن كفة انتصار الشعب ترجح يوما بعد يوم وأن الانحدار على كل السبل لدى الانقلاب هو سيد الموقف ولذلك دخل الشعب والانقلاب مرحلة هي الأخطر والأخيرة وهي عض الأصابع والذي يصمد أكثر، وهذا يترجم في ذكرى الانتصار لمن ستكون الكلمة وفي الاعتقاد أنها للشعب لأن الظلم ليس إلا ساعة وأن الحق حتى قيام الساعة، فلعلنا نهنئ الشعب المصري قريبا بنجاح الثورة وصفع الانقلاب.