ألحقت الإجراءات التي اتخذها الجيش المصري على الحدود مع قطاع غزة خمس خسائر كبيرة بحركة "حماس" التي تدير القطاع.
أولى هذه الخسائر وفقا لصحيفة "الحياة اللندنية" هي توقف الإيرادات الحكومية من الجمارك المفروضة على السلع التي كانت تتدفق من مصر الى قطاع غزة عبر الانفاق.
ووفق مصادر في حكومة غزة، فإن ايرادات الحكومة من هذه الجمارك كانت تصل الى نحو 12 مليون دولار شهرياً، وهو ما كان يساهم بصورة كبيرة في دفع رواتب موظفي الحكومة البالغ عددهم نحو 40 ألف موظف.
وانعكس توقف الايرادات الحكومية من الجمارك بصورة فورية على قدرة الحكومة على دفع رواتب موظفيها.
وقالت المصادر، ان الحكومة لم تتمكن من دفع رواتب موظفيها كاملة خلال الشهرين الماضيين، وانها استعاضت عن ذلك بتقديم دفعات من الرواتب.
وحلت السلع القادمة من إسرائيل محل السلع القادمة من مصر في قطاع غزة. وتحصل السلطة الفلسطينية في رام الله على قيمة الجمارك المفروضة على السلع القادمة الى غزة والضفة على السواء عبر نظام المقاصة المعمول به بينها وبين واسرائيل منذ اقامة السلطة عام 1994.
أما الخسارة الثانية لـ "حماس" نتيجة الإجراءات المصرية، فهي ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بصورة كبيرة في قطاع غزة بسبب فروق الأسعار بين السلع الإسرائيلية والمصرية. وتضاعفت أسعار بعض السلع الأساسية في غزة، مثل الوقود والاسمنت، منذ بدء الإجراءات المصرية الجديدة.
وأدى ارتفاع أسعار الاسمنت الى تراجع العمل في قطاع الإنشاءات الذي يستوعب 60 ألف عامل، وفق اتحاد المقاولين. وطالب الاتحاد اعضاءه بالتوقف عن أخذ عطاءات بناء جديدة لحين استقرار اسعار الاسمنت.
وأثّر تضاعف أسعار الوقود على جميع المواطنين في قطاع غزة الذين يعتمدون عليه في تشغيل مولدات الكهرباء في بيوتهم، علماً ان الكهرباء تنقطع عن جميع البيوت في غزة لمدة ثماني ساعات يومياً نتيجة ضعف كفاءه محطة التوليد المحلية.
وأدى هدم الانفاق بين غزة ومصر الى توقف تدفق الاموال النقدية التي تحصل عليها "حماس" من المساعدات الخارجية، وهو ما شكل خسارة ثالثة كبيرة للحركة. اذ تمتنع البنوك عن تحويل الاموال من الخارج الى الحكومة بغزة او "حماس" بسبب القوانين الدولية الخاصة بمحاربة "الارهاب".
وتضطر "حماس" الى نقل هذه الاموال التي تحصل عليها من تبرعات ومساعدات خارجية متنوعة، عبر الانفاق او عبر المستوردين. وتوقفت هاتان الوسيلتان مع توقف الانفاق عن العمل، وهو ما فاقم من الازمة المالية التي تعانيها الحركة.
وقالت مصادر في الحكومة بغزة ان مؤسساتها تعمل اليوم بنسبة تتراوح بين 10-15 في المئة من موازنتها.
وأدى تدمير الانفاق الى توقف تدفق الاسلحة الى قطاع غزة، وهو ما شكل خسارة رابعة كبيرة لـ "حماس"، وفصائل المقاومة بغزة.
وشملت الإجراءات المصرية الجديدة تقليص حركة المسافرين من غزة الى الخارج عبر معبر رفح بصورة كبيرة، وهو ما شكل خسارة خامسة كبيرة لـ «حماس» الحاكمة في القطاع، اذ ان معبر رفح الحدودي هو البوابة الوحيدة لقطاع غزة مع العالم الخارجي. وأدت الاجراءات الجديدة على معبر رفح الى تقييد حركة جميع سكان القطاع الى العالم الخارجي، ما خلق تذمرات واسعة في صفوفهم، يتجه بعضها ضد مصر فيما يتجه البعض الآخر الى الحكومة. وألحقت هذه الاجراءات ضرراً كبيراً مباشراً بـ "حماس" نتيجة توقف تنقل جميع المسؤولين في الحركة الى العالم الخارجي، اذ دأب عشرات المسؤولين في الحركة على السفر الى الخارج لأغراض سياسية واقتصادية متنوعة.
وينصب النقاش الداخلي في "حماس" في هذه الأيام على كيفية مواجهة نتائج الإجراءات المصرية. وتقول مصادر في الحركة إنها قررت التكيف مع هذه الإجراءات مهما طال أمدها.
وأضافت أن شدة هذه الاجراءات تزيد على تلك التي تعرضت اليها الحركة في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وان لا مخرج منها سوى التكيّف. وقال مسؤول رفيع في الحركة: "الاجراءات المصرية أفقدتنا الكثير من عناصر القوة، لكن لا خيار أمامنا سوى الصمود لحين تغيير المعادلة». وأضاف: «ما تريده مصر هو ان نسلم السلطة لخصومنا في رام الله، وهذا يعد انتحاراً من المؤكد ان أحداً منا لا يفكر في الاقدام عليه".