شباب غزة يدفعون فاتورة الصمت

بقلم: سحر النحال

بالأمس كنا نعاني ظلم الاحتلال و كان هناك بصيص من الأمل , و الآن نعاني الانقسام و لم نمتلك ذرة أمل .

لدينا حكومتين عاجزتين عن تأمين أساسيات الحياة بل أكثر من ذلك حيث عوقبنا سنوات عديدة و وقعنا تحت الحصار ، كرهنا الوطن ومع ذلك يطالبون بالصبر على المحن .

طُرقات غزة اشتكت طوابير انتظار الوقود و مخيمات غزة قتلت فيها شعار سنعود .

شوارع غزة تمتلئ بالشباب لساعات طويلة و لأيام معدودة، هرباً من ظلام انقطاع كهرباء و من عتمة مساء .

محلات غزة تشتكي من قلة البضائع والزبائن و شوارع غزة تعج بمن ارتدى ثوب التسول .

شباب غزة يعانون من توقف العمل وعدم توفير الوظائف، يتزوجون بمهر مؤجل خشية الحرام وآخرون يتزوجون دون السن القانوني و الشرعي للزواج هربا من الفقر الذي أصبح ينهش جدران غزة .

هنا في غزة شاب ينتظر أن يغادر ليذهب إلى جامعته بالخارج فيعتدا عليه أو ينتظر لأيام على معبر حيث أصبح الشباب الغزي مكروه من جميع الدول العربية و كأنه إرهابي فعند دخوله لدولة عربية يستقبله أمن الدولة فيرحل

شباب غزة يُلاحقون في بسطات رزقهم أو حتى في عربات بيعهم أو حتى في صدى صوتهم.

شباب غزة قد يحرق نفسه لأنه لم يحصل على ورقة امتحانه أو حتى شهادته لعدم استكمال رسومه الجامعية.

شباب غزة يذهب للموت كل صباح ، هنا و هناك في غزة وجع انكسار إحباط دمار.

غزة باتت مدفنه للمواهب و حجرة للمتاعب فأرواح الغزيين باتت معلقة بباء البطالة ، بميم الموت بفاء الفقر بهاء الهجرة .

شباب غزة أصبحوا يبحثون عن أي طريقة للخروج منها فمنهم من هاجر ومنهم من سيُهاجر (سواء عن طريق الدراسة في الخارج أو العمل أو الزواج أو الهجرة غير الشرعية) ومن يفشل منهم فانه قريبٌ جداً من الإدمان والانتحار ،
نظرًا لظروف الحصار الإسرائيلي من الشمال والشرق والغرب ونتيجة لإغلاق معبر رفح الخانق بسبب الأوضاع الأمنية في مصر الشقيقة .

لعلك تفكر قليلاً ما الذي يدفع شباب غزة إلى قذف أنفسهم إلى الأنفاق الترابية ؟ لا لشيء لكنها فرضت عليهم رغم أنهم يدركون بان الموت في هذا العمل الخطر لا مفر منه فلا عمل و لا طرق أمامهم مفتوحة غير الموت و لا أمل في نهاية انقسام أو استبداد وظلم و كتمان أو حتى في حالة غليان .
هكذا على مفترق طويل من المعاناة يسير الغزيين !!
هنا في غزة نشقى ننسى نرضى لكن هنا نبقى فالحياة تولد فينا مرة أخرى ، وقعنا ضحايا سياسة مزقتنا دموياً و فصلتنا وطنياً، كل ذلك يقع على كاهل الشباب الغزي ، ومع ذلك لم يتناسى وطنه لكنه لم يتمكن من دعم أسير يصرخ أين صوت الجماهير ولا بصدى أقصى يستغيث

هنا في غزة لو لم نتمرد سنُقتل حين يختفي فينا الصوت سنُقتل ، لو لم نبصر حولنا سيبتلعُنا الظلم، حين نغفو على ظلم ونستيقظ على ظلام فلا أمل في حياتنا.
لا نعلم إن كان شباب غزة يخاف الموت أم يخاف العبث بأحلامه بصوت ؟! لكننا نعلم بان أطنان الظلم نسجت من ضفائرها رصيفا للموت ،
ثمة أسئلة يثيرها المشهد من بينها :
لماذا يتعايش الشباب الغزي مع ظاهرة الموت ؟
لماذا يرتبط مستقبل الغزيين بمصير دولة أخرى و يخضع لحسابات معقدة مخزية ؟

لكن في النهاية سيدفع الشباب الغزي ثمن الصمت !