هكذا في عصر الانحطاط يجري انتهاك كرامة المرأة العربية
على مسمع من آذانكم الصماء ،تنطلق فتاوى الانحلال الخلقي من بعض مشايخ العصر الملوثين بالفاحشة والفجور ،والباحثين عن طرق استباحة حرية المرأة ،وإنسانيتها التي تتعارض مع تعاليم الاسلام الحنيف ،وكل العقائد السماوية والقوانين الوضعية ،والمنظمات الدولية المختصة بحقوق المرأة ،وكافة العلاقات العشائرية على امتداد تاريخ البشرية ،وأطوار الحضارة ما قبل التاريخ منذ الوحشية مرورا بالبربرية ،وأصل العائلة وتشكلها ،وقرابة الدم ،وتتنافى حتى مع العلاقات السائدة بين قطيع ومجتمعات الحيوانات المتحضرة التي تبغض فتاواهم العاهرة . وعلى مرأى من عيونكم التي تذرف دموع التماسيح على دماء ضحايا العهر العربي ،من نكاح الجهاد الى نكاح الوداع ،وربما أنواع اخرى من النكاح السري الذي لا يعرفه أحد غيرهم .
فالشيخ الوهابي السعودي (محمد العريفي ) أحد مشايخ التكفير ،قد اصدر فتوى نكاح الجهاد في ربيع عام 2013 التي تدعو النساء الى التوجه نحو الاراضي السورية ،من أجل ممارسة نوع من الجهاد ،ولإمتاع الارهابيين في سوريا لساعات قليلة ،بعقود زواج شفهية ،بشرط أن تتجاوز أعمار الفتيات الرابعة عشرة من العمر وأن يكن مسلمات . ان ما أعلنه وزير الداخلية التونسي ،يؤكد حقيقة ما تتعرض له الفتيات التونسيات القاصرات من السفر الى سوريا تحت فتاوى الهوس والتضليل ،وغياب العقل والدين ،بحجة ما يسمى في عصر الوقاحة بجهاد النكاح ،وعودت بعضهن الى تونس الخضراء حوامل من أجانب يقاتلون الجيش السوري والشعب السوري ،واعتقال شبكات تعمل على تشجيع الشبان والشابات الى سوريا ،وطالب وزير الداخلية بوقفة وطنية لوضع حد لهذه الظاهرة .
والسؤال الذي يحتاج لإجابة ولي الأمر والحكومات والسلطات الحاكمة التي تتساهل مع هكذا فتاوى،ما هي صفة الوليد الجديد ؟ من هو آبيه ؟ ام انه لقيط وابن لقطاع الطرق واللصوص من ألمرتزقة ؟ وهل يحق للأم عندما تعود الى سوريا أن تختار والده من بين العشرات الذين ضاجعتهم ،وهل يتحول لابن من المتطرفين ،وابن لابن لادن والقاعدة ؟؟ اليس ذلك هو مساهمة في الفساد المجتمعي والأخلاقي يتنافى مع القيم الاسلامية التي تربى عليها المسلمون؟؟
ومع الربيع العربي الذي انتظرناه طويلا ،وسقوطه على يد الاسلاميين المتطرفين ،واستبدال الاستبداد بالفجور والتسلط والاستحواذ والتبعية للغرب الرأسمالي ،خلفت لنا أنظمة رجعية أصولية لا هم لبعض مشايخها سوى فتاوى الجنس والدعارة ،والفساد الاخلاقي والبغاء المشروع ،والوقوع في هاوية المستنقع . ان خطر التطرف الديني على المجتمع العربي وكل مكوناته الاجتماعية ،تدفع ثمنه اولا المرأة العربية ،لقد جلب الاسلام السياسي التكفيري ،وفصائل الارهاب من أنصار القاعدة ،وإرهابيي جبهة النصرة ،وجماعة أنصار الشريعة ،وأنصار الدولة الاسلامية في الشام والعراق وأخواتها المختلفة ،من القتل اليومي والدمار والصراعات الدموية في الشارع العربي بين اطيافه المختلفة ،جلبت معها موقف معاد من المرأة ،وصاعد من الاعتداء على حقوقها العامة والخاصة ،وفرض الجهل عليها ،مما يبين المستقبل البشع الذي يواجه نصف المجتمع ،كما ينتظر مصير الشعوب والأوطان العربية والإسلامية ،وسلب استقلالها الوطني ،والتبعية للقوى الاستعمارية والنظام الرأسمالي العالمي التي تتزعمه الولايات المتحدة الامريكية التي تحاول فرض ارادتها على شعوب المنطقة بهدف الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية السياسية والعسكرية والنفطية ،وحماية أمن اسرائيل ،مستعينة بقوى المرتزقة والتكفيريين وبدعم من تركيا وقطر والسعودية ،والرجعية العربية التي تحالفت مع الغرب الاستعماري وصمتت على الجرائم الانسانية والأخلاقية التي تتعرض لها الشعوب والمرأة العربية.
ان المأساة الحقيقة التي تعيشها شعوب المنطقة ،في نظرتها الدونية للمرأة ،وعدم احترام حقوقها والتعامل معها كوعاء جنسي فقط ،وتعرضها اليومي لأبشع مظاهر الاستغلال القومي والطبقي ،وامتهان لكرامتها وآدميتها الانسانية .كيف لهؤلاء التكفيريين والمشايخ مخبولي العقل ،ان يسمحوا لأخواتهم وأمهاتهم وزوجاتهم وبناتهم أن يفرض عليهم تلك الفتاوى الحيوانية ؟؟ولماذا صمت الرأي العام العربي ،ومنظمات حقوق الانسان ،وكافة مكونات المجتمع المدني لانتهاك حقوقها ،وصوتها الخافت في ادانتها ،وغياب نقدها الشديد للأنظمة العربية والإسلامية التي يتربع فيها مشايخ الدعوة التكفيريين ،وتمتلك فضائيات لا حصر لها ،وفي المقدمة منها فضائية الجزيرة القطرية ،فتنة الصراعات وتزوير الوقائع ،وعلى رأسهم الشيخ القرضاوي الذي فقد مبرر دوره ووجوده ؟؟لماذا السكوت ،وغياب حملة اعلامية توعوية ضد شيوخ التكفير اولئك الذين يمارسون ويشجعون فتوى جهاد النكاح ،ولكن كما قال شاعر الفقراء والمسحوقين مظفر النواب " اولاد القحبة ان حظيرة خنزير أطهر من أطهركم ،تتحرك دكة غسل الموتى أما انتم فلا تهتز لكم قصبة " .
والأخطر والأقبح في تعدد الفتاوى أن أحد النواب الاسلاميين في مصر في عهد الرئيس المعزول د. محمد مرسي ،يطلب من ألأعضاء في احد جلساته اصدار قانون يبيح للرجل ممارسة الجنس مع زوجته بعد موتها ولمدة ست ساعات ،ويؤيده الشيخ ( عبد الباري الزمزمي ) مؤكدا جواز تمتع الزوج بزوجته جنسيا بعد مماتها وما يسمى بنكاح الموتى ومضاجعة الوداع !!!! أين تقاليدنا وقيمنا الدينية والوطنية والأخلاقية والإنسانية وشرفنا العربي ؟؟ وأين قاعدة "اكرام الميت دفنه " وليس مضاجعته !!!! ما هذا الانحراف الخلقي والديني ؟؟ كم هو يمتهن كرامة الرجل وكأن عقل الرجل بين رجليه ،هل هذه هي الثورات الاجتماعية من أجلها الجماهير الشعبية لكنس الظلم والاستبداد ،ودعوات التنوير والحداثة وكرامة الإنسان هل هذا القرن الواحد والعشرون الذي يبشرون به العرب والمسلمين في ظل التطور والتقدم التقني في كل ميادين الحياة والتواصل الاجتماعي الذي قلل المسافات ،ووحد البشرية عبر وسائل الاتصال الحديثة ،ووحد الصراع من أجل تحسين شروط الحياة للمواطنين ،وتوفير المأكل والمسكن والملبس وفي المقدمة منها توفير الكرامة والعمل والصحة والتعليم ؟؟ ما هي اسلحتنا التي نواجه بها أعدائنا المتربصين بنا ،والعاملين على تقسيم بلداننا العربية ؟؟ وما دوركم في مواجهة اسرائيل التي تحتل الارض الفلسطينية والمقدسات الاسلامية والمسيحية المسجد الاقصى وكنيسة القيامة وتهويد القدس ؟؟. اين هي فتاوى الدفاع عن الارض والعرض والمقدسات ؟؟ ،اين هي فتاوى الجهاد ضد أنظمة التخلف ،وإهدار المال العام ؟؟ اين هو الحديث الشريف " كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه " ؟؟ بضاعتكم المنتشرة في كل البلدان العربية القتل والدمار وتفجير مساجد السنة ومساجد الشيعة ،كم هو محزن ما يجري في الاوطان العربية والإسلامية ،الكل يقتل الكل ،والصراع المذهبي والطائفي على أشده ،أين ثقافة التسامح والشهامة العربية والدعوات النافعات ؟؟ أوقفوا دعوات الفتن المذهبية ،اعيدوا للمرأة العربية كرامتها وحريتها المسلوبة ،وللعرب عزتهم وعقلهم المفقود ، وكفى لفتاويكم المتطرفة.
طلعت الصفدي غزة – فلسطين
الخميس 3/10/2013
[email protected]