تسير الحياة بنا من حكاية إلى أخرى، نتجول في ردهات الوجع الفلسطيني حيث كان، نبحث في دموع الناس حتى في ابتساماتهم أو حتى في آمالهم المفقودة ، تصادفنا الحكاية والحكاية وتفزعنا الصورةُ والصورة ، نستعين بالله ليكن لهم عوناً .
عائلة المواطن محمد حسن تقطن في مخيم جباليا للاجئين وهو واحد من مخيمات التي يعيش فيها الفلسطينيون المهجرون قصرا من أراضيهم عام 1948 ولجأو لقطاع غزة حيث سكنوا هذه المخيمات ولا تزال تسمي مخيمات على أمل العودة.
نحن مع حكاية لجوء فلسطينية تحملت في طياتها صبر طويل ,قصة أسرة تعيش في أزقة المخيم لديهم أطفال ليس كأي أطفال فاحدهم معاق والأخر لديه قصة أطول.
أب صابر وأم محتسبة والاهم من كل هذا والأقوى هذا الذي فاجئنا جميعاً الطفلة أسيل وهي الأكثر صبرا والأكثر رضاءا أو الأكثر ابتسامة في البيت ولم نكن نتوقع إننا سنلتمس ألماً كهذا أو أملاً كهذا.
الطفلة أسيل هي الحكاية الدامعة في هذا البيت وفي ذات الوقت هي الحكاية الباسمة، صبر هذه الطفلة هو صبر يعجز عند الكبار ويعجز عنه الكثير من الناس الذين يقولون أنهم قد ابتلوا ولكن البلاء الأعظم هو ما نراه في هذه الطفلة .
حياة مؤلمة..
تقول الطفلة أسيل (12 عاماً) وهي بعمر الثلاثة شهور " كان شيء يلمع في عينتيها، فذهبت والدتها مسرعة إلي مستشفى العيون في مدينة غزة حيث اكتشفوا الأطباء انه مرض السرطان" ووقعوا لها تحويله سريعة إلي مستشفيات جمهورية مصر العربية لخطورة حالة عينتيها، ذهبت إلي مصر حيث تم استئصال عينيها الاثنتين.
وفي نفس الوقت أوضحت والدتها أم حسن أن وزارة الصحة قامت بتحويل ابنتها إلي المشافي المصرية حيث ذهبت إليها ليؤكد لها الأطباء أن نسبة النجاح كانت اقل من عشرون بالمائة والطفلة لا تستطيع إن تتحمل العلاج بالكيماوي ويمكن إن تتوفى إذا عالجت به .
أخذت أم حسن ابنتها وعادت بها إلى القطاع, وعندما أصبح عمر الطفلة سنة ذهبت بها إلي مستشفي العيون بغزة لتحصل على تحويله أخرى لتدهور حالتها الصحية وتسافر إلى مصر حيث تم استئصال عينيها الاثنتين .
وتؤكد والدتها إلي إن زوجها أيضاً يعاني من إعاقة حركية منذ الطفولة وتقول انه كان يعمل في مصنع خياطة تنظيف ومنذ فترة طويلة توقف العمل .
وتابعت حديثها "لدي ثلاثة من الأولاد وبنتين وابني الكبير لا يعاني من الأمراض والثاني يعاني من تخلف عقلي وربنا أكرمنا بعد الولد الثاني وأعطانا بنتي أسيل ومن عمرها 3 شهور أصيبت بمرض السرطان وتم استئصال عينتيها".
وتوضح أن ابنتها تحتاج إلي زراعة عين حيث تقول لها باستمرار "ماما لو عين وحدة أشوف فيها" لتقف عاجزة عن الرد علي ابنتها فالوضع المادي يقف عائقا أمام تحقيق أمنيتها لارتفاع تكلفة إجراء العملية .
ومن جانب أخر يوضّح والدها انه يعاني من شلل أطفال منذ طفولته وهو بعمر ثلاثة سنيين وتلاحقت الأمور وقام بإجراء أكثر من عملية ولكنها لم تفلح .
وأشار أبو حسن إلي انه غير قادر على توفير أبسط المقومات الأساسية لأسرته حيث أكد "قاعد بالبيت لا شغله ولا حاجة" بسب تردي الأوضاع الاقتصادية في غزة.
دعاء الآباء وأمنيه الأبناء..
دعا أبو حسن لابنته أسيل أن الله يعافيها مما ابتلاها، ويسخّر لها فاعل خير ليساعدها على زراعة عين واحده لتكمل مشوارها في الحياة حتى في الخيال وان تعتمد على نفسها.
ويضيف :"الحمد لله على قضاء الله أول حاجة أما شعور أب يشوف ابنته بدها واحد يأخذها ويجيبها صعب كثير".
أما أم حسن كان لها النصيب الأكبر من الدعاء لأبنتها، حيث قالت :"أنها تتمنى إن تنظر ابنتها بعين واحد فقط لكل من حولها".
تدعي أسيل الله ليل نهار لكي يفرّج عنها ما ابتلاها لعل الكلمة تجد مستقر لها في قلوب رحيمة.
وتؤكد أسيل "الجميع على قدرهم إنهم يساعدونني إني ازرع عين واحدة أشوف فيها، أنا حابه اعتمد على نفسي ومش حابه اعتمد على حدا ".
ابتسامة الطفلة الصابرة الصامدة في وجه أسيل هو أجمل ما رأيناه في هذا الحديث، نسال الله العلي القدير إن يعيد إليها بصرها كما أعاد لسيدنا يوسف بصره، في كل الأحوال صبر مفتاحه الجنة، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (من أصيب في إحدى حبيبتيه دخل الجنة).
تقرير/ محمود المدهون