هناك العديد من المعلومات ومنها حديث لمراسل القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي الذي رافق نتنياهو الى الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السادسة والستون قال بأن نتنياهو التقي قيادات خليجية بارزة،وان هناك شخصية خليجية رفيعة المستوى قد زارت اسرائيل وأجرت مباحثات مع قادتها،وقد تمحورت تلك اللقاءات والمحادثات حول المعادلات الجديدة التي سيفرضها التقارب الأمريكي- الإيراني الجديد،بعد المكالمة الهاتفية بين الرئيسين الأمريكي اوباما والإيراني روحاني،وكذلك لقاء وزيري الخارجية للبلدين،فنتنياهو ومشيخات النفط يدركون بانهم هم الخاسرون من عملية التقارب هذه فهو في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة،تحدث بشكل مطول عن الخطر النووي الايراني على المنطقة وعلى امن ووجود اسرائيل.
اما الدول الخليجية التي وضعت كل بيضها في السلة الأمريكية،وكان لديها رهان عالي بأن حليفتها الإستراتيجية وحامية عروشها،لن تخذلها او تضحي بها وتطعنها في الظهر،فهذه المشيخات يبدو انها لا تتعلم من التاريخ،فاميركا قادتها قالوا بالفم المليان امريكا ليس لها صدقات دائمة،بل مصالح دائمة،وهذه المشيخات التي ناصبت ايران العداء وقطعت علاقاتها الدبلوماسية معها،وصورتها على انها الشيطان والغول الذي سيلتهم البلدان العربية ،لم تتخيل ان لا تقدم واشنطن على توجيه ضربه عسكرية لها من اجل تدمير قدراتها النووية،وكذلك تلك المشيخات التي قدمت كل اشكال وانواع الدعم للمعارضة السورية عسكرية ومالية وسياسية وامنية ولوجستيه من اجل إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد،وكذلك هي أيضاً من ساهمت في كذبة استخدام النظام السوري للسلاح الكيماوي من اجل التعجيل بتوجيه ضربة امريكية له،ووضعت كل إمكانياتها تحت تصرف امريكا من اجل إنجاز هذه المهمة من تسديدها كاملاً لكل فاتورة الحرب على سوريا،الى وضع مطاراتها واجوائها وموانئها تحت تصرف امريكا لهذه الغاية،ولتكتشف بان امريكا بدلاً من ذلك اتجهت،ومن وراء ظهرها وبدون علمها الى عقد صفقة مع روسيا وايران،
تلك الصفقة التي يبدو انها تطال الكثير من الملفات في المنطقة عالمياً وإقليمياً وعربيا،فامريكا على ضوء ازمتها الاقتصادية وتورطها في أفغانستان والعراق،وقرب انسحاب قواتها من افغانستان،باتت تدرك جيداً،بأن الزمن الذي شنت فيه حربها على العراق،بإجماع دولي وعربي،والذي نصبها زعامة العالم الاحادية بلا منازع،لم يعد ذلك الزمن،فهناك أقطاب جديدة نشأت وتبلورت،وهناك من عاد لينافسها الزعامة على قيادة العالم ،وبالتالي هي اضطرت صاغرة الى قبول التسوية مع روسيا وايران، قبلت بمعادلة قوننة سلاح سوريا الكيماوي مقابل التخلي عن الضربة العسكرية لها وعدم التلويح باستخدام القوة العسكرية ضدها،وكذلك قبلت بفتح حوار جاد مع ايران حول ملفها النووي ومصالحها ونفوذها في المنطقة،فايران ستصبح لاعباً رئيسياً في الشانيين الإقليمي والعربي، وهذا واضح من ما حصل في الدورة السادسة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة فروحاني كان نجم الدورة بلا منازع،الكل ينتظره ويستمع له ويمني النفس بتسجيل لقاء صحفي معه.
اما العربان العاربة والمستعربة،فهي أصبحت خارج كل المعادلات الدولية،فهي موزعة الولاءات والقرارات،وفاقدة لإرادتها ولقرارها المستقل،وحتى غير قادرة على التقرير بالأمور التي تخص شؤونها واوضاعها،ولذلك وجودها وعدمه في الجمعية العامة كان سيان،حتى ان وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل،الذي قاد الحرب على النظام السوري،ووضع كل إمكانيات بلاده تحت تصرف امريكا لإسقاط النظام،وقدم دعماً لا محدوداً لكل العصابات والجماعات الإرهابية في سوريا لنفس الغاية والهدف،من شدة خيبته من الموقف الأمريكي لم يلق كلمته في هيئة الأمم المتحدة،وعللت السعودية ذلك بعجز الأمم المتحدة عن فعل اي شيء تجاه حل القضية الفلسطينية منذ ستين عاما وعدم وقف المذابح ضد المسلمين في بورما،وكذلك عدم القدرة على منع النظام السوري عن ذبح الشعب هناك،ولكن العالمين بخفايا بالأمور يدركون جيداً بان تلك الحجج والذرائع ليست حقيقية،فالسعودية تريد ان توصل رسالة للإدارة المريكية بأنها قلقة جداً من قامت به امريكا من عقد صفقة مع سوريا وايران،حتى دون ابلاغ عربان مشيخات النفط والكاز.
هذه المشيخات المرتعدة الفرائص من الاتفاق الأمريكي- الروسي- الإيراني،تدرك جيداً بأن هذا الاتفاق سيكون على حساب مصالحها وسيفرض عليها شروطاً ومعادلات جديدة،وهي كما يقول المأثور الشعبي"مثل مصيفة اريحا لا بلح الشام نالت ولا عنب اليمن" فالنظام السوري لم يسقط،وقوى ما يسمى بالمعارضة التي رعتها تتفكك،وايران لم يدمر مشروعها النووي،بل تفرض شروطاً ومعادلات جديدة في المنطقة وهذه المشيخات ما كان محرماً او غير مسموحا لها القيام به،ستجبر على فعله والقبول به،وكذلك اسرائيل التي تهدد بإستخدام القوة والحسم العسكري،اذا لم يجري حل قضية الملف النووي الايراني،تدرك بأن الاتفاق حول الملفين الكيماوي السوري والنووي الايراني، سيقود الى وضعها تحت طائلة القانون الدولي،وبالتالي ملفيها الكيماوي والنووي،سيكونان جزء من رزمة الاتفاق الشامل، شرق اوسط خالي من اسلحة الدمار الشامل،يعني اسرائيل ستكون جزء منه.وكذلك هي تدرك جيداً بأن هذا الاتفاق وبقاء النظام السوري ايضاً يعني بان دورها الإقليمي سيتقلص،وسيفرض عليها ايجاد حل للقضية الفلسطينية،في وقت كانت تراهن فيه على ان اسقاط النظام السوري وتدمير سوريا والقضاء على قدرات ايران النووية من شانه ان يعطيها فرصة تاريخية لتصفية القضية الفلسطينية ووفق شروطها وإملاءاتها.
الخوف والرعب الخليجي من الاتفاق الايراني- الروسي- الأمريكي،دفعها الى تعزيز علاقاتها مع اسرائيل،وهي كمن "يستجير من النار بالرمضاء"،فاسرائيل،لن تكون قادرة على توفير مظلة حماية امنية لها، فهمها بالأساس الحفاظ على مصالحها ووجودها وعدم إدارة العالم الظهر لها،أو فرض القانون الدولي عليها،ويبدو ان المعادلات والمواقف الجديدة الناجمة عن هذا الاتفاق بدأت بالظهور،فالملك السعودي دعا الرئيس روحاني للحج،وهذه الدعوة ليست دعوة روتينه او دينية،بل لها طابع سياسي بامتياز،فالسعودية تدرك جيداً بان عليها الان كسر المحرمات والتعامل مع القيادة الايرانية،وهي لم تكتفي فقط بدعوة الرئيس الايراني الجديد للحج،بل واعادت فتح سفارتها المغلقة هناك منذ ثلاثين عاماً.
ان ما اقدمت عليه دول ومشيخات الخليج من توثيق لعلاقاتها مع اسرائيل املاً في ان يكون هذا التحالف عامل صد امام ما قد تتعرض له من اهتزازات وتغيرات تطال انظمة حكمها،هو قرار بالاتجاه الخاطىء،فعليها ان تعيد حساباتها،وان تتجه نحو العمل على دراسة ومراجعة معمقة لكل سياساتها السابقة الخاطئة،والتي رهنت مصير بلدانها وثرواتها واموالها لصالح مشاريع استعمارية هدفها تدمير المشروع القومي العربي،وتفتيت وتذرير جغرافيتها وإعادة تركيبها مرة ثانية وفق أسس مذهبية وطائفية خدمة لتلك المشاريع،عليها ان تتجه الى تحقيق مصالحة عربية شاملة،تقود الى تحقيق الأمن العربي ومصالح الأمة كمجموع،وبما يجعل لهذه لأمة وزناً وقيمة وكرامة بين الأمم،وان يأخذ رأيها وقرارها في كل الشؤون العربية والإقليمية والدولية.
القدس- فلسطين
4/10/2013
0524533879
[email protected]