كشفت بيانات وأرقام صادرة عن سلطة النقد الفلسطينية مؤخراً، أن حجم ودائع العملاء لدى المصارف العاملة في فلسطين بلغت نحو 7.65 مليار دولار أمريكي حتى نهاية النصف الأول من العام الجاري.
ويعد الرقم كبيرا اذا قيس باقتصاد ضعيف يعاني من هزات أبرزها الازمات المالية السلطة.
وارتفعت ودائع العملاء خلال الشهور الستة من العام الجاري بنحو 450 مليون دولار أمريكي، تزامناً مع أزمة السلطة المالية والاقتصادية التي تعصف بها منذ العام 2008، ورغم تراجع معدلات النمو الاقتصادي، وارتفاع معدل البطالة في الضفة وقطاع غزة.
ويعمل في السوق الفلسطينية 17 مصرفاً محلياً ووافداً منها 7 مصارف محلية، منها مصرفان إسلاميان وخمسة مصارف تجارية، و 10 مصارف وافدة (8 بنوك أردنية، وبنك بريطاني وبنك مصري). فيما لا تعترف سلطة النقد ببنكي الإنتاج والوطني الإسلامي العاملين في غزة، لعدم الحصول على تراخيص.
وخلال الأيام الماضية، فاضت صفحات الجرائد بأرقام وبيانات المصارف العاملة في فلسطين نصف السنوية، والتي أظهرت وجود ارقام كبيرة من ودائع العملاء وموجودات المصارف، وحجم التسهيلات والقروض المقدمة خلال الشهور الستة الماضية.
وبالنظر إلى معدلات البطالة التي تجاوزت 24٪ في الضفة، وأكثر من 32٪ في قطاع غزة، عدا عن تجاوز عدد فقراء فلسطين المليون شخص، بحسب أرقام صادرة عن الإحصاء الفلسطيني، فإن حجم الودائع يسير عكس الاتجاه العام للاقتصاد.
وفي تعقيبه على الأرقام، قال الخبير المصرفي الدكتور نصر عبد الكريم إن ودائع العملاء تعبر إلى حد ما عن الوضع الاقتصادي العام، لكن في الحالة الفلسطينية، فإن الأرقام لا تمت بصلة إلى الحالة التي يعيشها الفلسطينيون.
وأضاف أن نسبة نمو الودائع أعلى من نسبة نمو التسهيلات، وهذا يعني أن المواطنين الفلسطينيين مدخرون أكثر منهم مستثمرين، أو مقترضين لغايات استثمارية، "وبرأيي هذا أمر سلبي يجب الالتفات له من قبل سلطة النقد الفلسطينية (القائمة بأعمال البنك المركزي)".
من جهة أخرى، بلغ إجمالي صافي التسهيلات (القروض) التي قدمتها المصارف حتى نهاية آب الماضي نحو 10.5 مليار شيكل (3 مليار دولار أمريكي)، تشكل منها القروض الاستهلاكية نحو 795 مليون دولار أمريكي.
وقال الدكتور عبد الكريم إن التسهيلات يجب أن تشكل من الودائع نحو 60٪، إلا أنه في فلسطين فإن النسبة لا تتجاوز 40٪، "المصارف تتحمل جزءاً من هذا الانخفاض بسبب ارتفاع نسبة الفائدة، والمواطنون متخوفون من الاستثمار".
وفي سؤال حول ميل الفلسطينيين بشكل عام للادخار، أشار عبد الكريم الذي يعمل محاضراً في جامعة بيرزيت إلى أنه على الرغم من انخفاض متوسط دخل الفرد، وارتفاع مؤشرات غلاء المعيشة، إلا أن المواطنين يميلون إلى الادخار، بسبب التقلبات السياسية والاقتصادية في الأراضي الفلسطينية.
ويرى أن التراجع في معدلات النمو الاقتصادي، وحالات الركود في الأسواق من فترة لأخرى تعود لتراجع القوة الشرائية، "وإن ارتفاع نسبة الادخار لدى المصارف الفلسطينية هو دليل على هذا التراجع في السوق".
وحول حصر الودائع لدى فئة معينة من موظفي القطاع الخاص ورجال الأعمال، نفى عبد الكريم أن تكون الودائع محصورة بين "الأغنياء"، وذلك لأنهم يملكون رشداً مصرفياً، "وغالباً فإن المركز المالي للأغنياء يكون في حالة مغايرة، أي أنهم يكونون مدينين بحجم أكبر من ودائعهم، وذلك على شكل تسهيلات مصرفية لإقامة مشاريعهم، وبالتالي غالبية هذه الأموال تكون للطبقة المتوسطة الذي يخافون من يوم غد".
يذكر أن عدد الحسابات المصرفية للعملاء الفلسطينيين يتجاوز مليون حساب، والذي يراه الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الكريم منخفضا مقارنة بالدول المجاورة، معللاً هذا الانخفاض بعدم حاجة الآلاف من الفلسطينيين إلى الخدمات البنكية، خاصة اولئك الذين ينفقون راتبهم الشهري في الأيام الأولى من الشهر.