هل سيحتمي المصريون والفلسطينيون بالسلاح؟

بقلم: فايز أبو شمالة


عندما يشعر المواطن المصري أن الرصاص يتربص بحياته في كل شارع، وعندما يعاقب المواطن المصري لمجرد التعبير عن الرأي، وعندما يدرك المواطن المصري أن الإعلان عن الموقف السياسي جريمة يحاسب عليها الموظف، وعندما تطرد من المدرسة الطالبة التي رفعت شعار رابعة، وعندما تفتح السجون أبوابها لمن يعترض على ذبح المصريين، وعندما ترتبط عجلة التطور الحضاري بفرد واحد أحد، تتغنى بمواصفاته رياح التدليس، وتدور باسمه ثيران السواقي، التي جعلت من مصر مزرعة، تمتلك مفاتيحها مجموعة خاصة، تقوم بسحل الأخر، وسحقه، والرقص على جثته، عندما يحدث كل ذلك في مصر، يصير الوطن خارج حسابات الانتماء، وتصير ردة فعل الشعب أبعد ما تكون عن التعقل، وأقرب ما تكون إلى العنف.


إن الذي يصادر حق المصريين في إبداء الرأي، ويستحوذ على وسائل الإعلام، ويتملك ميادين مصر، ويفتك بخصومه السياسيين بهذه الوحشية ليدرك إن الرد الغريزي سيكون هو دفاع الشعب عن نفسه، وعن ثورته، وعن مصيره، ويدرك أن الشعب سيعتمد القوة المسلحة ذاتها التي يمارسها المتوحشون، والتي فتكت بشباب مصر الأبرياء، واسترخصت دمهم، واستهترت بعقولهم، واستخفت بانتمائهم، واستفزتهم إلى الدرجة التي ستجبرهم على اعتماد آلية العنف نفسها التي أوجعتهم، وحرقت قلوبهم، وقتلت إرادتهم التي انتصرت لصناديق الاقتراع.
فمن هي الجهة التي جعلت من مصر خزان بارود تعبأه الأحقاد؟ من هي الجهة التي أغلقت آذانها عن صوت العقل، وتسعى جاهدة لتفجير مصر في كل لحظة؟


إن ما يجري على أرض مصر ليؤكد أن هنالك يد صهيونية، تحرص على زيادة منسوب الكراهية، وتتعمد التشدد في المواقف واحتقار الآخر، وتمارس القبضة الحديدة بوحشية، إنها اليد الصهيونية نفسها التي تحض على استخدام العنف للفصل في الخلافات السياسية بين الفلسطينيين، وتحرض السلطة على اقتحام مخيم جنين، وتشجع على فتح السجون للمقاومين، إنها اليد الصهيونية التي تضغط حتى تجبر رجال المقاومة للاحتكام إلى السلاح، وتصفية كل من يتجاهل صوتهم، ويرفض الاستماع لاعتراضهم، ويحرص على أن يظل سادراً في مشواره التفاوضي، ليفعل ما يشاء، دون أن يسمح للآخرين بأن يقولوا إلا ما يشاء.


إن استهداف رجال المقاومة في الضفة الغربية ليلاً من قبل جيش الصهاينة، واستهدافهم نهاراً من قبل أجهزة الأمن الفلسطينية، هذا الاستهداف المتعمد لرجال المقاومة يستفز العقلاء، ويحرك شهوة البقاء، ويسترجع من الذاكرة تجربة الثورة الفلسطينية في سبعينات القرن الماضي، حين كان يتهم بالخيانة العظمى كل من يعترف بإسرائيل، ويلتقي مع رجل المخابرات الإسرائيلي، لتصدر قيادة منظمة التحرير الفلسطينية أوامرها بتصفيته جسدياً.


فهل سيدافع الشعب المصري عن ثورته، مثلما سيدافع رجال المقاومة في مدينة نابلس والخليل وبيت لحم، وفي مخيم جنين والفارعة وبلاطة والأمعري عن وطنهم؟ وهل سيسترشدون بتجربة الثورة الفلسطينية ذاتها؛ تجربة منظمة التحرير في تصفية عملاء الصهيونية؟