سُطرت في غزة قصة صداقة كان الرابط الأساسي في بنائها الدراجة الهوائية ، فمنذ اكثر من خمسين عاما المسنان احمد ابو شريف ويوسف قاسم اللذان تخطيا الستين من العمر يمارسان هوايتهما المفضلة .
30 عاما تجمعان المسنان احمد ويوسف ليلتقيا كل صباح على شاطئ دير البلح على دراجتهما الهوائية يتذكران الماضي ويتحدثان عن الحاضر.
احمد ابو شريف " ابو فتحي " (70 عاما ) الذى عمل طوال حياته في روضة اطفال تابعة لوكالة الغوث، يقول " صداقتنا مع صديقي يوسف قاسم تمتد منذ 55 عاما وما زالت مستمرة برفقة الدراجات الهوائية ، من جنوب قطاع غزة حتى شمالها نسير على الدراجات بزي رياضي موحد ، ونأخذ معنا طعامنا وشرابنا في شنطة رياضية ونرتاح في بعض الاوقات تحت شجرة نوقد النيران ونشرب الشاي".
ويتابع " ننطلق يوميا من بيوتنا في معسكر دير البلح (وسط) القطاع، على الخط الساحلي ونتجه الى معبر رفح جنوبا ، ومن ثم للمستشفى الأوروبي يليه بنى سهيلا وعبسان وخزاعة ونرتاح قليلا في نادى الكرامة في خان يونس ، ومن ثم نواصل طريقنا على شارع صلاح الدين مرروا بمحطة حمودة للبترول شرق جباليا متجهين لمعبر بيت حانون "ايرز" شمالا ، ومن ثم نتجه للغرب باتجاه السودانية والجامعة الامريكية والقرية البدوية ، ثم نعود الى بيوتنا "
وأضاف " نسير على هذا الخط يوميا وتستغرق رحلتنا ما يقارب اربع ساعات ، وبذلك نكون سرنا اكثر من 40 كيلو متر على دراجاتنا ونرتاح فقط وقت الصلاة".
"ونمت الهواية من صغرى في المرحلة الابتدائية وانا هوايتي اركب الدراجات الهوائية ومغرم فيها ، ولى35 عاما لا اركب سيارة نهائي مشاويري كلها عالدراجة ولا يهمني ريح او امطار ولا يثنيني عن هوايتي أي شىء". حسب قوله
وقال " لم اصل أي طبيب طوال حياتي ، ولم اشعر بأي تعب والحمدلله بصحة جيدة وغذاء مرتب ومنظم ونصيحتي لكل رياضي ان يركز على الغذاء والرياضة والوزن لأنها تجعل الانسان في صحة جيدة ، وطعامنا سويا يعتمد على الالبان والبيض والسلطات والسوائل والوجبات الخفيفة " .
ويناديهم المواطنين بتوأم الدراجة اينما حلو بالزي الموحد مما يعكس حب الناس لهم ويزيد من اصرارهم على التميز والتحدي.
ولم يقف كبر سنهما حائلا امام نشاطهما وقدرتهما على تجاوز مسافات كبيرة داخل قطاع غزة ، ولم تفلح الامطار وعوامل المناخ المتغيرة في اقناع المسنان في العدول عن قرارهم في السير تحت الامطار وهبوب الرياح والمناخ المتقلب.
اما صديقه يوسف قاسم " ابو على " (62عاما ) الذى يعمل منقذا على شاطئ بحر دير البلح يقول " لا نشعر بالتعب ونكون مبسوطين خلال رحلتنا طبيعي جدا ونتحدث في الطريق ونناقش امورنا كلها في الطريق ".
ويتابع " انطلقنا في ابعد رحلة عبر الدراجات الهوائية الى العريش حينما فتح معبر رفح مع مصر قبل عدة سنوات ، تناولنا وجبة الغذاء هناك ومن ثم عدنا لبيوتنا ".
وشكر قاسم نادى خدمات دير البلح على رعايته لهم وكل رياضي يهتم بالرياضيين وخاصة كبار السن منهم ، طالبا منهم ان يحذوا حذوهم في النشاط الرياضي.
وشارك المسنان احمد ويوسف بداية قدوم السلطة الفلسطينية الى قطاع غزة في سباق دراجات هوائية شارك فيه 300 متسابق ، وكانوا من ضمن اول 20 متسابق الفائزين على المسابقة ، وطلبهم الرئيس الراحل ابو عمار بعدما شاهدهم عدة مرات في طريقه ، وقام بتكريمهم واهداهم زي رياضي موحد.
رسالة المسنين التؤام مليئة بالصداقة والحب وكأنها الوصية ولا تلقى بالا من احد ، وشكلت الدراجة درجة عالية في نمو الصداقة بين الرجلين وضلت حاضنة لأسلوب حياة عنوانه العقل السليم في الجسم السليم .
تقرير/ اسامة الكحلوت