ما اشطر بعض القيادات الفلسطينية المتربعة على كرسي الحكم والسلطة ،نهارا تبيع لشعبها الجوز الفارغ ،يوهمونه بأنهم الأكثر حرصا على الوطن والشعب والقضية والتاريخ والجغرافيا ،والمقدسات الاسلامية والمسيحية ،وليلا يرتعون في الفنادق القطرية والتركية والغربية ،تسمع منهم تصريحات ،وخطابات عنجهية ،وفي المؤتمرات الصحفية تتسابق وسائل الاعلام والفضائيات ،والجزيرة القطرية لتصريحاتهم ،وتسرع الاخيرة باستجلاب بعضا من مؤيديهم ،بالتحليل والتعليق وكأن هؤلاء الامراء من القيادات اصبحوا على مسافة مرمى حجر من ام الريش والقدس ويافا وحيفا ،،وخذ نصائح ودروس وعبر وفتاوى ،وتحميل الغير مسؤولية انقسام الوطن والشعب والجغرافيا ،والنتيجة لا مخرج من الأزمة ،ومكانك والى الوراء سر .
متنفذون في حركة حماس يحملون المتنفذين في حركة فتح ،ورئاسة السلطة مسؤولية تدهور الملف الفلسطيني بسبب المفاوضات العبثية ،وتعطيل ملف المصالحة ،والاستجابة للضغوط الامريكية – الاسرائيلية ،وملاحقة عناصر المقاومة ،والتنسيق الأمني مع الاحتلال الاسرائيلي .... الخ وفتح تحمل حماس مسؤوليتها عن اغتصاب غزة من حضن الوطن ،وارتباط مشروعها بأجندات خارجية ،والتخلي عن وطنيتها لصالح حركة الاخوان المسلمين التي سقطت قلاعها في المقطم ورابعة ،وزج نفسها في سياسة المحاور ،وملاحقتها للمقاومين في غزة ،وتعطيلها لملف المصالحة بسبب مجموعات المصالح ،واقتصاد التهريب والأنفاق .... الخ أما الشعب الفلسطيني بمجموعه وقواه السياسية الاخرى ومكونات المجتمع المدني ،يحملون الطرفين المسؤولية الكاملة عن فشل المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية ،وغياب الاستراتيجية السياسية والكفاحية والإرادة السياسة ،وتراجع المشروع الوطني ،وتدني الحياة المعيشية للجماهير المسحوقة والفقيرة ،وممارستهم التعسف وتكميم الافواه ،والاعتداء على الحريات العامة والخاصة ،وفشلهم في رفع الحصار الظالم بكل أشكاله على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة . وبعد مرور أكثر من عشرين عاما على تفاهمات اوسلو التي لم نحسن التفاعل معها كمعركة كفاحية سياسية ودبلوماسية ودولية ،فان بعض فصائل منظمة التحرير الفلسطينية يحمل اوسلو وأصحابها مسئولية تراجع المشروع الوطني التحرري ،والدخول في مستنقع التفريط ،منحت الاحتلال الاسرائيلي المراوغة والتهرب والوقت لفرض الوقائع الاحتلالية على الارض ،تمنع اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس .
بالأمس القريب البعيد كان الانقلاب الدامي ،وتقييم الأخ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في حينه ،انه خطوة اضطرارية ،وبعد سبع سنوات من الانقسام ،وفشل كل الوساطات العربية ،ولحس التواقيع على التفاهمات الثنائية والجمعية للاتفاقيات في القاهرة والدوحة ،لطي صفحته ،والعودة لحضن الشعب ،والتفاهم على تشكيل حكومة توافق وطني ،والتحضير للانتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني فلسطيني لإعادة الوديعة لصاحبها الشرعي وهو الشعب الفلسطيني لم تسر في الطريق الذي انتظره شعبنا . ومع تسارع المتغيرات العربية والإقليمية خصوصا الثورة الوطنية الديمقراطية في مصر ،وفشل مشروع استسلام الشعب السوري ،وتفتيت الدولة السورية ،وتراجع مشروع الشرق الاوسط الكبير ،وبروز روسيا والصين ودول البراكس كرافضين للعدوان الاطلسي الرجعي على سوريا ،استذكر ابو الوليد عمليات التهويد في القدس ،وتحول الى واعظ للعرب لإهمالهم الجرائم التي يرتكبها المحتلون الارهابيون والمستوطنون ،ونسي أنه احد الموقعين الرئيسيين على الاتفاقيات .
وتأتي دعوته للتكفيريين والمتطرفين والرجعيين ،والمرتزقة العرب والأجانب الذين يقاتلون سوريا الشعب والدولة ،بضرورة توجيه البندقية الى فلسطين ضد اسرائيل التي تمثل الشر الأكبر والعدو الحقيقي المشترك ،فمعركة القدس والأقصى هي العنوان الجامع للأمة ،والمسارعة في العمل الجاد وعلى رأسه الجهاد والمقاومة المسلحة وهذه الدعوة صحيحة ،لكنها تبقى شعارا فقط تحتاج لممارسة للتأكد من صدقها ؟؟ ولكن كأنك ابو الوليد لم تقرأ او تطلع على كتاب "الفريضة الغائبة " للاخواني عبد السلام فرج الذي يعكس فيه ايدلوجية الجماعة ،ويدعو فيه الى اغفال الجهاد بالرغم من أهميته القصوى وخطورته العظمى على مستقبل الأمة والدين ،ويحرض على الخروج على الطائفة التي امتنعت عن الشريعة الاسلامية ؟؟ وان استراتيجية الجماعة تتحدد في معيارين هما تحديد العدو القريب والعدو البعيد ،يقول مؤلف الكتاب فرج ( بان هناك من يقول بان ميدان الجهاد اليوم هو تحرير القدس كأرض مقدسة والحقيقة ان تحرير الاراضي المقدسة امر شرعي واجب على كل مسلم ولكن يجب توضيح ان قتال العدو القريب اولى من قتال العدو البعيد ) ،وفي رأيه ان العدو القريب هم حكام المسلمين ،اما العدو البعيد فهي اسرائيل ،ولهذا فعلى المسلمين أن لا يتوجهوا الى العدو البعيد اسرائيل ،فهو جهاد لاحق حتى تتحرر كل بلاد العرب والمسلمين من حكامها الاستبداديين وتطبيق الشريعة الاسلامية فيها !!!!!!!!! وفي هذا السياق نعتقد ان كثرا من الأخوة في حركة حماس التي هي جزء من الشعب الفلسطيني تدرك جيدا خطورة هذه التوجه على الشعوب العربية والإسلامية ،وان نضالها ضد الاحتلال هو جزء من نضال وكفاح الشعب الفلسطيني ،يحتاج لرص الصفوف وتعزيز الوحدة الوطنية قبل ان تبتلع اسرائيل فلسطين التاريخية كلها.
جيد ان أبا الوليد يعترف ضمنا بفشل حركته في تقييمه للمرحلة الفائتة ،وخطأه في التعامل مع الملفين السوري والمصري ،وان كان يحتاج لأكثر جرأة وشجاعة ،ونقد موضوعي للمرحلة الماضية وهذا لن يعيبه ،وليس عبر الاشارة دون تصريح واضح ،وصحيح ما عبر عنه بأن الشعوب التي احتضنت حركة حماس ودعمتها ،ولم تقصر في الدفاع عن القضية الفلسطينية ،من حقها أن تناضل لتحصيل حريتها وكرامتها ولكن بعيدا عن الدماء والاستقطاب والصراعات الطائفية والعرقية ،وعما يمزق الصف الوطني في كل بلد ،وبعيدا عن التدخلات الخارجية في بلادنا ، ( أن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي )...وهذا ما كنا نؤكد عليه دائما وأبدا ،بأننا مع حركة الشعوب وانتفاضاتها ضد الاستبداد والقهر والظلم ،ضد التبعية للنظام الرأسمالي العالمي التي تتزعمها الولايات المتحدة الامريكية ،والتوجه الحقيقي لبناء مجتمعات ديمقراطية حديثة ،تسعى لتحقيق الاستقلال الوطني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي ،وتحفظ كرامة المواطن العربي ،وتوفر له الأمن والأمان ،وتعمل على ضمان العدالة الاجتماعية لكل الفقراء والكادحين من الجماهير الشعبية من العمال والفلاحين ،وتوفير فرص الحياة للشباب .
فهل ستشهد الساحة الفلسطينية في الايام القادمة حراكا فصائليا وشعبيا ،لتطبيق ما تم التوافق عليه ،أم سيبقى ملف المصالحة معطلا برسم العملة المزورة ،والموت السريري ،في انتظار البركان والانفجار الجماهيري والشعبي القادم .
طلعت الصفدي - غزة فلسطين
السبت 11/10/2013