عقدت يوم السبت ورشة عمل في تلال جنوب الخليل ركزت على المقاومة السلمية الشعبية بما يساهم في تعزيز حقوق الانسان، حيث قامت شخصيات إيطالية معروفة بعرض تجارب المصالحة التي خاضوها في ظل أعوام ظالمة مرت بها إيطاليا في السبعينات و بالأخص اختطاف و اغتيال رئيس الوزراء الإيطالي ألدو مورو. و قد أطلع المشاركون أهالي منطقة جنوب الخليل على رؤيتهم خاصة وأكدوا دعمهم لمقاومتهم السلمية للإستيطان و آثاره.
نظمت الورشة من قبل أوبيريشن دوف المكونة من متطوعي سلميين ضمن مؤسسة بابا جيوفاني الايطالية و بالتعاون مع اللجنة الشعبية للمقاومة السلمية في يطا في جنوب الخليل. مشروع أوبيريشن دوف يتم تمويله من الاتحاد الأوروبي و هو جزء من برنامج شراكة من أجل السلام. يعمل المشروع منذ العام 2004 في تلك المناطق عبر حضور دائم وثابت في محاولة لردع ومراقبة وتوثيق اي استخدام للعنف ضد السكان الفلسطينيين مما كان له دور في مساعدة الأهالي لكي يتمكنوا من ممارسة حياتهم اليومية بشكل طبيعي عبر جذب رأي العام الدولي ووسائل الاعلام وبالتالي الضغط الفعلي لوقف أي إنتهاكات بحقهم.
ممثل الأهالي حافظ الهريني، تحدث عن المعاناة التي يعانيها سكان منطقة المفقرة والبلدات التي حولها بسبب محاصرتها من قبل الإستيطان الإسرائيلي، و قال:" لا يتمتع السكان بحرية الحركة في كافة أراضيهم بسبب الإستيطان ومناطق التدريب العسكري (القرى تحاصرهم منطقة التدريب العسكري الإسرائيلي 918)، كما أن الغالبية تعيش في مُغر نتيجة لمنعهم من البناء، ومحرومون من خدمات الكهرباء والماء التي يتمتع بها المستوطنون، ورغم كل هذه الظروف والمعاناة إلا أن الأهالي مصممون على الثبات في أرضهم ومقاومة محاولة تهجيرهم وطردهم منها عبر كل أشكال المقاومة اللاعنفية والشعبية السلمية"، وجدد الهريني شكره للإتحاد الأوروبي وتقديره العالي لدور مؤسسة بابا جيوفاني في مساعدة أهالي القرية وبالذات أطفالها، ومراقبتها للإنتهاكات اليومية التي تحصل، داعيا إلى مزيد من التضامن الإنساني للعمل على إزالة جذور وأسباب الظلم وعدم العدالة.
فرانكو بونيسيلي العضو السابق في منظمة الألوية الحمراء الإيطالية المتطرفة التي إختطفت الدو مورو رئيس الوزراء الإيطالي في سنوات السبعينيات وأعدمته، تحدث عن تجربة العنف الذي مارستها منظمة الألوية الحمراء اليسارية في إيطاليا في سنوات السبعينات في الورشة. "العنف لم يجلب غير سفك الدماء والدمار ولم تؤدي لشيء حقيقي في دعم الشعب رغم أن هدفها كان هو قتل أعداء الشعب". عاش بونيسيلي أربع سنوات تحت الأرض والبوليس الإيطالي يبحث عنه و أضاف أنه:"خلال فترة وجودي قي السجن توصلت إلى أن المقاومة السلمية هي أفضل وسيلة لمنع الظلم و حشد أكبر قدر ممكن من التضامن الشعبي و الانساني و لذلك قمت مع زملاء لي في السجن بالقيام بإضراب عن الطعام رفضا للعنف الذي تمارسه منظمتنا السابقة، الألوية الحمراء، حيث إستطعنا عبر معاناتنا الشخصية أن ننفصل عن الكفاح المسلح العنيف ويكون لنا دور في إنهاء العنف الممارس من قبل منظمة الألوية الحمراء. هذه التجربة وهذا الدور أدى إلى الإفراج عني من السجن بعد أن قضيت 22 سنه به، وأوجد لي ولزملائي حياة مع الإستمرار في رفض كل أشكال الظلم وعدم العدالة، إن تجربة حياتي الشخصية تدفعني بإستمرار لحث الشباب أينما كانوا لرفض العنف والعمل دائما بشكل سلمي في مواجهة الظلم أينما وجد، فاستمرار الحياة يدفعنا لأن نبقي على حلمنا في العيش بحرية وعدالة".
جيوفاني ريتشي، المختص في علم الإجتماع والجريمة تحدث عن منظر آخر للجريمة ألا وهو منظور الضحية. والد جيوفاني ريتشي كان ضمن ضحايا الألوية الحمراء الكثيرين حيث تم قتله فترة أحداث العنف التي مارستها منظمة الألوية الحمراء في إيطاليا و أضاف أن:" أن العنف لا يجلب سوى العنف وأن المتضرر دائما هي الضحية التي يجب أن تعرف كيف تقاوم بطريقة سلمية للتأكيد على حقها في العيش الكريم والعدالة".
تم عرض فيديو للواقع الإيطالي في ظل ما يسمى بأعوام الرصاص في خلال الورشة لمنح المشاركين الفرصة للتعرف على السياق التاريخي للألوية الحمراء وما مر به المجتمع الايطالي خلال تلك الفترة في تاريخه.