يرسم بحث فلسطيني أردني إسرائيلي مشترك التصور المستقبلي للشرق الأوسط في حال إقامة دولة فلسطين إلى جانب إسرائيل، ويرصد البحث -الذي أنجز بسبب "الثورات العربية"- ملامح المنطقة وجوهر قيام الدولتين المستقلتين بإنهاء الصراع وإبرام اتفاقيات سلام بين تل أبيب والدول العربية.
وشارك في إعداد البحث -الذي يعتبر الأول من نوعه والمدعوم من الاتحاد الأوروبي، وسيحول لوثيقة توزع على أطراف النزاع والدول العظمى- نخبة من الباحثين السياسيين والاجتماعيين والعسكريين من مركز "دانيئيل أبراهام للحوار الإستراتيجي بإسرائيل"، و"مركز عمان للسلام والتطوير" و"المركز الفلسطيني للاستشارة والبحث- داتا".
واعتمد البحث حسب ما ذكرت وسائل اعلامية عالمية، على فرضية أن استقلال الدولة الفلسطينية حقيقة ماثلة على أراضي 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، لتعيش بسلام وأمان بجوار إسرائيل وعاصمتها القدس الغربية، على أن تكون البلدة القديمة تحت سيادة مشتركة وبإشراف دولي.
حق العودة..
ولم يتطرق التصور المستقبلي لوضع حل جذري لقضية اللاجئين، حيث طغى الموقف الإسرائيلي بشطب حق العودة والحؤول دون تطبيقه، لأنها تعتبرها تهديدا لأمنها واستقرارها وترى في العودة إلى أراضي 48 خطرا ديمغرافيا على "يهودية الدولة".
ورغم تباين المواقف بخصوص "حق العودة" فإن الباحثين أجمعوا على منح الجنسية الفلسطينية لكافة اللاجئين بالشتات والمهجر على أن تكون العودة إلى الدولة التي ستقام بالضفة الغربية، مع طرح تساؤلات تتعلق بمدى الجاهزية لاستيعابهم والتلميح لسيناريو توطين غالبيتهم بأماكن وجودهم.
ويتوقف البحث عند الكتل الاستيطانية، بحسم مستقبلها عبر تعديلات حدودية متفق عليها من خلال فكرة تبادل محدود للأراضي والسكان، ومنح خيار لفلسطينيي 48 بالتنازل عن الجنسية الإسرائيلية والانتقال لفلسطين. كما طرح سيناريو الإبقاء على المستوطنات ومنح سكانها اليهود الجنسية الفلسطينية مع إمكانية ضمان الرجوع إلى إسرائيل.
صراع وسلام..
واتفق الباحثون على أن مواصلة الخوض في أسباب الحروب لن تضع حدا للصراع. واقترحوا على الجانبين، لضمان استمرارية دولة فلسطين إلى جانب إسرائيل، طي صفحة الماضي وتقديم تنازلات مؤلمة وتنشئة الأجيال على نسيان الماضي، وترويج ثقافة السلم ونبذ العنف، باعتماد لغة الحوار وتقبل الآخر.
واستعرض الباحثون كل من وجهة نظره تداعيات إقامة الدولة الفلسطينية على منطقة الشرق الأوسط، التي يعتبرونها حلقة الوصل بين الشرق والغرب، ونبهوا إلى التغييرات التي حدثت بموازين القوى بسبب "الربيع العربي" وتداعياته السياسية "مما يلزم الإسراع في تسوية الصراع".
وأجمعوا على أن إقامة الدولتين ستؤدي إلى إنهاء الصراع وإحلال السلام، مما سيدعم مكانة الشعب الفلسطيني وتقوية وضع الأردن "في ظل ما تشهده من لجوء وتحديات بسبب الربيع العربي"، وسيؤدي إلى الاستقرار الأمني الإقليمي ويحدّ من النزاعات والتوتر، وسيفتح آفاقا من التطور والازدهار الشامل ما بين إسرائيل والدول العربية.
تحالف ثلاثي..
ويولي البحث أهمية قصوى بضرورة إتباع النظام الديمقراطي بالدولة المستقلة، وخلق وحدة وطنية سياسية، واعتماد التعددية من مولاة ومعارضة تحت مظلة القانون دون تدخلات خارجية وإقليمية، مما سيضعف الفصائل الفلسطينية التي لا تتطلع لإنهاء الصراع وترفض حل "دولتين لشعبين"، وسيحول دون تنامي وتعاظم قوة التيار الإسلامي بفلسطين.
وخصص البحث مساحة واسعة للتحالف الدفاعي المشترك للدول الثلاث إسرائيل والأردن وفلسطين، كمحور إستراتيجي نحو حلف إقليمي للتصدي للتنظيمات "الإرهابية"، وتوظيفه ليكون رافعة للنهوض والازدهار والتطور بالشرق الأوسط، وتدعيم العلاقات الدبلوماسية لإسرائيل مع الدول العربية بالشروع تدريجيا بالتطبيع.
وشدد الباحثون الأردنيون والفلسطينيون على أهمية إقامة كونفدرالية بين الأردن وفلسطين لما فيه مصلحة البلدين، باستقرار أمنهما والحد من التهديدات والمخاطر التي تواجه المملكة، وتدعيم قوة حركة فتح للحد من تصاعد شعبية حركة حماس بالضفة الغربية، وتعزيز التواصل ولمّ الشمل بمنح اللاجئين جنسية مزدوجة تجيز لهم التنقل بحرية بين الدولتين.