"منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، برجاء الاتصال بنا على موقعنا، فنحن نحاول الوصول إلى مكتبكم"، لم تجد اللجنة المشرفة على جائزة نوبل طريقة، في التواصل مع المنظمة لابلاغها بقرارها حصولها على جائزة نوبل للسلام لهذا العام، سوى تغريدة كتبتها اللجنة على صفحتها على تويتر تدعو المنظمة للاتصال باللجنة، طبعاً اللجنة لم تكمل تغريدتها على تويتر بأنها عجزت عن التواصل مع المنظمة عبر وسائل الاتصال المتعارف عليها في مثل هذه الحالة، رغم أن منظمة حظر الأسلحة الكيماوية متخمة بالعاملين فيها سواء في مجلسها التنفيذي "41 عضوا" أو تحت مسمى الأمانة العامة "500 موظف"، إلا أن اللجنة عجزت عن التواصل معها سوى الطلب من المنظمة الاتصال بموقع اللجنة عبر تغريدة على تويتر.
منظمة حظر الأسلحة الكيماوية حصلت على جائزة نوبل للسلام لعام 2013، قرار اللجنة السويدية فاجأ الكثير، وفي الوقت الذي رحبت فيه روسيا بمنح منظمة حظر الأسلحة الكيماوية جائزة نوبل للسلام لهذا العام، والترحيب الروسي له ما يبرره، وجهت العديد من وسائل الإعلام الغربية انتقادات حادة للجنة المشرفة على جائزة نوبل، على إعتبار أن المنظمة، التي تشكلت عام 1997 وتتخذ من لاهاي مقراً لها، لم تقدم للسلم العالمي شيئاً عملياً على مدار سنوات عملها، جيث رأت صحيفة فايننشيال تايمز أن أعمال المنظمة تستحق الدعم ولا تستحق جائزة توبل، وتساءلت الصحيفة لماذا لا يكون منح الجائزة بناءاً على إنجازات وليس مجرد وعود، واستحضرت الصحيفة منح الجائزة للرئيس الأمريكي "اوباما" عام 2009 على جملة من الوعود كان أطلقها حول تعزيز العلاقة بين الشعوب ودعم التوجهات الدبلوماسية في العلاقات بين الدول، ومن حق الصحيفة أن تطرح ذلك حيث من الواضح أن وعود اوباما تبخرت مع حرارة الصراعات التي تشتعل في أكثر من منطقة في العالم.
الانتقادات جاءت في مجملها على اعتبار أن منظمة حظر الاسلحة الكيماوية هي وكالة غير معروفة وبمعنى أدق غير فاعلة، وظلت المنظمة بعيدة عن دائرة الاهتمام العملي إلى أن تم تكليفها بالاشراف على تدمير الأسلحة الكيماوية في سوريا، طبقاً للمقترح الذي تقدمت به روسيا لتجنب العمل العسكري الأمريكي ضد سوريا، ورغم أن مهمة المنظمة تنصب بالأساس على تنفيذ وتطبيق معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية، ومن مهامها تدمير السلاح الكيميائي، إلا أن المنظمة عجزت على مدار سنوات عملها عن ترجمة أهدافها، والغريب ايضاً أن السلاح الكيميائي السوري الذي كان له الفضل في نفض الغبار عن اسم المنظمة وله ايضاً الفضل في تتويجها بجائزة نوبل، لم يكن باستطاعة المنظمة أن تصل إليه لو لم توقع سوريا مؤخراً، بناءاً على نصيحة روسيا، على معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية.
على مدار العقود السابقة كثيراً ما أثارت جائزة نوبل الكثير من علامات الاستفهام حول جدارة الفائزين بها، وجائزة نوبل للسلام بالتحديد كانت الأكثر استهدافاً، وليس من الصعب كشف الصبغة السياسية التي تتداخل في تحديد الفائز بها، فكثيرا ما ابتعدت حول المحددات التي وضعها نوبل في وصيته، حيث من المفترض أن تذهب إلى الشخص أو المجتمع الذي قدم اكبر خدمة للسلام الدولي، فحين منحت إلى الرئيس الأمريكي "اوباما" قيل يومها أنها جائزة مجاملة لسيد العالم، حيث دلت السنوات التي تلت ذلك صحة الانتقادات التي وجهت إلى اللجنة لاختيارها اوباما، فلم يحقق اوباما وعوده للسلم الدولي بقدر ما أسهم في اشعال حدة الصراعات في العالم، فان كانت الصحيفة الفرنسية، اخطأت حين نشرت نعي عام 1888 معتقدة أن ألفريد نوبل هو المتوفي وليس شقيقه، فجاء النعي بجملة "تاجر الموت ميت"، على إعتبار أن ثروته كونها من وراء قتل البشر باكتشافه للديناميت، وهو ما دفع نوبل لأن يخصص الجزء الأكبر من ثروته في وصيته لصالح جوائز نوبل التي تمنح سنوياً في خمسة مجالات، فمن الواضح أن الخطأ يتكرر حين تذهب الجائزة لغير مستحقيها بدوافع سياسية في الغالب.
لعل جان بول سارتر كان محقاً حين رفض جائزة نوبل في الأدب كي يحافظ على استقلاليته عن السلطة السياسية حيث قال "حكم الآخرين علينا ما هو إلا محاولة لتحويلنا إلى موضوع وبدل النظر إلينا كذوات انسانية نصبح مجرد اشياء".
[email protected]