لقد ضاقت الأرض بما رحبت ، والسماء بما رفعت عليك أيها الفلسطيني ، وأنت في رحلة البحث عن الموت الذي يتربص بك من كل حدب وصوب ، يستكثرون عليك أن تبحث بنفسك عن الموت بحرية ، يصرون على أن يسلبوك آخر حرية لا أحد يملكها غير الله ، يصرون على أن يغرقوك في غياهب البحر ، يصرون على طمس قضيتك ، بعدما خرجت من لجوء إلى لجوء ، من قتل وتشريد ومن عيشة أصبحت فيها كالعبيد إلى مكان تُعيد فيه التيه من جديد .
يقولون الثوار من فعلوها ، يقولون الثوار من أغرقوها ، ولقد قلت مستهجناً عن أي ثوار تتحدثون ؟؟!! ، وهل الثوار أصبحوا قاتلون ، بعدما كانوا على الظلم ثائرون .
هل الثوار للأطفال مغرقون ، ما لكم يا هؤلاء كيف تحكمون ، كيف يقتلهم الثوار وفي البحر يتركوهم يغرقون ، يا سادة إن هؤلاء لا ثوار حرية ولا ما يحزنون ، إنهم ثوار ناتو قطاع طرقٍ لصوصٌ ناهبون ، باعوا وطنهم بأبخس الأثمان فإنظروا إليهم كم هم مفتتون .
يا أيها الليبي الشقيق ، ألفظ عنك من ينتمون لهذا الفريق ، من لا هم لهم إلا إشعال الحريق ، من قتلوا الأخ والعم والخال والصديق ، من أغرقوا السفينة في اليم ، فتعساً لهم وجزائهم في النار الحريق .
يا أيها الفلسطيني الحبيب ، لقد ضاع المرسى بين الصراخ والنحيب ، فألا لعنة الله على من وضعكم في هذا الوضع الصعيب ، ألا لعنة الله على من جعلكم كالشريد ، تخرجون من المخيمات تحت وابل القصف الشديد ، أنتم وأبنائكم إلى لجوء جديد ، لجوء ليس فيه للإنسان قيمة فهو يهيم بين الخيام كالسليب .
يا هارباً من الموت إلى الموت ، يا باحثاً عن الحياة في الموت ، يقول الله جل في علاه " وما تَدْرِي نَفْسٌ ماذَا تَكْسبُ غَدًا وما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِ أَرضٍ تَموتُ " .
يا أيها الفلسطيني الطريد ، نحن الذين ننظر الى موتك بخدر الموتى واستسلامهم, نحن الذين ننظر إلى لجوئك وتيهك بين البلدان بشيء من عدم الاكتراث والاهتمام ، لسنا سوى ممثلين هامشيين في نص غريب , نص وحشي, كتبته أقلام لا تعرف لغات الرحمة ونواميس العدل .
يا أيها الوطن الجريح ، آما آن لك أن تستريح ، يا أيها الساسة المتخاصمون ، يا أيها الساسة المتحازبون ، على أي شيء تختلفون ، لا هناك مقاومة ولا ما يحزنون ، والمفاوضات تجري بهدف ذر الرماد في العيون ، والقدس عروس عروبتكم وشرف أمتكم كل يوم لها الأعداء مدنسون ، ومخططاتهم تبتلع الأرض و تقتلع الشجر وأنتم عنها غافلون .
يا أيها الصبح القريب ، يا أيها العيد السعيد ، آما آن لشعبنا أن يطوي صفحة الماضي ، ويعود واحداً موحداً في وطنه من جديد .