17 اكتوبر عبر ودروس

بقلم: جادالله صفا

اقدام الكيان الصهيوني على اغتيال الامين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ابو علي مصطفى وضع الجبهة وقيادتها امام السؤال التالي: كيف سيكن رد الجبهة الشعبية على عملية أغتيال امينها العام؟
لقد كان اغتيال القائد الرفيق ابو علي مصطفى هو بداية سلسلة اغتيالات طالت الصف الاول من قيادات فصائل العمل الوطني، فلحقه الشهداء احمد ياسين وياسر عرفات وغيرهم من القيادات التي تحظى باحترام وتقدير الشعب الفلسطيني والذين شكلوا جزءا من سلسلة اغتيالات نفذتها قوات الاحتلال ضد القيادة الفلسطينية الى جانب حملة الاعتقالات الكبيرة ضد القيادات والكوادر والتي تهدف بالمحصلة الى تصفية القضية الفلسطينية بعد التخلص من قياداتها.
لقد كان رد الجبهة الشعبية على اغتيال امينها العام ردا محقا، يدخل ضمن اطار سياسة المواجهة التي هي نتيجة احتلاله الارض الفلسطينية وتشريد اهلها، وتاتي هذه المواجهة ضمن مرحلة التحرر الوطني التي يخوضها الشعب الفلسطيني.
شكلت عملية الرد التي قامت بها مجموعة فدائية فلسطينية من كوادر الجبهة الشعبية لتؤكد على انها اللغة الصحيحة التي يمكن التعامل بها مع هذا العدو، فرغم الدعوات التي تطلقها بعض الاطراف بالساحة الفلسطينية رسمية وغيررسمية حول جدوى العمل المسلح، الا ان الايام اللاحقة والتمسك بالمفاوضات اثبتت عقم هذا الموقف على مدار عقدين من الزمن.
اغتيال العنصري الصهيوني شكل دفعة نوعية لرفاق وكوادر الجبهة الشعبية ورفع من ثقة الجماهير بهذا الفصيل الثوري واعاد ثقة الجماهير باهمية العمل العسكري وبالضربات النوعية التي من المفترض ان يتم تلقينها للكيان الصهيوني.
ان هذه العملية البطولية التي جاءت بالفترة التي كان يتلقى بها الكيان الصهيوني العمليات الاستشهادية التي تهز داخله والتي كانت ينفذها ابطال المقاومة الفلسطينية، جاءت لتعطي مزيدا من الارادة والتصميم والتحدي لقطاعات واسعة من شعبنا الفلسطيني لتؤكد على صوابية العمل العسكري، لتكبيد العدو الخسائر البشرية والمادية وشل حركته، وتاكيد ذلك على تصعيد وتطوير المواجهة العسكرية معه وتمتينها وحمايتها وتصليبها لتكون قادرة على تحقيق الانتصارات تلو الانتصارات على طريق الحرية والاستقلال وانجاز مرحلة التحرر الوطني الشامل.
الملفت للنظر ان القيادة الفلسطينية ادانت مباشرة عملية اغتيال وزير عنصري صهيوني يدعو الى طرد الفلسطينين من ارضهم، متجاهلة القيادة الفلسطينية التصريحات العنصرية الرامية الى طرد الشعب الفلسطيني ودعواته للتطهير العرقي التي كانت تعبر عن نازية مواقف هذا الصهيوني.
لماذا القيادة الفلسطينية اعتقلت قيادات وكوادر من الجبهة الشعبية وعلى راسها الامين العام الرفيق احمد سعدات في ردها على العملية؟
اثبتت الاحداث اللاحقة منذ اغتيال الصهيوني رحبعام زئيفي، ان التبريرات التي مارستها او حاولت القيادة الفلسطينية ايهام الشعب الفلسطيني وقواه السياسية لصحة مواقفها بادارة الصراع بطلان كل هذه المواقف والتبريرات، فرد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لم يكن سببا بتصعيد مجازر وجرائم الكيان الصهيوني ضد شعبنا وقواه السياسية وقياداته العسكرية والسياسية، وانما الرد الجبهاوي جاء ضمن عملية المواجهة التي فرضها استمرار الاحتلال والاستيطان الصهيوني على الارض الفلسطينية والتي عمدتها مسيرة الشهداء ومعاناة الجرحى وصمود الاسرى.
ان هذه الذكرى من المفترض ان تكون دائما مناسبة امام كافة القوى الوطنية والثورية وعلى راسها قيادة وكوادر واعضاء الجبهة الشعبية للتأكيد على مواصلة النضال وتطويره ووضع استراتيجية نضاليه قادرة على توجيه الضربات النوعية الكبيرة والمؤلمة والتي تكبده خسائر تفرض عليه التفكير باستمرار استيطانه للاراضي الفلسطينية ودفع ثمن احتلاله وجرائمه.
كما ان هذه الذكرى يجب ان تبقى حافزا قويا لكافة قيادات وكوادر الجبهة الشعبية واعضائها وانصارها وقاعدتها الجماهيرية من اجل التاكيد على بناء وتمتين البناء الذاتي وترسيخ العلاقات الداخلية ووضع كافة الامكانيات والطاقات الحزبية والذاتية تحت تصرف حركة التحرر الوطني ضمن استراتيجية وطنية شاملة لألحاق الهزيمة بهذا العدو.
ان وعي الطبيعة الطبقية للقيادة الفلسطينية يجب ان تكون ضمن مراجعة مواقف هذه القيادة والعمل على توفير الارضية الملائمة لايجاد البديل الثوري الذي لا يساوم على المباديء والاهداف التي انطلقت من اجلها حركة التحرر الوطني الفلسطيني، فاثبتت التجربة الاستعدادات عند هذه القيادة استعداداتها للمساومة على الحقوق والثوابت الفلسطينية، وان اقدام القيادة الفلسطينية على تسليم الرفيق الامين العام للجبهة الشعبية لحراس بريطانيين وامريكيين بسجن مضمونه صهيوني وشكله فلسطيني، هذا التصرف جاء ليعبر بالاساس على هزلية هذه القيادة ورضوخها لكافة الضغوط وتخليها عن حقها بالدفاع عن وجودها ومباديء شعبنا وثورتنا الابية، فما زالت الاحداث تثبت ان هذه القيادة غيرة جديرة، وان خلق البديل وتوفير الارضية لبديل ثوري اصبحت ضرورة من ضرورات المرحلة

ان هذه المناسبة والمناسبات الاخرى للعمليات البطولية التي قامت بها الجبهة الشعبية وباقي الفصائل يجب الوقوف امامها واستخلاص العبر والدروس من اجل تطوير وتصعيد العملية النضالية التي سجلتها بطولات وتضحيات الالاف من ابناء شعبنا، فمنهم من استشهد واخرين زجوا بمعتقلات النازية الصهيونية واخرين ما زالوا يعانون من الملاحقات، بطولات نفذها ابطال شعبنا الفلسطيني والعربي شكلت بكل المحطات والاوقات رافعة وطنية واستعدادات شعبية للتضحية من اجل فلسطين والحرية، بطولات تشحذ الهمم،فالوقوف امام هذه العمليات النوعية والبطولية هو من اجل التأكيد ان لغة السلاح والكفاح المسلح هي اللغة التي يفهمها العدو والتي ترهقه العدو وترعبه وتحمله اعباء احتلاله وتحرق الارض تحت اقدام جنوده.
تحية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وقيادتها وكوادها ومقاتليها الابطال الذين استطاعوا ان يلقنوا الكيان الصهيوني درسا لن ينساه وان الجبهة الشعبية اثبتت انها بمستوى التحدي التي فرضتها المرحلة.
والحرية للرفيق الامين العام ورفاق العملية البطولية، والخزي والعار لكل من ساهم باعتقالهم وتسليمهم للكيان الصهيوني.
جادالله صفا – البرازيل
15/10/2013