ينتظر محمد وابن عمه عبد موسم عيد الأضحى المبارك، لافتتاح مشروعهم الصغير ذو الإمكانيات البسيطة "فرم وشوي لحوم الأضاحي"، الذي يدير عليهم دخلاً مُجدي يعوض أشهر العام التي يقضونها بدون عملٍ كونهما رقمًا في جيش البطالة الكبير بقطاع غزة.
وقبيل العيد بأيام جهز محمد وابن عمه عبد نفسيهما لموسم العيد، فاحضرا ماكينة فرم اللحمة التي جلبوها من أحد أعمامهم دون مُقابل، وكانون الشوي وشوالات الفحم، ووضعها ببقالة احد أقربائهم بأحد الطرقات العامة بمحافظة خان يونس.
ومُنذ صباح اليوم الأول لعيد الأضحى بدأ عملهما بوضع كانون الشوي وبدأ بفرم لحمة العيد وشويها للزبائن الذين بدءوا بالتهافت بأعداد كبيرة على محلهما، مما جعلهما مُتشجعين لشراء كميات أكبر من الفحم وجلب مزيد من أسياخ الشوي التي يوضع عليها اللحمة وهي مصنوعة من "الألمنيوم".
وتنتشر أعداد كبيرة من محلات شوي اللحوم وفرمها الموسمية بمختلف الأزقة والطرقات بمحافظات قطاع غزة، فلا يكاد يخلو حي من محل واحد على الأقل، وتعج الشوارع بالدخان ورائحة اللحوم المشوية على الفحم، ويبقى هذا المشهد مستمرًا بشكلٍ شبه يومي لأكثر من أسبوعين بعد العيد.
نجاح واستمرار
ويقول محمد لـ مراسل "وكالة قدس نت للأنباء" : "كنت أعمل بالأنفاق وأبن عمي عبد، بعدما لم نجد فرص عمل فتوجهنا لعمل بها، وبعدما أغلقت على يد الجيش المصري، توقفنا عن العمل مُنذ نحو أربعة أشهر على التوالي، مما جعلنا نفكر ببدائل أخرى لتوفير قوت عيشنا".
ويضيف محمد "أول تجربة لي كانت بشوي اللحوم كانت العام الماضي، عندما وضعت معداتي أمام محل شقيقي فوجدت إقبال كبير على شوي اللحوم لأكثر من شهر على التوالي، وما لا يقل عن 30 كجم يوميًا كنا نجهز للزبائن ما بين فرم وشوي".
ويتابع "هذا الأمر شجعني أن أفتح بنفس المكان هذا العام، رغم عدم مقدرتي على توفير معدات العمل، لكن رزقني الله بماكينة فرح لحمة من عمي دون مقابل، وكانون للشوي ب30 شيقل إسرائيلي اشتريته من أحد الأصدقاء، وأسياخ كانت متواجدة لدي من العام الماضي".
ويستطرد محمد "وقمت بشراء نحو200 كجم فحم من أحد الأصدقاء ووعدته بدفع حقه مع بدء العمل وتوفير نقود تغطي ثمنه وهو حوالي 800 شيقل إسرائيلي، وبحمد الله فرمنا أكثر من 30 كجم باليوم الأول والثاني للعيد وعملنا مستمر ويتوقع أن يزداد يوم الجمعة وما بعده".
عمل مؤقت ومعيقات
ويشير إلى أن هناك الكثير من المواطنين يستغلون موسم العيد ويفتحون محلات شويي لحوم، فلا يكاد يخلوا حي أو مخيم من محل واحد على الأقل للشيواء، لافتًا إلى أن هذا المشروع هو بمثابة فرصة عمل موسمية ومؤقتة تُدير دخلاً لا بأس به _ويوافقه ابن عمه عبد الرأي_.
ويوضح محمد إلى أن ثمن فرم وشوي كجم من اللحمة وتجهيزه بالكامل بـ 15 شيقل، وكل حوالي 10 كجم لحمة يتم شيوائها بشكلٍ متواصل تحتاج لكيلوا ونصف فحم تقريب، مبينًَا إلى أن أهم شيء بعملهم هو توفر الكهرباء باستمرار لعملية الفرم.
وينوه إلى أنه عانى كثيرًا العام الماضي من انقطاع الكهرباء لساعاتٍ طويلة تزيد عن الثماني ساعات، وهذا العام كنت أتوجس من انقطاع الكهرباء في ظل عدم توفر الوقود المصري وارتفاع ثمن الإسرائيلي، فلو عمل المولد الذي جلبته بالوقود الإسرائيلي سيصبح عملنا فقط يذهب للوقود وللفحم فقط.
ويتمنى محمد الذي يعتبر واحدًَا من بين مئات من فتحوا محلات لشوي اللحوم مؤقتًا، أن يبقى الكهرباء موصول دون انقطاع على الأقل فترة عيد الأضحى والأسابيع القليلة التي تليها، حتى نستمر بالعمل دون انقطاع أو تعطل، لأننا ننتظر هذا الموسم من العام للعام.
ومن بين العادات والتقاليد والطقوس التي يُمارسها الفلسطينيون خلال عيد الأضحى المبارك، هي اللجوء لشوي كميات كبيرة من لحوم أضاحيهم وتحويلها لما يعرف بـ "الكباب"، خاصة بأيام عيد الأضحى الأربعة، وكذلك الفقراء الذين لم يضحوا وتصلهم اللحوم من المُضحين، فيجدوها فرصةً سانحة لتناول اللحمة التي يحرمون تناولها لارتفاع أسعارها طوال العام.