متى نتحرر من ثقافتنا السلبية إثر المقولات الهدامة ؟!!

بقلم: حامد أبوعمرة

قال لي ذات يوم أحد الأصدقاء ..برغم ثقافته ،ورغم مهنته السامية كمربي أجيال فاضل ،إلا أنه عندما فحصت زوجته الحامل .. بُشر بالأنثى وما أن علم بذلك إلا انه قد أحس بدوار غريب حيث أسودت ملامح وجهه البريئة ،فأصبح حاله كما وصف الله تعالى في كتابه العزيز ،أصحاب السفاهة والجهل والطيش في القرون الأولى قوله تعالى :"وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ لكن مع الفرق الشاسع في الأيدلوجية الفكرية فالعرب في الجاهلية القديمة..عند تبشير أحدهم بالأنثى ..كمولود ..كانت تلك مصيبة كبرى ، ما بعدها مصيبة وكأن الزوجة وحدها هي المسئولة عن تلك الفضيحة كما كانوا يرونها .. فكانت العادة المتبعة عندهم أي عند العرب أو أغلبهم هي الوأد بدون رحمة أو شفقة ،

وإن اختلف في سبب الوأد للبنات ،فمنهم من يئد غيرة على العرض ،أومخافة من عواقب العار الوخيمة آنذاك ..المهم أن ذاك الصديق لم تكن رؤيته لا لهذه الأسباب ولا لتلك ،وإنما كان تخوفه من أن يموت ، ويترك البنت تكابد ألآم ومتاعب الحياة وحدها ،وكيف لا وهو قد تشبع بمقولة سلبية يرددها الكثيرون مفادها "أن البنات مكسورات الجناح .. وأن هم البنات للممات أوالبنت هم ولو مريم كما يقول بعض السفهاء ..أو البنت خيرها لزوجها وشرها لأهلها " تلك هي ثقافتنا الرجعية بكل تخلف، والنظرة الدونية للأنثى ..ثقافة التمييز بين الذكر والأنثى في كل بلاد العُرب أوطاني ،ولذلك قد أثرت فيه تلك الثقافة فكان تخوفه أن تتزوج شخصا لا يتق الله فينغص عليها حياتها ..برغم التزامه الديني ، ورغم إيمانه وتيقنه بان{... فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ }يوسف64 ..إلا أن الشيطان قد وسوس له كما وسوس لأبويه من قبل ، وذلك ليبعده عن رؤية الصواب ،والانجرار في دروبه أي دروب الشيطان .. بعيدا عن العقيدة الحقة ،وبعيدا عن هدي النبوة ،وقد نسي أو تناسى أن من جملة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي تبين فضائل تربية البنات ، بعكس ما كان عليه أهل الجاهلية من كراهية البنات هذان الحديثان:
1-عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( مَنْ وُلِدَتْ لَهُ ابْنَةٌ فَلَمْ يَئِدْهَا وَلَمْ يُهِنْهَا وَلَمْ يُؤْثِرْ وَلَدَهُ عَلَيْهَا يَعْنِي الذَّكَرَ أَدْخَلَهُ اللَّهُ بِهَا الْجَنَّةَ )).


2- عن عائشة رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ليس أحد من أمتي يعول ثلاث بنات أو ثلاث أخوات فيحسن إليهن إلا كن له سترًا من النار )).
لكنه أي ذاك الصديق قد تراجع بسرعة عما كان يجول بخاطره ،قائلا : استغفر الله العظيم ..ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ..وقد تساءل في قرارة نفسه :أو ليست الأم والأخت والعمة والخالة و الزوجة هن إحدى تلك الإناث ؟!


إن صديقي قد أقر واعترف وتراجع عما اقترف.. ليس من عمل أو إساءة في معاملة الأنثى .. بل لمجرد هواجس شيطانية قد داهمته لحظة شيطانية .. لكن المصيبة الأعظم هي للسفهاء ،والبلهاء الذين يطلقون زوجاتهم اليوم في عصرنا الحديث ،إذا بشروا بالأنثى ،ومنهم من .. يضرب زوجته ضربا مبرحا لحظة المحيض ،لأنها لم تلد له عنترة أو عتريس زمانه ،ومنهم من يتزوج بأخرى لكي ينجب بطل الشاشة ، وولي العهد أمثال هؤلاء هم الذين أشفق عليهم فهل لهم من رجعة سريعة إلى الله
ثم إذا كنا نحن العرب وكمسلمين ننظر للبنات تلك النظرة السيئة بكل أسف ، ورغم أن الإسلام قد عظم المرأة إلا أنهم هناك في الصين يقولون بأن ، مملكة النساء في الصين، حيث الحكم للمرأة ولادة البنات فرحة والرجال لا حول لهم ولا قوة !!


إلى متى سنبقى رهائن إثر تلك الثقافات فنتجاهل قول الحق سبحانه : ﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾