: الذين لا يكظمون الغيظ ..!!

بقلم: حامد أبوعمرة

قصة فصيره بعنوان : الذين لا يكظمون الغيظ ..!!

دارت مشادة قوية امتدت أواصرها إلى عراك حاد بين اثنين من الباعة ،وسط السوق في إحدى المدن سببها ، كما جرت العادة أتفه الأسباب سواء أكان السبب مجرد دراهم معدودة أو تنازع على اختيار موقعا استراتيجيا للبسطات حتى يتم التمكين من الربح الوفير،وكأن الرزق لا يُجلب فقط إلا على من كانت بسطته على مرأى من المارة أي أقرب للشارع العام ، أو على قارعة الطريق وسط الزحام وكيف لا وثقافة الكثيرون مقولة ترددها الألسن دون معرفة ووعي وأدراك فيقول الكثيرون :" اللي ســـــــــــبق أكل النــــــــــــــبق " والنبق هو ثمر نبات السدره ،أو كما يقولون في التراث اللبناني العريق – "اللي سبق شمّ الحبق " والحبق هو نوع من الأزهار، أي من سبق نال الغرض ،وما أكثر النزاعات والصراعات بل والقتل بسبب الرزق ونسي أولئك الجاهلون أو تناسوا قول الحق سبحانه :" وَفِى ٱلسَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ فَوَرَبّ ٱلسَّمَاء وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ [الذاريات:22، 23]


المهم أن أحد الرجال الأشاوس قام بصفع الآخر على وجهه صفعة قوية ،فاشتد العراك بالأيدي وبالصراخ والشتائم ،والذي انفض بسرعة بفضل أهل الخير فصدق الله سبحانه وتعالى وهو القائل في كتابه العزيز :" وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ " وفي صباح اليوم التالي نزل من إحدى الشاحنات التي قد اصطفت قرب المكان وقد كانت الشاحنة مغطاة بطريقة غريبة تحرك ذاك الرجل بخطوات بطيئة في ذات المكان ،وهو الذي قد شعر بالإهانة والخزي والذل إثر صفعه ، ،وكانت عيناه ترقب يمينا ويسارا ،وكأنما يفتش عن شيء مفقود ..كان هناك شيخا كبيرا لاحظ تحركاته فقام على الفور و لوح له بيده بالاقتراب والحضور منه ..فجاء الرجل إليه على عجالة ،وبكل حذر حيث قال للشيخ : هل من شيء ؟! قالها بسرعة فرد عليه الشيخ : نعم أليس أنت من كانت معك المشكلة أمس ؟! قال : نعم ..استطرد الشيخ كلامه فقال ولكن لماذا أراك اليوم مرتبكا وكأنك تبحث عن شيء ،وعيناك لم تفارق الشاحنة الواقفة هناك فرد عليه الرجل وقد احتدت لغة كلامه فقال : أتيت لأخذ حقي ولأرد الصاع صاعين ..!!

فقال الشيخ له بكل أسف لن تستطيع فعل ذلك أبدا مهما أوتيت من قوة ..قال الرجل لقد أحضرت معي أقاربي وهم جاهزون بالشاحنة وعلى أهبة الاستعداد ،ولن يمنعني أحد من النيل من خصمي اللدود ..ابتسم الشيخ وقال برزانة وحكمة : طالما انك عازم على ذلك فغادر هذا المكان فورا إلى مكان آخر ..!! تعجب الرجل وقال ماذا تقصد بقولك أيها الشيخ ؟! ..رد الشيخ قائلا وقد فجر مفاجأة قد صعقت ذاك الرجل فقال :اذهب إلى القبور..!! هل تعلم انه بعدما تم فض النزاع بينكما أمس وما هي إلا ساعة أو أقل بعدما غادرت أنت السوق قد مات الرجل الذي تعارك معك إثر نوبة قلبية شديدة كما علمنا ،وكان ذلك وسط السوق وبنفس المكان ..انصدم الرجل من هول الخبر
ورجع إلى الشاحنة بسرعة ،بعدما انتابه الذهول ،وهو يردد بقوله الحمد لله أني لم أكن سببا في موته .. إنا لله وإنا إليه راجعون !!