صباح يوم الاثنين واجه النشطاء على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" عطلا فنيا، أدى إلى زلزال "خفيف" عطل عملية المشاركة "لايك- إعجاب" وكتابة التعليقات، وكما ظهرت العديد من المشاكل .. إنها أمور فنية بسيطة ربما تحدث نتيجة تحديث في برمجة الموقع أو نتيجة لهجوم قرصنة " هكر " لم يتمكن من السيطرة الكاملة على الموقع الشهير، وفي انتظار الزلزال الكبير، يبدو أن النشاط على الموقع سيكونوا أكثر حزنا وتضررا بعد ان تحولت كثير من علاقاتهم وأفكارهم وآلية تواصلهم عبر الموقع، وتستغرق فترة مكوثهم فيه ساعات طويلة .
ننتقل من تعطل الفيسبوك إلى الهزات الأرضية الخفيفة التي تقع بين الفترة والأخرى في البلاد، فهذه الهزات أحدثت قلقا متزايدا لدى الجمهور وأصبح في انتظار المجهول، والمجهول هو زلزال كبير جدا يعمل على تدمير شبكات الكهرباء والاتصالات والإنترنت، بمعنى تعطل كل وسائل التواصل بين الناس.
في فترة تعطل الفيسبوك، وجد النشطاء أنها فرصة للابتعاد ولو مكرهين (..؟!)عن شاشة الكمبيوتر " الحاسوب"، أما في حالة الهزة الأرضية الكبيرة فيجب الخروج إلى مكان مفتوح على وجه السرعة ، وهذا إجراء إجباري للحفاظ على الحياة .
حين تعطلت الفيسبوك بحث النشطاء عن أعمالهم المؤجلة داخل البيت أو عند الأقرباء وربما اكتشف البعض "المتسمر أمامه بلا توقف" أن لديه زوجة وأبناء وأطفال ومحارم وأصدقاء واقعيون وليس "إفتراضعيون" .. هنا نطرق جدار الخزان ونقول أن كثير من البيوت تشتكي تدمير حياتها الاجتماعية والتواصل بينها نتيجة "لعنة الفيسبوك" .. وتبحث عن حياة آمنة بعيدان عن شاشة الكمبيوتر ، وكما هو الحال في الهزات الأرضية يجب البحث عن مكان آمن في البيت – بعيدا عن الجدران الخارجية ، إنها الوقاية من التدمير الاجتماعي والحياتي .
ولكي تتمكن العائلة من التأقلم والتكيف مع الفيسبوك يجب أن يعرف مستخدميه أن كل شيء إن زاد عن حده انقلب ضده، وانه ليس صحيحا انه مصدر للثقافة أو الأصدقاء او العمل الجاد، أي التعرف على الأمان الأسري وعدم التعرض للهزات العنيفة في وقت مفاجئ ومدمر عائليا، علينا أن نصنع مخرج طوارئ في حال تطور المكوث أمام الشاشة إلى "إدمان" ،وعلى الجهة الأخرى وفي موضوع الهزات الأرضية يجب ان يعرف كل أفراد العائلة أين توجد أمّانات الكهرباء الرئيسية والحنفيات الرئيسية للغاز والماء، وكيف نغلقها، ويجب معرفة كل مخارج الطوارئ والممرات الآمنة في البيت وفي المنطقة .
لقد اكتشف نشطاء الفيسبوك في فترة التعطل والمشاكل أنه من المفضل الالتقاء مع أبناء العائلة والبحث عن موضوعات مؤجلة أو مصنفة بأنها هامشية أو قابلة للعلاج ولكن الحقيقة أنها جادة والعلاج صعب، وفي الهزات الأرضية يجب مسبقا تحديد مكان التقاء مكان أبناء العائلة الواحدة وترك لصاقات او علامات او أي وسائل ملموسة تساعد في حال الطوارئ القصوى، وعدم تركها في مكان واحد فقط بل في اماكن مختلفة .
" كل شيء قابل للسقوط او الانكسار"، هذه ليست مزحة أو إعلانات مدفوعة الثمن، بل إنها حقيقة تنطبق سلوكيات الإنسان التي تصيبها حالة تعرف بــ" اكتئاب الفيس بوك" وتنتشر خاصة بين الأطفال والشباب ، وبالتالي تدمر نفسياتهم وتنكسر قناعاتهم ومقدرتهم على التمييز بين الواقع والافتراض وبين الأولويات وبين الجدية والتفاهة .. الفيسبوك يصيب التركيبة الاجتماعية ويدمرها ببطء، وهكذا تفعل الهزات الأرضية التي تصيب البنى التحتية، فتدمر الشوارع وتغرق الناس في الظلام والحيرة والخوف وعدم وجود وسائل الاتصال المتعارف عليها .
وهنا وبعد ان استعرضنا جزءا من تشخيص المشكلة وبعضنا من الملاحظات والتوصيات، ربما يسأل البعض كيف نتعرف على وصول الشخص النشيط على موقع التواصل الاجتماعي " الفيس بوك" إلى مرحلة الخطر الاجتماعي .. أقول باختصار ان الشخص الذي يجد أنه :" أصبح الفيس بوك يشغل قدر كبير من حياته ولا يملك منه فكاكاً، أى أنهم مقبل عليه بشكل قهري ، فهذا يعني وصوله الى مرحلة الاعتماد النفسي المفرط عليه وهو نوع من أنواع " الإدمان الغير عضوي" ولكنه ربما يسبب المرض النفسي او الخلل العضوي في الأطراف وفي قوة البصر وفي الانتباه العقلي " خلل واهتزاز وترنح نفسي" ، وهذا بالضبط نفس ما في لحظات وقوع الهزات الأرضية، اهتزاز ملموس ومرئي لك للأثاث والمواد التي نستخدمها وربما ترنح أجسادنا وحالة من الدوار وعدم التركيز او فقدان السيطرة على تحديد مركز النظر للأشياء، هذه لحظات مصيرية يجب التفكير " بتدريب مسبق" على كيفية التعامل معها لتفادي الخسائر الكبيرة .
أختم مقالي، بأن الهزات الاجتماعية تبدأ بسيطة ويمكن السيطرة عنها والتسامح مع ظواهرها ونتائجها، ولكن يجب الاحتياط منها جيدا ووضع الأمور في نصابها الحقيقي، لأنه لا يمكن توقع الهزة الكبرى المدمرة، وهذا مشابه تماما لمصير الهزات الأرضية الضعيفة أو المتوسطة التي تطلق جرس الإنذار أن الهزات القوية ربما تأتي لاحقا وبصورة مفاجئة ومدمرة، وان اخطر ما في الأمر هو الوقوع في عزلة عن المحيط الخارجي وعدم التمكن من وصول وسائل الإنقاذ وهذا يتساوى في حال الهزات الأرضية العنيفة وهزات إدمان مواقع التواصل الاجتماعي.