في ذكرى رحيل الشقاقي،،، وقود الدم لن ينطفئ

بقلم: رضوان أبو جاموس

"في الليلة الظلماء يُفتقد البدر" في مثل هذه الأوقات العصيبة، من تاريخ جهاد شعبنا الفلسطيني، وقبل ثمانية عشر عاماً رحل عنا قائد ومجاهد رسم بفكره المستنير معالم طريق جبلها بدمائه الزكية الطاهرة، ففي السادس والعشرين من تشرين أول التضحية والفداء من كل عام  تًمر علينا ذكرى أليمة على قلوبنا وقلوب كل المخلصين من أبناء شعبنا الفلسطيني الصابر وأمتنا العربية والإسلامية، إنها الذكرى السنوية الثامنة عشر على رحيل المعلم الدكتور فتحي الشقاقي مؤسس حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، الذي اغتالته عناصر الموساد في جزيرة مالطا بتاريخ 26/10/1995م.

 

تأتي الذكرى الثامنة عشر لرحيل المعلم الدكتور "الشقاقي" وشعبنا الفلسطيني لا زال يعيش مرارة الانقسام والتشرذم الحاصل على ساحتنا الفلسطينية، والذي عكس آثاراً سلبية على قضيتنا ومقاومتنا في مواجهة الغطرسة والعلو الصهيوني الذي يعيث فسادا وتدميرا في أرضنا ومقدساتنا، وتستبيح دباباته وآلياته مدننا وقرانا ومخيماتنا في الضفة المحتلة ، ويمعن جنوده ومستوطنيه في قتل واغتيال مجاهدينا الأبطال التي كان آخرهم المجاهد في سرايا القدس "محمد عاصي" .

 

وفي هذا المقام نستذكر كلمات وأقوال الشهيد الدكتور "الشقاقي" حول القدس وفلسطين التي كانت حاضرة في وجدان وفكر الشهيد "أبا إبراهيم"، كيف لا وهو الذي أعاد للقضية الفلسطينية مسارها الصحيح ووضعها في إطارها الحقيقي وصبغها بهويتها الإسلامية ، وأعاد طرحها كقضية مركزية للأمة

 

الإسلامية بعدما كانت تعاني من معضلة "إسلاميون بلا فلسطين، ووطنيون بلا إسلام " .

 

الشهيد "الشقاقي" كان له شرف الإنتماء للاسلام العظيم والدفاع عن فلسطين المسلمة ومؤسس لواء الجهاد الإسلامي المقاوم على أرض فلسطين الحبيبة، ورسم طريق القدس عبر البندقية والقرآن ، لأن قناعته بأن طريق التسوية والحلول السلمية لن تعيد الحقوق ولن تحمي المقدسات .

 

ولم يقتصر الشهيد فتحي رحمه الله على طرح الشعارات والأقوال فقط، بل خط طريق الجهاد والمقاومة التي رسمتها دماء شهداء ملحمة الشجاعية الذين تتلمذوا على يد المعلم الشهيد "الشقاقي"، ومفجري ثورة السكاكين وما تلاها من عمليات استشهادية أرعبت قادة الكيان الغاصب في "بيت ليد الأسطورة وتل الربيع وكفار داروم وآخرها عملية تل الربيع البطولية انتقاماً لشهداء غزة.

 

في مثل هذه الأيام فقدت فلسطين أحد ابرز قادتها الذي كان له باع طويل في النضال والمقاومة رغم سنين عمره القصيرة، الإ أنه استطاع أن يضع بصماته في شتي الميادين الجهادية والفكرية والوحدودية، فقد كان الشهيد رحمه الله يتمتع بشخصية وحدوية منفتحة على كل أطياف العمل الفلسطيني الذين خالفوه الرأي أو اتفقوا معه، وهو الذي حمل هموم أبناء شعبه واستشهد في سبيلها وحيداً في مالطا، بعدما ساهم في معالجة مشكلة الفلسطينيين اللاجئين العالقين على الحدود المصرية الليبية ويا ليت الشقاقي موجود في زماننا ويرى مآسي اللاجئين الفلسطينيين المهجرين من سوريا.

 

رغم ألم الفراق للمعلم الفارس لكن هذا هو قدرنا... قدرنا أن نقوم بواجبنا المقدّس، وأن نستمر على نهج الشقاقي الأمين ، ونحافظ على وصية الشهداء الأبطال بالتمسك بخيار الجهاد والمقاومة كخيار استراتيجي وحيد لاسترداد مقدساتنا وحقوقنا... وقدرنا أن نكون من أبناء هذا الوطن المنكوب الذي تتحطم على صخرته كل المؤامرات التي تحاك ضد أمتنا وشعبنا المرابط ، وهذا القدر الرباني الذي نحياه والذي شرفنا به المولي عز وجل وجعلنا طليعة لهذه الأمة ورأس حربتها في مواجهة المشروع الاستعماري في المنطقة .

 

ونختم حديثنا بعبارات من نور قالها المعلم الفارس الشهيد أبو إبراهيم: "لا والله لا نهون ولا نذل فما قمنا من اجل أن نملأ بطوننا كما يعدوننا، لم نعاني شيئا بعد بالنسبة لما عاناه محمداً صلي الله عليه وسلم .

 

"إن علينا أن نختار بين أبد الذل والهوان وبين الحق ... فإما النصر أو الشهادة.

 

فيا لها من حياة عظيمة عاشها معلمنا الفارس ... أمضاها جهاد بلا هوادة ختمها المولي له بالشهادة وذلك تجسيداً لمقولته الخالدة في قلوبنا "الصف الأول يستشهد، والصف الثاني يستشهد، والصف العاشر يستشهد، لكن الثورة لن تخمد ".