لما تكرر اسمه أكثر من مرة ،وفي أكثر من مناسبة شعرت بالحرج الشديد لعدم معرفتي به على الإطلاق ،وكنت أحاول في كل مرة يدور الحديث عنه أن أنصت.. بصمت ، وبكل أدب كالأطفال الصغار الذين يجلسون في أول يوم بغرف صفوفهم أمام المعلم بكل رهبة ووقار !! بل كنت كما التماثيل الجوفاء في متحف الشمع أو كنهر جاف بلا مياه ولا شطئان .. ولذلك كان علىّ أن لا أومأ حتى برأسي كما يفعل الكثيرون في أيامنا من يعرف أو من لم يعرف ..من يومأ برأسه تأييدا للقول، ومن منهم ينافق وما أكثر الدجالين والمنافقين والمطبلين الذين لا يهزون رؤوسهم فحسب بل يهزون بطونهم ،وكل تضاريسهم البارزة!!
الذي ضايقني واستفززني بكل صراحة ،هو جهل تلك الشخصية ،وكأنما مطلوب مني كمثقف أن أحمل كل المعارف على كتفي وأسير بها ،أو عليّ أن أطلع على كل شيء حولي ،وعلى ألا تمر تلك الأشياء مرور السحاب وما أكثر السُحب التي كثيرا مانراها هذي الأيام في أجوائنا الملبدة والمصطبغة بلون ٍ واحد سوداوي في كل مناحي حياتنا ..وسواء أكان ذلك في الجانب السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو غيره مخالفا بقولي هذا الغير ملزم كل النظريات الفيزيائية المتعلقة بتحليل الضوء وألوانه ..لذلك لم تعد عندي لألوان الطيف السبعة سوى لون واحد ،دون أن تتبعه رذاذات مطرية قد تحيي النفوس العطشى ،والضائعة والغرقى في الملذات ..وأطماع الحياة قبل أن تحيي الأرض بعد موتها وتشققها وانسلاخها كما هو حالنا المجتمعي اليوم في بلاد العُرب أوطاني !!
بكل أسف أدرك جيدا أن الشخصية التي أتكلم عنها لا تستحق مني كل هذا التقديم وهذا السرد ولكن لي في القول مآرب أخرى وأدرك كذلك أنه لا يشرفني أن أخط بقلمي نقطة أو فاصلة بالنسبة عنه أو عن اسمه لكني مقتنع تماما أن السفهاء وحدهم في أيامنا هم الذين تتبعهم الكاميرات الإعلامية أينما طافوا .. وهم وحدهم يتبعهم الغاوون .."باسم يوسف " لمجرد أن ذكر اسمه لأول مرة على مسامعي تصورت انه محللا سياسيا بارعا أو من عمالقة النّقاد والباحثين في الشئون الشرق أوسطيه ولما فتشت عنه ،وشاهدت برامجه عبر الانترنت لأول وهلة كونت عنه صورة سلبية ومثال سيء مخزي لكل الذين يتشدقون بالإعلام الحر وديمقراطية الكلمة ، وبالعمل الإعلامي الرديء ..رأيته كما البهلوان في السيرك بل بلا أدنى مقارنة لأني أحترم كل الذين يفتشون عن أقوات حياتهم والذين يحملون أرواحهم على أيديهم من أجل كسرة خبز ..!!
حقيقة لا أعرف لما غلا الدم في عروقي ،وازداد ضغط الدم في شراييني هو موقف مقشعر للأبدان ومقزز للنفوس البشرية الحرة والنزيهة التي تحاول أن ترقى دوما بكرامة الإنسان ،واحترام عقليته وعدم خدش حياؤه ..منذ أن ظهر في برنامجه الشهير في دنى السفهاء والمعتوهين برنامج " البرنامج" المذاع على قناة أون تي في قبل الانتقال لقناة سي بي سي ..ظهر كالأراجوز الذي يحاول دوما أن يضحك الصغار والصغار فقط بحركاته وبصوته ..ولما استمعت لحديثة انتابني الغثيان ،من بشاعة أسلوبه وغوغائيته ..فتارة يهاجم حركة الأخوان بكل ازدراء وبكل ثفاهه ، فيتفوه بكل وقاحة على من هم المفروض أنهم من كبار القوم في الدولة المصرية الحديثة ..وتارة أخري يسفه ثورة 30يونيو ويُقزّم الجيش وقيادة الجيش مستغلا حرية الكلمة كما يزعم ،ويستهزئ بالشعب المصري الأصيل ..محاولا على مسرح برنامجه الهزلي إضحاك الجمهور رغما عنهم وكل الحاضرين المضحوك عليهم أساسا ، لقد نسى ذاك الباسم أو تناسى قول الحق سبحانه" ياأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ( 11 ) )
لم استشعر ولو للحظة أن ذاك الباسم القبيح أنه يحمل رسالة سامية هدفها التغيير أو التطوير أو الارتقاء بعقول البشر ..بل على النقيض من ذلك تماما ،بل هو بكل حماقة يثير الفتن ويضرم النيران في عقول البسطاء الذين لا حول لهم ولا قوة إلا بالله ..ولو علم أولئك المساكين الذين يدفعون أموالهم من اجل حجز مقاعد لهم مشاهدة له لو علموا كما أعلم لإلتزموا بالجلوس بالبيت.. و الاكتفاء بمشاهدة أفلام فنان الكوميديا الراحل إسماعيل يس أو الفنان عادل إمام أو غيرهم !!
أني هنا أدعوه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،ومن باب الغيرة والحمية من أجل إنقاذ عقول البائسين ..وليس من باب السخرية كما يفعل هو.. أن عليه أن يغادر الإعلام وعالمه فورا و العودة إلى مهنته السامية إلى غرف العمليات الجراحية ..عسى أن ينقذ مريضا بالقلب فيكون بأمر الله سببا في شفاؤه ،أو أن يخفف الآلام عن المعذبين في الأرض .. فهل نسى باسم يوسف أفندي انه خريج كلية الطب وأنه حاصل على الدكتوراه في القلب والصدر من جامعة القاهرة يعني ذلك أنه" طبيب جراح قلوب الناس يداويها "كما يقول الفنان جورج وسوف ..أنسي أنه لما سافر إلى أمريكا وأوروبا من أجل العمل لمدة سنتين ونصف في أحد شركات الأجهزة الطبية هدفا لتطوير تكنولوجيا زراعة القلب والرئة فأين هدفه الذي سعى من أجله ..هكذا خدعوه هناك في بلاد الغرب أولئك الذين يرفضون كل تطوير وكل نجاح لأي إنسان عربي طموح ..خدعوه فقالوا أن له حضور وجاذبية ووسامة لاتقل عن مشاهير السينما أو مقدمي البرامج العالمية الشهيرة مثل البرنامج الأمريكي (ذا دايلي شو) الذي يقدمه الناقد الساخر جون ستيوارت ..وأن عليه أن يستغل كل المؤهلات التي يحملها في جلب المال الوفير وبدون أدنى جهود بعيدا عن غرف العمليات وإبر التخدير وبعيدا عن رائحة الدم هكذا خدعوه فقالوا وما أن لبث إلا ولبس ثيابا غير ثيابه التي لا يمكن أن تليق به وأن ذلك ليذكرني بقصيدة شهيرة لأمير الشعراء أحمد شوقي وهي بعنوان " برز الثعلب يوما.."والتي قد اقتطفت من أزهار مطلعها تلك الأبيات :
برز الثعلب يوما ...... في ثياب الواعظينا
فمشى في الأرض يهدي ........ويسب الماكرينا
ويقول الحمد لله ......اله العالمينا
ياعباد الله توبوا.....فهو كهف التائبينا
واقتطفت من رحيق ختامها هذان البيتان :
أنهم قالوا وخير ..........القول قول العارفينا
مخطئ من ظن يوما.....أن للثعلب دينا
وأخيرا أيها الباسم اليوسفي أدعوك بأن تعود لمزاولة مهنتك كطبيب وليس كمذيع برنامجك الذي لا يرقى حتى بالسخرية .. مستذكرا بمخيلتي منذ الصغر أحد مشاهد الدرامية المؤثرة فيا من فيلم "عروس النيل " والذي أبطاله الفنان رشدي أباظة والفنانة لبنى بن عبد العزيز والتي قامت بدور "هاميس" حيث يقول كبار الكهنة بصوت جهور ومؤثر و الذي كان يطل عبر شاشة التلفاز : هاميس .. عودي إلى آتون .. عودي إلى آخيتاتون .. عودي إلى إيجيبتون ..!!