"المطالبة بوضع آليات للخروج من الأزمة الحالية".. متحدثون: الاستراتيجية الوطنية تحتاج لـ"مصالحة حقيقية"

أكدت فصائل فلسطينية ومحللون سياسيون على ضرورة البدء الفوري بشكل جدي لوضع آليات للخروج من الحالة الفلسطينية المأزومة إلى حالة حل وطني.

وطالب متحدثون خلال ندوة سياسية بغزة عقدتها اللجنة السياسية بحركة "حماس" الليلة الماضية بعنوان "التداعيات السياسية لخطاب رئيس الوزراء إسماعيل هنية" إلى ضرورة تبني خطاب إعلامي سياسي إيجابي بين أبناء الشعب الفلسطيني، مستبعدين إمكانية تحقيق أي استراتيجية وطنية بدون المصالحة.

وكشف المتحدثون النقاب عن وجود حراك جدي في ملف المصالحة وحديث يدور بعيداً عن وسائل الإعلام، مؤكدين أن الحديث يدور عن رؤية ومخرج وطني لحل أزمة الرزمة والتزامن في تطبيق المصالحة.

 

الشراكة والمصالحة..

ورأى المحلل السياسي طلال عوكل أن الجديد في خطاب هنية تمثل في كلمة السر وهي المقاومة، مبيناً أن الخطاب تركز على ملفات  القدس والاستيطان والأسرى والانتهاكات الإسرائيلية والمفاوضات كل هذه القضايا جمعها في كلمة واحدة هي المقاومة.

وقال عوكل "لسان حال هنية كان يقول حان الوقت لحماس التي تتبنى برنامج المقاومة القيام بوظيفتها ودورها بما هو عهد إليها في الضفة فغزة تبني المقاومون يعملون تحت الأرض وفوقها بصمت والدور بات الان على الضفة لأن المخططات الأساسية للاحتلال موجودة هناك" .

وعدَّ الكاتب الصحفي حديث هنية عن انتفاضة شعبية في وجه الاحتلال بالضفة يدل على وجود قرار حمساوي لتصعيد المقاومة الشعبية بالدرجة الأساسية في الضفة.

وأضاف عوكل : "حديث هنية عن إشعال الانتفاضة بالضفة هو تكتيك سياسي ناجح لحماس لأنه سيخلط كل الأوراق أمام المفاوض والاحتلال والجميع وسيلفت النظر للوجهة الأساسية لعلاج الأزمات بما في ذلك المصالحة التي أصبحت عنوان تحتاج لأن تكون جزء من كفاح نضالي لأنه ممنوع تنفيذها أمريكياً وإسرائيلياً" .

 

خطاب إيجابي..

وأثنى عوكل على خطاب هنية ، واصفاً الخطاب بمجمله "إيجابياً"، قائلاً "الخطاب أخيراً يعتمد على متى تتحرك حماس بالاتجاهات التي طرحها وحددها هنية في خطابه" .

وأعرب عن اعتقده أن "المسألة من حيث الوقت ليست بعيدة، الظروف في الضفة لحد كبير ناضجة والوضع الفلسطيني على كل علته يحتاج إلى رافعة" .

بدوره، قال وكيل وزارة الخارجية بحكومة غزة غازي حمد إن "خطاب هنية جاء نتيجة لاتصالات ولقاءات تمت مع كل القوى السياسية وطرحنا فكرة أننا نريد الخروج من الحالة الفلسطينية المأزومة من خلال موقف وطني نتفق عليه".

وأكد حمد أن الخطاب جاء بعدما "كانت الصورة ضبابية عند البعض"، مشيراً إلى أن حماس والحكومة بغزة شرعت بلقاءات مع كل القوى والمجتمع المدني وطرحت ضرورة الخروج برؤية مختلفة.

وأوضح أن "حماس أوضحت على لسان هنية موقفها بشكل لا يقبل التأويل بأنها مع المصالحة قلباً وقالباً وكل ما يقال عن حكم منفرد لغزة كلام فارغ لا أصل له".

وتابع "المصالحة بالمنطق المأزوم منطق ليس بالصحيح حتى في العرف السياسي الذي يتهرب من المصالحة يختلق معاذير" .

وجدد تأكيده أن "حماس والحكومة في غزة تسعى لترسيخ حقائق بإيجاد استراتيجية وطنية حقيقة عنصرها رؤية مشتركة وإجماع وتوافق وطني لأنه بغير التوافق لا يمكن أن ينجح شئ"، وفق تعبيره.

ولفت إلى أن المصالحة والوضع الداخلي الفلسطيني لا يمكن أن يبقى على حالة التنازع والاختلاف والصراع، قائلاً "نحن لسنا مشروع سلطة بل مشروع تحرر السلطة في الضفة تحت الاحتلال وغزة قانوناً تحت الاحتلال حدوداً بحرية وجوية وبرية" .

 

قضايا أساسية..

ورأى حمد أن هنية تحدث في خطابه عن ثلاث قضايا أساسية أبرزها المصالحة، مستطرداً "نحن لسنا مع الحوار بل مع التنفيذ ونبحث عن آليات للتطبيق لأننا ناقشنا المصالحة طوال الفترة السابقة ونحتاج لتنفيذ واقع" .

ودعا إلى ضرورة البدء بالمصالحة بشكل جدي، مضيفاً "نريد أن نخرج من الحالة الفلسطينية المأزومة إلى حالة حل لأننا لا يمكن أن نضل في نفس الدائرة ودائرة الاتهامات المتبادلة لأن الجميع يجب أن يتحمل جزء لأن الوضع الداخلي".

وأردف قائلاً "الوضع الداخلي الحالي لا يُحسد عليه أحد والمفاوضات وصلت إلى طريق مسدود ويجب عدم البحث عن ترف سياسي" .

وجدد التأكيد أن موقف هنية الداعي لتطبيق المصالحة كان جدياً وهو الأهم في الخطاب لأن الفلسطينيين يعانون مشكلتين إيجاد استراتيجية فلسطينية وطنية في مواجهة الاحتلال، الفلسطينيين لديهم قدرة على الصمود لكن العقلية الجمعية لديهم ضعيفة.

 

استراتيجية وطنية..

وأكد سعيهم الدائم لتأسيس استراتيجية وطنية فلسطينية عبر الخروج من البرنامج الفصائلي إلى الوطني الذي يجمع الخيارات كافة العمل الشعبي والاقتصادي والمقاومة بجميع أشكالها.

واستدرك قائلاً "لكن المشكلة في الاستثمار السياسي الذي يحتاج لحنكة وأي عمل يجب أن يدرس في إطار تحقيق نجاحات سياسية يمكن أن تقدم الحالة الفلسطينية للأمام ونحن مع كل الخيارات أن تكون مفتوحة لشعبنا بكل الوسائل لكن يجب أن تكون مدروسة جيدة" .

وقال حمد إن "حماس منذ أن تأسست هي حركة وطنية فلسطينية تعمل مع كل دولة حسب علاقتها مع القضية الفلسطينية وعلاقاتها الخارجية كنا نسير فيها في حقل ألغام" .

وتطرق وكيل وزارة الخارجية للحديث عن علاقات حماس، مشدداً على أن الحركة حرصت دائماً على التعامل الحذر مع كل الدول.

وأضاف "هناك دول أعطتنا أموال وأخرى أعطتنا سلاح لكن هذا لا يعني أن حماس تكون في جيب أحد وأتحدى أي كان أن تكون حماس قد خضعت في يوم من الأيام لقرار سياسي لدولة عربية أو إسلامية ما ولم نكن في جيب أحد وعلاقاتنا مع الجميع ممتازة" .

ونوه إلى أن حماس لا تتبع أحلاف، مستدركاً "كنا في سوريا والنظام السوري كان معادي للإخوان المسلمين وبعض الدول كنا فيها كانت لها علاقات مع أمريكا وإسرائيل" .

وبيَّن أن المسألة العربية معقدة وكان مصلحة حركة "حماس" تحشيد كل الدعم المالي والسياسي لصالح القضية الفلسطينية.

وبخصوص العلاقة مع مصر، نفى حمد تدخل حماس إطلاقاً في شئون مصر، معتبراً كل ما قيل في الإعلام "تحريض وتشويه لصورة الحركة" .

 

إدارة الصراع..

من جانبه، أكد القيادي في الجهاد خالد البطش أن" شعبنا لا يمكن أن يتقدم إلا بالمصالحة ولا يمكن تحقيق استراتيجية وطنية إلا من خلال الوحدة الوطنية ".

وقال البطش "يجب وضع استراتيجية وبرنامج سياسي ووطني وندير الصراع مع الاحتلال بشكل جيد (..)ومن يعتقد أن هذا الأمر قد يكون لن يتم وطنياً" .

وأشار إلى أن الفصائل والقوى تبحث عن آليات تطبيق المصالحة وكيفية التقدم في هذا الملف للتطبيق وليس للبحث مجدداً، متسائلاً "كيف نبحث في الآليات انتهينا من الحوارات ونحن بحاجة لآليات تطبيق؟" .

ورأى البطش أن خطاب هنية خطوة جيدة في الاتجاه الصحيح كونه يقف أمام الرأي العام وجاهز للرد والإجابة على الأسئلة شئ جيد.

واعتبر خطاب هنية "بداية جيدة للانفتاح وتقديم مواقف وخطاب مباشر للناس واستعداد من هنية لتقديم وجهة نظر قابلة للشرح والأخذ والعطاء".

وفي ملف المصالحة، قال البطش "من المهم الاتفاق على الاستراتيجية الوطنية لأنها أحد ملفات المصالحة"، مشيراً في ذات السياق إلى أن جدلية المصالحة لا يمكن فصلها وإدارة الصراع مع الاحتلال.

وأردف "الرزمة التي تطالب بها حماس والفصائل والتزامن الذي يطالب به عباس في موضوع المراسيم وتشكيل الحكومة والحديث والنقاش الهادئ يدور حول هذين الأمرين كيف نخرج من موضوع التزامن والرزمة وهذا الأمر يحتاج لموقف وطني".

 

الإجماع الوطني..

ودعا البطش الرئيس محمود عباس إلى الاستجابة للإجماع الوطني بأنه لا يمكن إجراء انتخابات دون وفاق وطني لا بعد 3 شهور ولا بعد 6 شهور.

وطالب القيادي البارز في الجهاد بعدم إيقاف عجلة المصالحة لأنها خيار وطني فلسطيني، يجب أن نذهب باتجاه ترتيب البيت الداخلي.

ومضى يقول "تبرز من هنا أهمية التوافق وتوحيد البيت ولا يمكن بناء لا استراتيجية ولا برنامج ولا استكمال باقي الملفات دون عودة العلاقة على أساس من الشراكة الوطنية سواء منظمة التحرير أو القرار السياسي في السلطة والرئاسة ومجلس الوزراء" .

وأعرب البطش عن تقديريه أن القادم للقضية الفلسطينية خير، مردفاً "الكل يدرك تماما أن الملف السياسي والمفاوضات لا فائدة مرجوة منها وهذا باعتراف عباس بأن التسع شهور القادمة بلا نتائج وسيذهب لطريق مسدود".

ونوه إلى أن الاحتلال لن يعطي عباس شيئا على أرض الواقع لأن المشروع السياسي لنتنياهو والليكود قائم على إبادة الفلسطينيين والسلام الاقتصادي.

وفي ختام اللقاء فتح باب النقاش والمداخلات من الحضور والوجهاء والأعيان لطرح تساؤلات واستفسارات حول ما جاء في الندوة السياسية .

المصدر: غزة – وكالة قدس نت للأنباء -