مؤسسات الجالية الفلسطينية في البرازيل نحو بديل ملتزم بالثوابت الوطنيه

بقلم: جادالله صفا

بامكاننا ان نحمل السفارة الفلسطينية وقيادة الاتحاد العام للمؤسسات الفلسطينية ازمة الجالية ومؤسساتها بالبرازيل، وهذه الحقيقة لا يجوز تجاهلها او القفز عنها، ولكن السؤال الذي يبقى مطروحا، ما هي مسؤولية الاطراف الاخرى المعارضة لهذا النهج؟ وما هي برامجها البديلة لنهضة جاليوية واعادة الفعل الى المؤسسة الفلسطينية التي تلاشى دورها على مدار السنوات الماضية؟
لقد شهد العقد الاول من هذا القرن وبالاخص بعد اندلاع انتفاضة الاقصى وصول العديد من العناصر التي هي بالاساس خارج اطار النهج المحسوب على السفارة الفلسطينية وقيادة الاتحاد، الى رئاسة الجمعيات والمؤسسات الفلسطينية بالعديد من التجمعات الفلسطينية وبعض المدن الرئيسية بالبرازيل، وكان من المفترض لهذه التحولات بقيادة بعض المؤسسات الفلسطينية ان تأتي بتغييرات ايجابية تخرج هذه المؤسسات والحالة الجاليوية الفلسطينية من واقعها السابق الى واقع اكثر تطورا وايجابيا يعود بالمنفعة للجالية ومؤسساتها والقضية الفلسطينية ولكن جاءت الايام لتثبت ان التحولات والهيئات الادارية ورؤساء الجمعيات الجدد لم يشكلوا الامل التي كانت تطمح له الجالية الفلسطينية ومؤسساتها.
خلال العقد الماضي تشكلت بالبرازيل لجنة حوار من اجل تفعيل المؤسسات الفلسطينية، ولم تكن اطراف الحوار ممثلة شرعية لاطراف الجالية وقواها، وانما كان اختيار ذاتيا، مما فاقم بالازمة ولم يجد لها حلولا، رغم انعقاد المؤتمر الثامن الذي كان من المفترض ان يكون شرارة اعادة الحياة الى المؤسسات، وانما المؤتمر التاسع فكان الشعرة لتي قصمت ظهر البعير.
ان اقدام مجموعة فلسطينية كانت تعتبر نفسها من الخط اليساري بالبرازيل على لقاء وفدا صهيونيا يمثل الحركة الصهيونية بالبرازيل على هامش مؤتمر المساواة العرقية ومناهضة العنصرية الذي عقدته الحكومة البرازيلية ضمن وفد يمثل اتحاد المؤسسات بصفته ممثلا للجالية الفلسطينية وبمشاركة محمد بركة عضو الكنيست الصهيوني، كانت من اخطر المواقف مقارنة مع كل السلبيات التي مارستها القوى السياسية على مدار العقد الماضي، حيث حاولت هذه المجموعة زج اسم لجنة فلسطين الديمقراطية بالبرازيل بهذا المسلك عندما وزعت هذه المجموعة بيانا باسم اللجنة، الا ان اللجنة بادرت وبسرعة بتوزيع بيانا يدين المجموعة باصدار بيان باسمها لزجها بامور كهذه وان من شارك باللقاء لا يمثلها ولا ينتمي للجنة، وهذا عملا مرفوضا ومدانا.
على مدار السنوات الماضية حصلت العديد من المسلكيات الغير مقبولة من قبل بعض الهيئات الادارية وافرادا من الجالية الفلسطينية تمثلت ببيع مقر جمعية ساوبولو وتأجير مقر جمعية برازيليا لشركة اطفال، ونظرا لاهمية الجمعيتان حيث من المفترض ان تلعبان دورا هاما نظرا لمواقعهما الاستراتيجية بالبرازيل، الا ان هذا المسلكيات شكلت حالة هبوط حادة بفكر هيئاتهما الادارية وتصرفاتهما اتجاه الجالية الفلسطينية والعمل الوطني الفلسطيني بالبرازيل، فبدلا من ان يتم التركيز على بيع وتاجير مقرات الجمعيات، كان من الافضل على هذه الهيئات الادراية هو البحث عن طرق ووسائل اخرى من اجل النهوض بوضع الجاليات الفلسطينية من خلال برامج فنية وثقافية واجتماعية، فجاليتنا الفلسطينية ووضعها الاقتصادي الجيد بالمدينيتن يسمحان للجمعيات بان لا تمران باي ازمة مالية، ولكن غياب التخطيط والوعي وسيادة التفرد والغرور ساهما بتدهور وضع الجمعيات، وهكذا مسلكيات رغم كل الانتقادات التي وجهت الى النهج القديم والمهيمن والمسيطر على الجمعيات الفلسطينية الا ان هذا النهج اخذ الجمعيات الى وضع اخر غلب عليه المصالح الذاتية والفردية والغرور، وكأن الاسلوب هو اسلوب انتقام من واقع او من طرف اخر، ولم تأخذ هذه الهيئات الادارية اي جدية بمحاولة علاج كافة السلبيات السابقة التي مرت بها الجمعيات ببلدانها، ولم تعمل على نقاش هذه الاجراءات بطريقة جدية ومشاركة الجالية باتخاذ القرار ومعرفة رايها بهكذا تصرف.
كما ان بيع مقر جمعية ساوبولو تم باسلوب مرفوض ومدان، وطريقة غير مقبولة، والطريقة التي تعاملت بها الهيئة الادارية وجمع التوقيع على بيع مقر الجمعية كانت عملية التفافية غير سليمة وغير قانونية، وان سكوت قيادة الاتحاد والتزامهم الصمت يعتبر ايضا جريمة يحاسب عليها الكل على هكذا تصرف واهدار اموال العام.
ان يتم رفع دعوة قضائية من اجل الغاء انتخابات جمعية فلسطينية، هذا لم يحصل اطلاقا بتاريخ الجمعيات الفلسطينية، رغم كل المعارضات السابقة لطريقة وطبيعة الانتخابات التي كانت تحددها الهيئات الادارية السابقة لعموم الجمعيات والتي كانت تفرضها السفارة ونهجها واتباعها، وان هكذا تصرف يؤكد على مدى تخبط هذه الافراد وغياب الارادة ومحاولاتها لفرض مواقفها، متجاوزة بذلك كافة الخطوط الحمر، فالخطأ لا يواجه بخطأ، فرغم كل تعنت الرأي الاخر ورفضه لكافة الحوارات الجادة التي تهدف بمحتواها ومضمونها التوصل الى اتفاق، الا ان الاقدام على رفع قضية بالمحاكم البرازيلية لان هذا الفرد يعتقد ان الانتخابات كانت خارج قانون المؤسسات، فهذا الموقف جاء ليؤكد حكم القضاء بان الانتخابات جرت كما ينص عليه الدستور وقانون انتخابات المؤسسات البرازيلية.

ان تفعيل الجمعيات والمؤسسات الفلسطينية بالبرازيل، واعادة الفعل الى الجالية الفلسطينية، تتم من خلال التخلص من كافة الشوائب والتصرفات والمسلكيات التي تضر بواقع الجالية الفلسطينية ومؤسساتها، وغير مقبول محاسبة الطرف الاخر قبل محاسبة الذات، وان الخروج من هذه الازمة تتم اولا من حسن اختيار اطراف الحوار الحريصين على المواقف المبدئية الغير مراهنة على حسن النوايا والمواقف الاستسلامية مهما كانت المبرارات، كما العمل على فتح باب الحوار من خلال لقاء يجمع كافة رؤساء المؤسسات والجمعيات المنتخبين بطريقة ديمقراطية اولا، من اجل البدء بتفعيل مؤسساتهم من خلال الاتفاق على اليات عمل تضمن اجراء العملية الانتخابية على اكمل وجه تضمن بها وحدة الجالية ومؤسساتها، وان الاتفاق يكون مشروطا وبعيدا عن سياسية اللقاءات والتطبيع مع الحركة الصهيونية بالبرازيل.
جادالله صفا – البرازيل
31/10/2013