يصادف 2 تشرين الثاني الذكرى السادسة والتسعين لوعد بلفور المشؤوم لعام 1917م، إنه الوعد الجريمة والذي يصل إلى مصاف الإبادة العنصرية لشعب آمن في وطنه، وعد استولد دولة الاحتلال الصهيوني في العام 1948م.
إن آرثر بلفور وزير خارجية ( ما كان يسمى بريطانيا العظمى) يعطى أرضاً لا تملكها مملكته الاستعمارية لمن لا يستحقها (الصهاينة) وبسبب ذلك، ها هو الشعب الفلسطيني يقف على عتبات عامه الخامس والستين في اللجوء والاغتراب وذلك بسبب السياسات الاستعمارية البريطانية خدمة لمصالحها في العالمين العربي والإسلامي والمنطقة .
ورغم كل تلك الأعوام من النكبة ، ورغم قساوة اللجوء وما سببت للشعب الفلسطيني من اضطهاد وتمييز بهذا الشكل أو ذاك في بلدان عديده ، إلا أنه قاوم الغزوة الصهيونية وقاوم الاحتلال من حيث كونه ذروة الإرهاب العنصري ، وباعتبار المقاومة قمة الكرامة والتقدم ، واستمر ممسكاً بحلم عودته لوطنه كمن يقبض على الجمر نظراً لمجافاة الظروف العربية، الإقليمية، والدولية والتي تحيط بالقضية ، ونظراً لضغط وقوة شرعت واستولدت (اسرائيل) كدولة اعتداء عنصري بجهوزية وخاصية الاقتلاع والذي هو أسوأ، وأفدح مكونات البربرية بمنطوق القانون الدولي الإنساني، وحسب كافة المواثيق الحقوقية، والقانونية الدولية.
إن القوى الامبريالية بمختلف مسمياتهم يصرون على بقاء (اسرائيل) كقاعدة تجسد حماية مصالحهم ، وإن كان ذلك على حساب آلام ومعاناة ، واغتراب ما يزيد عن ستة ملايين فلسطيني يداعبهم حلم العودة لوطنهم ليل نهار ، ليكونوا اناسا احرارا في وطنهم أسوة ببقية الشعوب بهذه المعمورة .
شعب فلسطين يعاني من الظلم التاريخي المطلق ، نتيجة صمت العالم على حقه ، علاوة على أن العديد من أجياله بلا وطن ،وتعاني من ازمة التكوين بسبب التشتت في أصقاع العالم المختلفة.
هذا الشعب لم يبخل بالتضحيات ، قدم عشرات الآلاف من قوافل الشهداء ، ومئات الألاف من الأسرى ، فضلاً عن مئات الآلاف من الجرحى والمعاقين ورغم قرارات الهيئات الدولية، الإنسانية ، والحقوقية ، وقرارات الأمم المتحدة التي أوصت بإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني بعاصمتها القدس وضمان حق العودة للاجئين الى ديارهم وممتلكاتهم، ورغم كل تلك التضحيات إلا أن (اسرائيل) صمت أذانها عن كل ذلك ، وفعلت أكثر من ذلك بسياساتها العنصرية، بما فيها تجويفها وتنصلها بالممارسة من تنفيذ ما سمي (اتفاق أوسلو) .
يدرك الشعب الفلسطيني يقينا، أن لا حرية ، ولا استقلال ، ولا عودة ، ولا دولة بدون المقاومة باعتبارها الرد الشرعي والأخلاقي والحضاري والإنساني والذي ينبغي أن تكون قوة التحدي والذي يقذف في وجه المحتلين الغزاة ؟
فكيف لنا، أن نفهم قيام دولة فلسطين والاستيطان يستولي، عما يزيد عن 40% من أراضي الضفة الغربية والقدس والتفاوض هو على ما تبقى من أراض على أساس تسوية في دولة مؤقتة ليس إلا هذا من جانب ومن جانب أخر، اتخذت المنظمات الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة المئات، ان لم يكن الآلاف من القرارات لصالح الفلسطينيين ، والسؤال ماذا نفذ منها ؟
إن تلك القرارات لم تقدم شيئاً ذا معنى لماذا ؟ ورغم الاعتراف بدولة فلسطين كعضو مراقب في الجمعية العامة للامم المتحدة ، الا ان الأمم المتحدة وهيئاتها في الغالب تكيل بمكيال مختلف في الشأن الفلسطيني ، وهي بسياساتها تكرس التمايز ، والاستعلاء ، والسيطرة للدول الكبرى وفي مقدمتها أمريكا بدلا من نصرة الشعوب المضطهدة والذي منها الشعب الفلسطيني ،وخير مثال على ما نقول ،ان الجمعية العامة للأمم المتحدة في دوراتها العديدة أكدت على القرار رقم (194) بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين أكثر من مائة وخمس عشرة مرة ، فهل تحقق شيئاً من حق العودة ؟
ان ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في مخيمات سوريا في مواجهة محاولات التهجير بهدف شطب حق العودة وانهاء حلمهم بالعودة يتطلب العمل من اجل توفير الحاضنة من قبل منظمة التحرير الفلسطينية لان المخيمات هي التي تمثل عنوان حق العودة ومن اجل ابقاء قضية اللاجئين وحق العودة حية.
وامام كل ذلك نرى اهمية مواجهة سياسة التطبيع مع الكيان الصهيوني، التي تجري مع جهات فلسطينية وعربية بهدف التعاون الاقتصادي التي تتخذها مؤسسات أكاديمية أجنبية ، لأن الانزلاق نحو التطبيع و التعاطي معه بأي شكل من الاشكال يعني موافقة هؤلاء على القبول باسرائيل كدولة يهودية وهذا يلحق افدح الضرر بالشعب الفلسطيني وقضيته ويؤدي بدون شك الى تفتت كيانات ودول قائمة ويفتح الطريق لنشوء دول على اساس ديني ومذهبي وعرقي في المنطقة مما يهدد الامن والاستقرار ليس في المنطقة بل والعالم اجمع ،وهذا يتطلب من وسائل الاعلام فضح هذه الجهات .
ان هذا الزمن زمن الخنوع العربي، التي اراد فيه بعض العرب تعديل ما يسمى المبادرة العربية من خلال ما يسمى تبادل الاراضي هذه المبادرة التي تقدم فلسطين ارض الديانات السماوية الثلاث فلسطين اطهر بقعة في الارض، الارض التي ربطت فيها الارض بالسماء الى اسرائيل لقمة سائغة ، وبذلك فهم قدموا وعد بلفور العربي نيابة عن الشعب الفلسطيني الذي اغتصبت ارضه و وطنه و شتت في اصقاع الارض وفي مخيمات الشرف اجل مخيمات اللاجئين لان من فيها شعب مناضل قدم تضحيات جسام وما زال متمسك بقضيته و ارضه و حقه بالعودة الى فلسطين، هذه المخيمات ستبقى تذكر العرب او احرار العالم بفلسطين، هذه المخيمات لها وطن مسلوب منذ عام 48 و ان هذا الوطن سيبقى لهم حتى و ان كانوا يعيشون على ارض فلسطين، او خارجها ، والفلسطينيين في المنافي البعيدة الذين شتتهم الدول الاستعمارية في دول العالم والذين يعيشون فيها بعد ان منحتهم جنسيات بقصد طمس هويتهم الفلسطينية والذين يقولوا اطفالهم نحن فلسطينيين مهما حصلنا عليه من رغد العيش و المناصب لا و لن نبدل فلسطين و ارض فلسطين بجنات الخلد، ان من اراد من الوفد العربي تعديل المبادرة اثناء زيارته الى الولايات المتحدة ، اراد ان يتجاهل تضحيات الفلسطينيين والعرب من اجل فلسطين ، وان فلسطين لا يمكن ان تنسى تضحيات الشعوب العربية و احرار العالم الذين قدموا الكثير من اجل فلسطين و رفع علم فلسطين و احياء اسم فلسطين و وضعه على خارطة العالم و بين شعوب الأرض.
ان التردد غير المبرر في اتخاذ سياسات هجومية فلسطينية تمكن القيادة و الشعب الفلسطيني من مواصلة تحركها السياسي و الدبلوماسي في كافة المحافل و المنتديات الدولية خاصة بعد الاعتراف الدولي بفلسطين كعضو مراقب في الجمعية العامة في محاولة غير مفهومة وطنيا و غير مقبولة لاسترضاء امريكا و الكيان الصهيوني و انتظارا لمواقف امريكية قد تنصف الحق الفلسطيني بينما شواهد الاحداث تشير الى مواصلة الادارات الامريكية دعم الكيان و ممارساته و اعماله الاجرامية بحق الشعب الفلسطيني فمثل هكذا معارك يجب ان تكون وفق استراتيجية وطنية فلسطينية متواصلة لمواجهة حالة التراجع العملي للقضية الفلسطينيه من قبل الاشقاء العرب و اقتصارها في غالب الاحيان على دعم التنازلات و التراجعات السياسية , فجردة لحصاد لجنة المتابعة العربية تقدم الدليل على ضرورة اعتماد الفلسطينيين على انفسهم في المرحلة الراهنة انتظارا لتطورات قد تساهم في تفعيل الدعم و المساندة الرسمية العربية للجهود الفلسطينية
ختاما : ان تمسك الشعب الفلسطيني بحقوقه الوطنية المشروعه يتطلب انجاز المصالحة الوطنية وانهاء الانقسام والخروج من التوظيف السياسي والمناورات الداخلية، لان الوحدة الوطنية مقوم أساس لتحقيق الدولة، والعودة، وتقرير المصير، وبوصلتها المقاومة والشراكة الوطنية .
كاتب سياسي