اعلن السفير الفلسطيني في القاهرة د. بركات الفرا عن قيام الرئيس محمود عباس بزيارة للقاهرة يوم الاحد القادم للتباحث في امرين العلاقات الفلسطينية المصرية والمصالحة الفلسطينية الفلسطينية. هذه الزيارة تكتسي أهمية خاصة حيث تأتي في ظل تحولات اقليمية منها؛ اعادة الاستقرار في الجمهورية المصرية من ناحية وبوادر حل سياسي في الازمة السورية في اطار تفاهم دولي بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا الاتحادية أي عودة بقوة لروسيا الاتحادية في منطقة الشرق الأوسط، وتغيير في "موازين" وطبيعة القوى العربية الفاعلة بعد انهيار نظام الاخوان المسلمين في مصر ومراهنات قوى عربية ودولية عليه، بالإضافة الى تفعيل العلاقة الفلسطينية المصرية بعد الفتور الذي سادها في الفترة الاخيرة خاصة في ظل حملة تشنها بعض وسائل الاعلام المصرية على الفلسطينيين دون تمييز ما خلق رأي عام في الشارع المصري غير مرحب بالفلسطينيين.
هذا الأمر يتطلب من القيادة الفلسطينية النظر بتمعن لمنطلقات التحرك السياسي المصري والتي تشكل جوهر السياسة المصرية اتجاه الشعب الفلسطيني في اطار أي تحولات داخلية أو اقليمية دون التقليل من اختلاف المصالح "اذا جاز التعبير" والاختلاف في فترات زمنية قصيرة. ينطلق الجهد الدبلوماسي والسياسي المصري من محورين أساسيين هما (1) عدالة القضية الفلسطينية بحيث يقوم العمل الدبلوماسي والسياسي المصري من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية التي احتلت في العام 1967 من جهة وتحقيق الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره بما في ذلك حقه في إقامة دولته من ناحية ثانية. و(2) تأمين الأمن القومي المصري سواء كان ذلك من العدو الاسرائيلي أو محاولات الاختراق للأمن المجتمعي كالإرهاب والمخدرات. بمعنى أن الحكومات المصرية المتعاقبة تعتبر فلسطين، بشكل خاص قطاع غزة، ضمن المجال الحيوي للدولة المصرية، وهي ترغب بان يكون مستقرا ومحققا لمتطلبات الامن المصري بشقية. لذلك لعب الامن المصري دورا محوريا في العلاقات الفلسطينية المصرية سواء للتنسيق مع الجانب الاسرائيلي أو في العلاقات الداخلية الفلسطينية والذي تعزز مع الانقسام السياسي الفلسطيني.
أن التحول الحاصل في مصر والمؤثرات المحددة في صياغة سياستها الخارجية تشير إلى أن ملامح السياسة الخارجية الجديدة تعتمد على البعد القومي بالأساس، وعلى ما يراه الرأي العام الداخلي في مصر، ومقاومة الضغوط الخارجية وعدم الاستجابة لها، بالإضافة الى استكمال خارطة المستقبل لإعادة الاستقرار الداخلي وانجاز العملية السياسية فيها. كما ان هذه الملامح تشير الى مجموعة من "المبادئ" أو السياسات الخاصة بالعلاقات الفلسطينية تتمثل: (1) الموقف المصري ما زال داعما للمفاوضات مع إسرائيل، وهذا الموقف منسجم تماما مع موقف النظام العربي الرسمي لجامعة الدول العربية" من مفهوم التسوية القائم على حل الدولتين. (2) العودة الى محور أساسي في العالم العربي يقوم على التحالف ما بين مصر والسعودية والامارات بالإضافة الى الكويت والأردن، في جزء منه غاضب على السياسات الامريكية فيما يتعلق بقضايا المنطقة. مما ينبغي على منظمة التحرير الفلسطينية الالتحاق به دون تأخير. (3) الابقاء على علاقات قوية مع قيادة منظمة التحرير وهي القيادة المعترف بها دولياً وعربياً وإسرائيليا وان يسودها الفتور اليوم. (4) لا يوجد قرار لدى الجيش المصري أو الدولة المصرية بإزاحة حكم حماس بالقوة على الرغم من ان السياسة المصرية اتجاهها قد اخذ منحنى التضييق على قيادات حماس وحكمها في قطاع غزة ووقف التنسيق معها فيما يتعلق بالمعابر.
بالتأكيد يؤثر الوضع الفلسطيني الداخلي "الانقسام" على الأولويات في العلاقات الفلسطينية المصرية التي تتراوح ما بين (1) الموضوع الامني فيما يتعلق بقطاع غزة والاحتياجات الانسانية له في ظل وجود سيطرة حركة حماس عليه والتي اتخذت موقفا "معاديا" من التحول ما بعد 30 يونيو/ حزيران 2013 وما بين (2) قوة الدفع المصرية للقضية الفلسطينية خاصة في جانب المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية و/أو في التحركات السياسية الفلسطينية.
لكن في الطريق الى القاهرة هذه المرة يتطلب التأسيس لتطوير العلاقات واتفاقيات تعاون تخدم بشكل خاص قطاع غزة سواء في موضوعات السياحة والنقل والجوانب الاقتصادية المختلفة الاستيراد والتصدير وغيرها من الجوانب الثنائية التي ترفع مع مكانة العلاقات الاقتصادية بالإضافة الى العلاقات الامنية. ويمكن على وجه الخصوص بحث أو وضع ما يلي على جدول الزيارة المرتقبة في اطار ضبط وتطوير العلاقات الفلسطينية المصرية منها:
1. الاتفاق على أن الحالة الراهنة المتمثلة أنها أزمة مرحلية لا تؤسس لعلاقات غير طبيعة مع الدولة المصرية، والاتفاق على أن انهاء تداعيات هذه الازمة يستوجب عملا مشتركا ما بين منظمة التحرير والدولة المصرية لإنهاء الكارثة الانسانية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة بما فيها الحصار وإنهاء الانقسام.
2. التأكيد على التنسيق الدائم ما بين الطرفين في الموقف السياسي بما ينسجم مع الطموحات السياسية الفلسطينية والدور المركزي والمحوري للدولة المصرية بما فيها وضع الحكومة المصرية في صورة المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية.
3. الاستمرار بالفهم المشترك أن الامن الفلسطيني والأمن القومي المصري جزء من الأمن القومي العربي غايته الحفاظ على الكينونة الفلسطينية والدولة المصرية والحفاظ على الاهداف الوطنية والقومية للفلسطينيين والمصريين، وهو قاعدة رئيسية تتطلب الشراكة فيه وليس التبعية؛ بوضع اطار أو هيكل رسمي لتبادل المعلومات الخاصة بقضايا الامن القومي للطرفين والمخاطر المحدقة بالطرفين أو أحدهما بما فيها المعلومات الجنائية.
4. تفعيل الاتفاقيات الموقعة ما بين الدولة المصرية والسلطة الفلسطينية في الجوانب الاقتصادية والسياحية ..... الخ.
5. تنظيم زيارة لوفد فلسطيني يشمل على ممثلين رسميين ومؤسسات المجتمع المدني (فصائل ومنظمات أهلية) للقاء فعاليات مصرية رسمية وغير رسمية.
6. يلعب الاعلام خاصة التلفزي دورا محوريا في رسم الصورة أو الانطباعات لدى الرأي العام وربما يعود الطرفان الى انتاج برامج فلسطينية مصرية تبث مباشرة بالتزامن على قنوات مصرية وفلسطينية من خلال الربط ما بينها، وتطوير مشاركة فلسطينيين رسميين وباحثين وناشطين عبر وسائل الاعلام المصري في البرامج الحوارية ذات المشاهدة الأوسع وذات التأثير للحديث عن القضايا المشتركة المصرية الفلسطينية.
7. مطالبة حركة حماس والحكومة في قطاع غزة وضع المعلومات المتوفرة لديها أو تمتلكها حول الجنود وضباط الشرطة المفقودين أو المساهمة في توفيرها للجانب المصري.
8. السعي لإعلان الجهات الرسمية المصرية لنتائج التحقيقات التي تجريها عن تدخل حركة حماس أو عناصرها أو عناصر فلسطينية أخرى في الشؤون المصرية خاصة فيما يتعلق بعمليات مسلحة أو قتل أو مشاركة جماعات ارهابية.
9. انشاء مجلس مصري – فلسطيني لرجال الأعمال لتبادل الخبرات وفتح مجالات للاستثمار الفلسطيني والمصري في كلا البلدين.