الجالية الفلسطينية بشكل عام بالبرازيل متمسكة بوطنيتها بمواقفها وبحقوقها التاريخية والشرعية على كامل التراب الوطني الفلسطيني، وهذا الموقف بطبيعته يشمل الشعب الفلسطيني بكافة اماكن تواجده، وموقف متناقض مع موقف القيادة الفلسطينية المساومة على الثوابت والحقوق الفلسطينية، وان ما يجري بشكل عام في البرازيل لا يخرج بسياقه العام عن مواقف السلطة الفلسطينية وقيادة المنظمة التي ترمي باتجاه تطبيع العلاقات بين الطرفين الفلسطيني والصهيوني، حيث بمحصلتها النهائية تصب بخدمة استمرار الاحتلال وتهميش القضية الفلسطينية.
خلال شهر حزيران واثناء زيارة السفير الفلسطيني الى مقر حاكم ولاية الريو غراندي دوسول ترسو جينرو، تم اعلامه بان الولاية ستقوم بتنظيم نشاط عرض افلام فلسطينية و"اسرائيلية" من اجل نشر ثقافة السلام بين الشعبين الفلسطيني و "الاسرائيلي"، وهذه الخطوة بالمفهوم الفلسطيني تعني التطبيع السياسي، الذي لم يبدي السفير الفلسطيني اي شكل من اشكال المعارضة.
قضية التطبيع بالبرازيل بين اطراف فلسطينية محسوبة على السفارة وعلى فتح مع الحركة الصهيونية هي سياسة متبعة منذ عقود، تحت مسمى البحث عن السلام بين الشعبين الفلسطيني و "الاسرائيلي" وان السفارة الفلسطينية والمحسوبين عليها يعملون دائما على الفصل بين الحركة الصهيونية البرازيلية وما يسمى قيادة الجالية "اليهودية"، من خلال بحث قام بها كارلوس ادواردو بالتير (Carlos Eduardo Bartel) الحاصل على الدكتوراه من جامعة UFGRS عن القيادة الصهيونية بالبرازيل، وقدمها بجامعة سانتا ماريا عام 2010 ليؤكد ان قادة المؤسسات اليهودية هم جزءا من قادة الحركة الصهيونية، وان محاولات التمويه التي ما زال سفراء فلسطين تمريرها ان هناك فرق بين المؤسسات اليهودية والحركة الصهيونية، هي فقط لتبرير خطواتهم المشبوه، وان دراسة كارلوس ادواردو تفند كل ادعاءاتهم.
ان تشكيل مؤسسة سلام شلوم باز بين طرف فلسطيني محسوب على فتح وسفارة فلسطين كانت خطوة اكثر من علنية على سياسة التطبيع السياسي، وهي لم تكن عفوية اطلاقا، اما الخطوة الحالية التي يقوم بها حاكم ولاية الريو غراندي دوسول من اجل نشر ثقافة السلام بين الفلسطينين و"الاسرائيليين" هي ايضا محاولة التفافية وتبريرا لعقد اتفاقيات اقتصادية مع الكيان الصهيوني تشمل تكنولوجيا وعسكرية، وان اتفاقية نقل تكنولوجية زراعة الزيتون مع الجانب الفلسطيني مقابل عقد صفقات اسلحة وفتح مصانع اسلحة وتطوير تكنولوجيا عسكرية "اسرائيلية" مع البرازيل، والمحاولات الرامية التي تقوم بها سفارة فلسطين واتحاد المؤسسات الفلسطينية و Stop the Wall، كلها تصب باتجاه اضعاف حملة المقاطعة للكيان الصهيوني بالبرازيل، والجديد بالامر ان تقوم مؤسسة غير حكومية بالانضمام الى سياسة التطبيع من خلال تفريغ احد عناصرها للعمل بالبرازيل ضمن هذا المسار.
خلال الفترة الزمنية بين مؤسسة شلوم سلام باز وما يجري اليوم بمدينة بورتو اليغري جرت العديد من اللقاءات والاجتماعات والاتصالات المباشرة والغير مباشرة بين ممثلين عن الجاليتين الفلسطينية و "اليهودية" بمعرفة ومباركة وموافقة السفارة الفلسطينية وقيادة حركة فتح واتحاد المؤسسات بالبرازيل.
ان دعوة طارق رشماوي ومي عودة وكمال الجعفري الى مهرجان السينما الفلسطيني، الذي تنظمه حكومة ولاية الريو غراندي دو سول جاءت مباشرة بعد عرض افلام "اسرائيلية" ولقاءات مع حاكم الولاية تارسو جينرو، حيث المخرج السينمائي الصهيوني Amos Gitai في تصريحه طالب بحل سريع للصراع الدائر مع قطاع غزة، اما تارسو جينرو فاكد بكلمته " انهم يعرفون انه هنا، منذ اعوام توجد علاقات جيدة بين الجاليتين بالاخص في بورتو اليغري، حيث يوجد بينهم علاقات حوار، تسامح، مودة واحترام"
الجديد بالامر هو تبادل الادوار بين السفارة الفلسطينية واتحاد المؤسسات وStop the Wall من اجل انجاح هذا النشاط، ورغم ان ممثلي اتحاد المؤسسات وهذه المؤسسة الغير حكومية التي تنضم الى موقف عدم علمها ومعرفتها بالحدث، هي بذلك تنضم الى سياسة الدجل والنفاق التي تمارسه سفارة فلسطين وقيادة الاتحاد، فالعديد من الاحزاب والشخصيات البرازيلية اكدت انها ابلغت رسميا من قبل ممثلي المؤسسة غير الحكومية المذكورة ضمن هذا المقال عن قدوم ممثلين من فلسطين لنشاطات ثقافية دون ذكر نشاط الجانب الصهيوني، وان هذا يؤكد على معرفتهم بتفاصيل ما يحدث، وما تسعى له هذه المؤسسة هو حصولها على مباركة وموافقة قوى اليسار البرازيلي، وبالمحصلة النهائية اضعاف حملة المقاطعة للكيان الصهيوني التي تنشط بالبرازيل.
ان القوى المعارضة لنهج التطبيع مطالبة بتوسيع قاعدة اتصالاتها وتمتين علاقاتها مع الجالية الفلسطينية والقوى البرازيلية، والبحث عن وسائل اعلامية لسرعة نقل الخبر وتنبيه الجالية والقوى البرازيلية لما يجري على ساحة البرازيل، فان اضعاف القضية الفلسطينية هو بالواقع اضعاف ايضا لقوى اليسار البرازيلي التي تناضل ضد التدخل الصهيوني ونشاطاتها بالبرازيل وتناضل ضد الامبريالية ومخطاطاتها بالقارة، العمل على توعية الجالية الفلسطينية لمخاطر سياسة التطبيع وتنبيهها من المبادرات المشبوهه تحت ذرائع وحجج السلام، فشعبنا الفلسطيني يبحث عن حقوقه الغير قابلة للتصرف، حق العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية، فاستتباب السلام عندما يعود الحق لاصحابه وليس قبل عودة الحق.