منذ رحيل الرئيس القائد الفلسطيني ياسر عرفات والأسئلة تدور حول الغموض الذي اكتنف استشهاده، وظهرت نتائج تحاليل الطب الشرعي في سويسرا والتي أكدت أن الرئيس الرمز ابوعمار مات مسموما بمادة البولونيوم المشع ، وقضية اغتيال الشهيد أبوعمار ستكشف لنا الأيادي الخفية التي دست السم في جسد الرئيس الفلسطيني، ونحن نقول ان الشعب الفلسطيني لن يهادن في قضية اغتيال أبوعمار وهو مصمم اليوم على معرفة خيوط الجريمة ، رغم ان كل التوقعات تشير الى أن الكيان الصهيوني هو المسؤول الاول عن هذه الجريمة وجريمة اغتيال عدد كبير من القادة الفلسطينيين .
لم نكن بحاجة الى معمل سويسري لكي يؤكد لنا ان الرئيس عرفات استشهد مسموما، فالتقرير الذي اعده مستشفى بيرسي دو كلامار العسكري قرب باريس الذي كان محطته الاخيرة في الحياة اكد ان الرجل مات بالسم ولكن لم يتم تحديد نوعيته.
الرئيس عرفات ادرك في ايامه الاخيرة في رام الله ان العدو الصهيوني وصل اليه وسمموه، وكان وداعه لمحبيه بعد وصوله على ظهر طائرة عمودية الى مطار عمان الدولي، كان وداعه وداع الرجل الذي يعرف جيدا انه لن يعود حيا، رغم انه كان جبلا راسخا في الصمود، لا يهاب الموت، مؤكدا فخره واعتزازه بالانتماء الى شعب الصمود والتضحية والعطاء ، فكان محاصر عربيا واسرائيليا، كنا نستمد منه الطاقة والقوة ورفع المعنويات.
ان جرائم الحرب التي يرتكبها كيان الاحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني وقياداته، تشكُّل كل أدوات الاستعمار الصهيوني، وتكشف جل ألوان إرهابه لقطع الطريق على أي بارقة أمل للشعب الفلسطيني في المستقبل، فالعدو عندما اغتال الرئيس ياسر عرفات وقبله ابو العباس في الاسر وابو علي مصطفى والشيخ احمد ياسين وفتحي الشقاقي كان يهدف الى اغتيال الحلم والمستقبل الفلسطيني، حيث لم يتورع الاحتلال الصهيوني عن استخدام أي وسائل من شأنها أن تحقق مشاريعه الاستعمارية الاحتلالية ومساعيه نحو تصفية القضية الفلسطينية ورموزها وقياداتها، حيث أخذت تتعدد القنوات الموصلة لهذا الهدف، وتنفضح بيسر بالغ تكتيكاتها، مهما تباعدت مساحات التاريخ ، حتى لو كان الرهان دائمًا على ضعف الذاكرة أو فتور الهمة والنخوة الوطنية والقومية، وتقلب الوطن العربي من وضع إلى آخر، ومن متغير إلى آخر، كما هو حال التردي الذي يشهده في ظل ما يسمى زورًا "الربيع العربي.
ان تهرب حكومة الاحتلال من جريمة اغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات كان متوقعا، وهي ليست المرة الاولى التي تتهرب منها حكومات الاحتلال من جرائم الاغتيال، فكيف لا وهي من ارتكبت الجرائم وهجرت الملايين من الشعب الفلسطيني في اصقاع الارض، فهي لن تتورع أن تغتال شخصا بقامة الرئيس ياسر عرفات ، لا سيما انه يمثل أمة وشعبا ، وكان يدافع عن هوية أمة وينتصر لإرادة شعب.
ان الكيان المجرم الذي يتمادى في جرائمه بدعم من حليفته الولايات المتحدة و قوى الاستعمار التي تتحالف معه استراتيجيا، والتي أعطته صك القيام بتهجير الشعب الفلسطيني والاستيلاء على ارضه واستيطانها والقيام بالاغتيالات عبر ممارسة كافة الاعمال العدوانية من قتل واعتقال تعسفي، وحصار وانتهاكات ضد الإنسانية وجرائم الحرب مع شعب أعزل؟
إن التضحيات الكبيرة التي قدمها ولا يزال يقدمها الشعب الفلسطيني بقياداته الوطنية والتي أثارت كثيرا من التعاطف مع الحق الفلسطيني، يراد لها أن تطمس وتمحى من الذاكرة الفلسطينية والعربية، ومقدمة هذا المحو كان وما زال التخلص من القيادات الوطنية والقيادية التي تحمل على عاتقها روح النضال والعطاء ومسؤولية الأمانة، ولعل تصفية الرئيس الرمز ياسر عرفات كانت إحدى العلامات على العد التنازلي لتصفية القضية الفلسطينية، بتخاذل عربي وتواطؤ امريكي استعماري.
من هنا نقول يجب التعامل بكل جدية مع اغتيال الرئيس ابو عمار والعمل من اجل ملاحقة دولة الاحتلال من خلال محكمة الجنايات الدولية ومطالبة المجتمع الدولي ومؤسساته متابعة هذه القضية بكل جدية مع الجريمة التي مست برئيس شرعي للشعب الفلسطيني وتجاوزت في ذلك كل الخطوط والاتفاقيات الدولية التي تنظم العلاقات الدولية.
ختاما لا بد من القول ليس أمام الشعب الفلسطيني من بديل إلا العمل من اجل انهاء الانقسام وتوحيد الصف ، فالخصم موحد على ثوابته ، لا تنخدعوا في قريب أو بعيد، فوحدة الشعب وإيمانه بعدالة قضيته وبحقوقه المشروعه هي السبيل الوحيد نحو المستقبل الواعد، ولو بعد حين.
كاتب سياسي