أصبحت الكتابة وجعا يومياً ، وما بين الكلمة والكلمة ترى أناس تائهون بلا هدف يسيرون ، ومن جملة لأخرى ، يسود الظلام وتعم الفوضى المكان ، فلا تتعجب ولا تتحسر ولا تظن أنك خارج دائرة التصويب ، أنت فى حرب الآن ، كل مدافعهم موجهة ضدك أنت ، نارهم حولك ، رصاصهم عليك ، يتفوقون على أبناء الشياطين ، فى صناعة الموت ، يضاهون أحفاد دراكولا فى هواية الدماء ، يسخرون من أفعال الأباطرة بأفعالهم التى فاقت كافة حدود السادية ، مرتزقة مأجورون ، يرتكبون أبشع المذابح ، يستحلون الأرواح البريئة التي حرم الله قتلها إلا بالحق ، لا يفكرون إلا فى الدم ، والقتل ، شعارهم الوحيد الذي يتردد لا نريد إصابات خفيفة بل نريدها رصاصات كثيفة ، فإضرب بالرأس ولا تخش المسائلة ، فدمائهم مستباحة والفتاوي في الجيب جاهزة .
غزة يا مدينتي الجميلة ، غزة يا مدينتي العفيفة ، ما بالك لا تنهضين من كبوتك ما بالك لا تستيقظين من غيبوبتك ، ففيك يا مدينتي الباسلة أصبحت أرى الناس كالأشباح ، لا حياة ولا أفراح ، الناس تعض على الجراح ، على أمل أن يخرجها أحد من هذه الأتراح ، وفي إنتظار الفرج ، تكثر المحن ويزيد الهم والشجن ، و يتم تغييب الحديث عن الوطن ، ونغرق في تفاصيل يومية باهتة مملة حقيرة ، ونستمع لنفس المعزوفات القديمة عن المقاومة وبطولاتها ويتغافل المتحدثون عن رصاصاتها التي أراقت وأسالت دماء الأخوة أنهاراً و أضاءت الليل وجعلته نهاراً .
غزة تغرق في الظلام ، يريدونها أن تعيش بلا أحلام ، يريدون أن يدجنوا شبابها كالأنعام ، منذ ست سنوات عجاف ونحن نستمع لنفس الأسباب ، نفس المبررات والكلام ، نفس المسوغات والأرقام ، عجز في الطاقة ، تقول سلطة الطاقة ، نقص في الوقود وليس لدينا القدرة على شراءه بالنقود ، فنحن متسولون بارعون ، على رقاب الناس متسلطون ، نريد الوقود بالمجان ، وإلا فنحن خير من تاجر بالناس وعرضهم للحرمان .
يا الله ما أًصدق المعري حين يعبر عن حالنا ويقول : يا موت زر إن الحياة كئيبة .. يا نفس جدي إن ظهرك هازل ، لقد أًصبحت حياتنا مليئة بالهموم ، وأًصبح الكثير من شبابنا يتعاطون السموم ، يظنون أنهم يهربون من المصير المحتوم ، فشبابنا في إنتظار الفرج جالسون ومن الوظائف محرومون ، وفي وجه الظلام سينفجرون ، هذه سنة الحياة وهذا طوق النجاة .
وفي مواجهة اليوم الموعود ، عبئت الحشود ، وروعت الناس بخطاب حقود وأعطيت التراخيص بالقتل بإسم الرب المعبود ، فشيوخهم يعطون صكوك الغفران ويدخلون بفتاويهم الناس الجنة أو النيران ، وقد علا صراخهم ووعيدهم حتى كاد أن يتحول الى صحن بأسٍ يومي نرفضه ، تسألون لماذا ؟ ببساطة لأننا من محبي الحياة الطبيعية ، ونحب أن نعيشها وفق ما كتبه الله لنا ولهذا البلد الذي أراده شهداؤنا عظيماً حقاً ينافس غيره من الأوطان في المعرفة والحداثة والإنسانية.
طبعاً أنتم ترفضون ، وبالحكم تتشبثون وعلى رقابنا تدوسون وبعد ذلك تسألون ماذا أنتم فاعلون ؟!!!
يا خاطفي الوطن ، إن غزة ستنهض من المحن فهي على موعد مع الفجر ، تجد وتجتهد ، وتعد وتستعد ، فإنتظروا إنا معكم منتظرون .