تسعة أعوام حسوما !

بقلم: خالد عز الدين

قبل تسعة أعوام حسوما، رحل الزعيم ياسر عرفات، دون أن يغيب تأثيره في السياسة والحياة الفلسطينية، بخطها البياني المتعرج حتى الآن. وكيف يغيب؛ وقد كان أبو عمار الاسم الثاني لفلسطين، أو المعادل الموضوعي لها.

 

لقد كان هو أيضا، ذات العلامة الفارقة في التاريخ الفلسطيني الحديث، بوصفه نقطة الارتكاز التي اتكأت عليها الثورة الفلسطينية، في التشكل والانطلاق والعبور نحو استعادة الحق الفلسطيني المغتصب، بعد أن أتاه الاعتراف الدولي، طوعا وكرها.

 

لقد استطاع ياسر عرفات أن يخلق القواسم المشتركة، بين الشعب الفلسطيني الواقع تحت أسوأ احتلال الغائي تشهده البشرية المتجددة، وبين الشعوب المضطهدة الأخرى، التي تكافح من أجل حريتها وكرامتها واستقلالها في أنحاء العالم، لتتجلى عبقرية ياسر عرفات في نطاقها اللانهائي، حينما شملت قدرة منه مركبة، على استجلاب تأييد كافة القوى الوطنية المناضلة في العالم، سيما في القارة الإفريقية، رغم كل أنواع التناقضات.

 

فكأن ياسر عرفات أراد من البشرية أن تتحد على معنى واحد، وهو العدالة في مواجهة الظلم، والحرية في مواجهة الاستعباد، والكرامة في مواجهة الذل، والمشاركة في مواجهة الإقصاء .. الشيء الذي أعطى القضية الفلسطينية الزخم التضامني العالمي، في الحصول على دعم نضال وكفاح الشعب الفلسطيني، في مجابهة العنصرية الإسرائيلية القبيحة، التي تحلها القوة ولا تحرمها الغطرسة.

 

بقراءة واحدة، ونظرة سريعة، فإن نقطة قوة ياسر عرفات تتأبد في الحقيقة، أنه ظهر في الوقت الذي كانت فيه معظم الدول الاستعمارية تنهي احتلالاتها، للدول التي كانت تقع تحت الاحتلال، ليتسلم أبو عمار دوره التاريخي حينها، في إحدى فرص صناعة واختبار القيادات النادرة.

 

حينذاك كانت إسرائيل وحدها، تبدأ احتلالها لفلسطين، في رفض صريح من الأخيرة لطبيعة التطور التاريخي الإنساني، وانقلاب منها على منطق الحياة في القرن العشرين، والحادي والعشرين، وليس كله .. وما ذلك على أمة تتوحد بالشيء المستحيل !