في تحركات غريبة يقوم وزراء خارجية وزعماء دويلات تارة لزيارة قادة الانقلاب في مصر وأخرى لتجميله في العالم بالتزامن مع تغيرات في الصيغة الإعلامية لتناول أخبار الانقلاب في مصر، ومما لا شك فيه أن ذاك البلد أصبح مرتعا للمخابرات الروسية والأمريكية منذ الانقلاب الذي دخل فيه أكثر من شريك ضد الشعب المصري سواء أصحاب قوة أو "طراطير" عرب وأحجار شطرنج.
إلا أن اللافت عقب صفقة أمريكا- روسيا في سوريا أن الأمريكان عادوا لتجميل الانقلاب في مصر بل ودخل إلى الخريطة هناك اسم روسيا ودورها؛ ما يعني أن اللعبة التي لعبتها روسيا حينما استولت على الانقلاب وسوقته على أنه أمريكي تلعبه الآن أمريكا وتسوق أن الروس لهم علاقات بمصر، وهذا دليله أن تخرج قيادات في الانقلاب تتحدث عن توتر العلاقة مع أمريكا في الوقت الذي تتحدث فيه عن اتصالات عسكرية وسياسية مع روسيا.
إذاً فإن قراءة للمشهد تأتي على النحو التالي:
* الانقلاب يدخل مراحله الأخيرة والسبب المباشر هو صمود الشارع المصري في وجهه طيلة أربعة أشهر، وهذا ما دفع الأطراف الراعية له للتخبط وحالة الارتباك القائمة دليل ذلك.
* تحويل الرئيس المنتخب إلى محاكمة بعد أن غيب القانون عنه أصلا وهذه البصمة أمريكية الآن.
* غياب المجرم السيسي عن المشهد السياسي يدل عليه كثرة الأخبار والصيغة الإعلامية لها عن دوره دون صورة أو صوت؛ كما أن جون كيري زار القاهرة لترتيب أوراق العمل لديهم وتهيئة الأجواء العامة لجنرال آخر كما سامي عنان؛ وهذا يعني أن التخلص من السيسي وارد وبشكل كبير خاصة بعد أن عصى الأمريكان وانحاز للروس في فترته الدموية ومجازر رابعة والنهضة وغيرها، فالآن أمريكا ترتب الخريطة بتغييبه سياسيا ولن يعود للمشهد أبدا.
* محاولة الإعلام التابع للأمريكان سواء المصري أو العربي أو غيره تصوير العلاقات الروسية المصرية على أنها في أقوى مراحلها حتى يتسنى للأمريكان تمرير المرحلة بالعباءة الروسية وتحميل تلك العلاقات أي جرائم ومجازر تحدث أثناء حرف الانقلاب وإعادته للحضن الأمريكي.
وفي ظل هذه الإشارات بات من الواضح أن الأمريكان يدعمون تغيرا في مصر للحفاظ على سياستهم هناك بعد أن كان السيسي يقودها إلى مربع آخر تابع للروس، وهنا يبرز أحمد شفيق وسامي عنان وطنطاوي في الصف الأمريكي ولهم قوة داخل الجيش، في حين أن السيسي لم يعد يستطيع البقاء على وقع التخلي الروسي عنه ضمن صفقة سوريا وأيضا سجله الدموي وطبيعة التحالفات داخل الجيش.
ومن المفارقات التي يستغربها المراقبون أن يزور وزير خارجية أمريكا مصر ويصر على أن يضع عبر حسابه الإلكتروني صورا له باجتماعه مع السيسي وهي قديمة، كما أن زعيما لدويلة يزرو مصر وتضع وسائل إعلامه خبرا أنه التقى السيسي ولم تفصل وتتجاوز التقاءه عدلي وغيره، كما أن أخبارا كثيرة باتت تنقل فقط لإثبات أن السيسي في المشهد السياسي وهذا إن صح التوقع بأنه خارج المشهد فيعني أن الأمريكان يردون الصفعة للروس هناك أو بالتوافق نظرا إلى لغة المصالح، غير أن طرفا ثالثا لن تمر عليه تلك المرحلة الانتقالية في قيادة الانقلاب وهو الشعب المصري الذي حتما سيواصل انتفاضته حتى كنس عملاء روسيا وأمريكا ويعيد الكرامة ليس لمصر وحدها بل لشعوب العرب والمسلمين.