اضحك على تمرد

بقلم: فايز أبو شمالة

كنت واثقاً أنني أعيش في قطاع غزة، وأنا أتابع تصريحات صبية تمرد عبر صفحات التواصل الاجتماعي، لأكثر من ثلاثة أشهر وأنا أفتش عن قشة صغيرة تشير إلى وجود صبية تمرد على أرض غزة، فلم أر أي ملامح لهم فوق قبر منزوٍ، أو على جدار متهاوٍ، ومع ذلك ظل ضجيج أولئك الصبية يتعالى على صفحات التواصل الاجتماعي بشكل يوحي بأنهم قد ملئوا الأرض، وطفحت بهم شوارع قطاع غزة، وهم يتوعدون سكانه يوم 11/11.

 

لقد جبت أرض قطاع غزة من شماله حتى جنوبه، ومن شرقه حتى غربه، وسألت الطير والشجر، وخاطبت الحجر والبشر: أين هم صبية تمرد؟ أين هم ثوار الفيس بوك؟ أين هو التهديد والوعيد بإشعال الأرض تحت أقدام سكان قطاع غزة، وزعزعة أركان حكومة حركة حماس؟ أين هم أولئك الذين حسبوا سكان قطاع غزة مجموعة من البهائم؛ التي تتحرك بكلمة "حا" وتتوقف بكلمة "هيش"؟ أين هم صبية تمرد يا رجال قطاع غزة؟ هل سمعتم بهم؟ لقد مر يوم 11/11 الذي طبلوا له منذ عدة أشهر، فهل مر من باب بيتكم صبية تمرد؟ هل وصلكم إنذاراتهم وتهديداتهم؟ هل تغير شيء من حياتكم أيها الناس؟ وهل صدق بعضكم أكذوبة بعض الأقلام المأجورة؛ التي تحدثت عن ثورة جماهيرية ستضرب أرجاء قطاع غزة؟

 

لقد جاء يوم 11/11، يا صبية تمرد، جاء ببهائه ورجولته وشهامته، جاء يوم 11/11، وظل صباح غزة جميلاً، وظل وجه سكانها مشرقاً كعادته، يشكو وجع الحصار، ولكنه يبتسم للغد، يشكو نقص الحاجات الضرورية، ولكنه يربط كل ذلك بالصمود، يشكو المؤامرة على رجالة وشبابه، ولكنه يوجه قذائفه إلى قلب بني صهيون، فسكان قطاع غزة يجيدون الربط بين المؤامرة وبين مصالح الصهاينة، فعندما جاء اليوم الذي ظن صبية تمرد أنه سيعكر بهاء غزة بهتافات التمجيد للمفاوضات، تفاجأ الجميع بأن الشعب الفلسطيني يهتف ضد أعداء المقاومة، ويعلن بقضه وقضيضه عن انتمائه لفلسطين، واحتضانه للبندقية.

 

لقد أدرك سكان قطاع غزة ـ منذ اللحظة الأولى التي ظهر فيها صبية تمرد على صفحات التواصل الاجتماعي ـ أن هؤلاء الصبية لا يخدمون إلا العدو الصهيوني، وأن دعوتهم لطعن المقاومة من الخلف لا تصدر إلا عن لقطاء في السياسة، فكل حركة لا يكون لها أب شرعي، يعلن أنها من صلبه، وأنه المسئول عن تصرفاتها، هي حركة لقيطة، وكل حركة لا تنتمي إلى الأرض الفلسطينية، ولا تنمو في حضن الشعب الفلسطيني هي حركة لقيطة، لفظتها أمها فوق مزبلة المهانة؛ بعد أن حملت فيها سفاحاً في ظروف غامضة مشبوهة.