تقرير .. لماذا فشلت "تمرد" بهز حكم حماس ..؟

منذ تاريخ 13 آب/ اغسطس من العام الحالي الذي اعلن فيه عن تشكل "حركة تمرد " الفلسطينية لإنهاء حكم حركة حماس بغزة ، والشعب الفلسطيني ينتظر ماذا سوف يحدث بين تمرد وحماس..؟ ، او ربما كانت ( تمرد ) تنتظر ما الذي سوف يحدث بين الشعب الفلسطيني وحماس ..؟، لكن شيئا من هذا لم يحدث ..!

في ملف تعريفات من اطلقوا "تمرد " قيل انها حركة فلسطينية مدنية جاءت أسوة بحركة تمرد الناشطة في مصر والتي أطاحت بحكم الرئيس السابق محمد مرسي ، وقيل انها جاءت كانعكاس للحالة المصرية في داخل قطاع غزة وحدد يوم 11 تشرين الثاني /نوفمبر الجاري ذكرى رحيل ياسر عرفات التاسعة، كيوم للخلاص من حكم حماس ، جاء اليوم وفشل المتمردين.. لم يخرج احد !

ابراهيم ابراش استاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر بغزة ووزير الثقافة الاسبق ، يقول في هذا الصدد "من حيث المبدأ يجب عدم الاخذ بحركة تمرد بمأخذ ايجابي ، لعدة اسباب ـ اولها انها ظهرت على الفيس بوك في البداية بدون ان يعرف لها أب ، ولم تقف ورائها أي جهة رسمية او تنظيمية معروفة ، فلا يمكن لجماعة تريد ان تقوم بتمرد ان تغيير الوضع في قطاع غزة ويكون ذلك من خلال دعاية او صفحة فقط على الفيس بوك ".

ويرى ابراش في حديث مع "وكالة قدس نت للأنباء"، ان حركة تمرد -التي اعلن عنها بانها فلسطينية - في ظهورها يوجد التباس و"هناك شكوك تدور حولها ، فلو اخذنا الوضع في مصر، عندما ظهرت حركة تمرد المصرية كان القائمون عليها معروفون وجرى مؤتمر صحفي وكان هناك حضور لشخصيات وقيادات حزبية ، واعلنوا انهم هم الذين يقودون هذه الحركة ".

ويضيف " كما تم جمع ملايين التوقيعات من المصريين ، في غزة لم يحدث شيء من هذا ، فلا يجب ان نقول ان حركة تمرد حركة فلسطينية لأنه لم يتبناها اى فصيل او حزب من منظمة التحرير او خارج المنظمة ، فلا يجب ان نعطيها حجما اكبر من حجمها بان نقول يوجد عملية تمرد على حكم حماس لان هذا خطأ بشكل كبير جدا ".

وحول سؤال هل يمكن اعتبار فشل (حركة تمرد ) بإسقاط حكم حماس هو ضعف للفكر الليبرالي او العلماني مقابل حكم الاسلام السياسي اذا ما استمر بالسلطة بعد فترة من الزمن ، يقول " يمكن ان يقال هذا اذا ما كان بالفعل ان حركات وتنظيمات معروفة ليبرالية او يسارية او علمانية او غيرها كانت بالفعل تقف وراء تمرد، لكن لا احد من هذه القوى له علاقة بعملية تمرد، لان هناك شكوك بأن جهات مشبوهة تقف وراءها ".

ويوضح ابراش وهو الخبير في الشؤون السياسية والكاتب في نفس المجال ، " بان ظهور القوى الليبرالية او العلمانية الفلسطينية داخل قطاع غزة ، كان في احياء ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية في شهر يناير بداية العام الجاري 2013، وهو بمثابة الوجود الحقيقي لهذه القوى وليس من خلال من يتحدثون باسم تمرد ".

التمرد على الحالة الفلسطينية...

ويؤكد " انه اذا ما اردنا ان نحدث تغييرا في الحالة الفلسطينية ، فالموضوع ليس التمرد على حكم حماس بغزة ، بل هو اكبر بكثير من ذلك ، حيث يوجد استمرار الاستيطان في الضفة الغربية وهو يمثل خطر على الوطن وهناك مشكلة في حكم حماس بغزة ، والمطلوب هو التمرد على الحالة الفلسطينية ، كما كان عنوان حركة شباب 15 اذار الفلسطينية ، وهو انهاء الانقسام ".

ويقول " يجب ان يكون هناك ثورة شعبية على كل الوضع القائم سواء بالضفة او بغزة ، ومعركتنا الحقيقية ليس اسقاط حكم حماس ولكن كيف ننهي الاحتلال ونوقف الاستيطان باعتباره هو العدو الاساسي لنا ، وليس من مصلحة الفلسطينيين الدخول في حرب اهلية ".

يذكر ان حملة 15 آذار/مارس عام 2011 هي احتجاجات فلسطينية طالبت بإنهاء الانقسام وادت لخروج المظاهرات والمسيرات حيث انطلقت في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة لإنهاء الانقسام الفلسطيني (بين حركتي فتح وحماس), متأثرة بموجة الاحتجاجات العارمة التي اندلعت في الوطن العربي مطلع عام 2011  وبخاصة الثورة التونسية وثورة 25 يناير المصرية اللتين أطاحتا بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي والرئيس المصري حسني مبارك. وقاد هذه الاحتجاجات الشبان الفلسطينيون مع بعض الفصائل للمطالبة باستعادة الوحدة الوطنية ورفع الحصار عن قطاع غزة .

بدوره يقول هاني حبيب الكاتب والمحلل السياسي" اعتقد بانه لم يكن هناك حركة تمرد ، كحركة منظمة منبثقة من الجمهور الفلسطيني ذات تنظيم على مستوى جيد من العلاقات والتأثير على الرأي العام، لم تكن هذه الحركة موجودة فعلا" .

ويضيف في حديث عبر "وكالة قدس نت للأنباء"، " تمرد التي اعلن عنها ، كانت عبارة عن بعض الشباب الذين اتخذوا من الخارج مركزا لهم ، من دون ان يكون لهم أي علاقات فاعلة منظمة في داخل قطاع غزة ، وبالتالي هذه الحركة غير موجودة وفقا لهذه الاسس".

ويرى حبيب ، ان عوامل الاحتجاج متوفرة في المجتمع الفلسطيني ، منذ وقت طويل وتداعيات الانقسام وتأثيره المباشر على الحياة اليومية وعلى المواطن الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة ، كانت منذ ان بدأت سيطرة حركة حماس على القطاع ، وبالتالي كافة الظروف الصعبة المعيشية والانسانية والاجتماعية تشير الى ضرورة ان يكون هناك تغيير حقيقي لهذا الوضع ".

الاداة غير موجودة..

ويؤكد على ان " كل العوامل المساعدة على تفجر الاحتجاجات كانت ولا تزال موجودة غير ان الاداة غير موجودة ، وكل ما جاءت به حركة تمرد هو مزيد من الاحباط للشارع الفلسطيني ، ولا يمكن ان يجرب الشارع الفلسطيني مرة اخرى هذا الامر، الا اذا توفرت العوامل التنظيمية ذات التأثير على الرأي العام ".

القيادي في حركة حماس صلاح البردويل ، كشف ان حركته كان لديها الثقة الكبيرة بعدم نجاح (حركة تمرد) بما دعت إليه إذ يرى بأنها "وهم اصطناعي اعلامي ليس له وجود على الارض ، والشعب الفلسطيني شعب واعي وقادر على ان يميز الغث من السمين ، وهو يدرك ان هناك حصار وتضيق واستهداف لقطاع غزة ، وهذا الاستهداف لا يستثني احدا ".

ويؤكد البردويل في حديث مع "وكالة قدس نت للأنباء " ، ان حركة تمرد نبعت من مصر ولم تكن تحمل اهداف ولا سياسة الشعب الفلسطيني ، والقائمون عليها بعض من وسائل الاعلام المصرية وبعض الاحزاب اليسارية المصرية ".

ويضيف قائلا " في المحصلة حتى لو كان ورائها دولا ومدعومة بشكل كبير من جهات اخرى فما هو الهدف من وراء ذلك ، هل الهدف الانقلاب على شرعية الاستقرار في قطاع غزة ، حماس جاءت في انتخابات نزيهة جرت في عام 2006، وكسرت انقلاب كبير في حينها كان مدعوم من الولايات المتحدة الامريكية والذي قاده محمد دحلان وجماعته ، فهل يمكن ان تنكسر امام جماعة وهمية عنوانها العالم الافتراضي وداعموها الكارهين للإسلام خارج فلسطين"..

هل هذا بديل مغري ...

ويؤكد القيادي في حماس ، ان "كل مقومات الفشل كانت تتوفر لما يسمى "تمرد" هذا الاسم استقي من اسم حركة تمرد المصرية ، التي ذبح بسببها المصرين بدم بارد ، وجرفوا بالجرافات ، فهي ليس نموذجا مغريا "،لافتا الى ان " الشعب الفلسطيني لا ينقصه مذابح جديدة تحت هذا الاسم المصطنع ".كما قال

ورغم تردي الاوضاع الاقتصادية لحد كبير في قطاع غزة وتوفر اسباب احتجاج الناس ضد حكومة غزة ومع ذلك لم يخرجوا بصورة علنية حتى الآن، وهنا يقول البردويل " الشعب الفلسطيني شعب واعي ويعرف كل ما يحدث، ويعرف ان كل ما يحدث من حصار وتضييق هو بقرار امريكي اسرائيلي ومن حوله عربي لشق الجبهة الداخلية الفلسطينية ".

ويتساءل، ما هو البديل عند الانقلاب على حماس ؟ (..) التنازل للاحتلال وان نعترف باسرائيل كما فعلت حركة فتح متعجبا بالقول " هل هذا بديل مغري ".

واعتبر البردويل ان حركة فتح لها علاقة بحركة تمرد وإن كانت لا تعلن هذا الامر ، و"هى اليوم تعيش حالة من التمزق والتشتت والانفصال عن الواقع ولا تستطيع ان تقول من الذي قتل الشهيد ياسر عرفات ، بعد ان مرغت انف القضية الفلسطينية في التراب". على حد وصفه .

وزارة الداخلية بحكومة غزة أكدت أن كل ما اسمتها بـ"محاولات إعادة الفوضى والفلتان" لقطاع غزة لن تفلح مهما كانت مسمياتها وحجم الدعم الخارجي الذي تتلقاه موضحة أن" هذه الدعوات البائسة بعيدة عن واقع الشعب الفلسطيني ومشروعه المقاوم ولن يُكتب لها النجاح. "

وقالت الداخلية خلال بيان صحفي "إن أموالا وأحزابا عربية معروفة تقوم بدعم بعض المشبوهين والفارين لمحاولة تخريب الوضع الأمني في قطاع غزة وكسر شوكة المقاومة" مشيرة إلى أن الأوْلَى في ذلك الدعم والاحتضان للشعب المحاصر والمقاومة. حسب البيان

وأوضحت الداخلية في بيانها الذي حمل عنوان "وعي شعبنا وأصالة مقاومته وكفاءة مؤسسته الأمنية ضمانة الأمن والاستقرار" أنها" تتعاون مع كل غيور على الوطن والشعب بما يعزز الاستقرار والسلم الاجتماعي"، مؤكدة أنها ستبقى تمد أيديها للجميع بما يخدم هذا الشعب ويحقق له الأمن والاستقرار. "

ونبهت الداخلية إلى أن" قطاع غزة يعيش حالة من الهدوء والاستقرار الأمني الداخلي هي الأفضل على مستوى التاريخ الفلسطيني والأفضل على مستوى العالم".كما قالت

واستطردت الداخلية "واجه شعبنا في قطاع غزة تحديات داخلية وخارجية كبيرة في السنوات الأخيرة استطاع أن يتجاوزها بوحدته وقوته مشكلا مع المقاومة والحكومة معادلة صعبة أحبطت كل ما يُحاك ويُدبَّر ضد القطاع".

وبينت أنها تحملت عبئا كبيرا في مواجهة تلك التحديات منذ عام 2006 وحتى يومنا هذا" لافتة أنها "تمكنت بأجهزتها الأمنية من تحقيق الأمن والاستقرار لأبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة في أصعب الظروف ولحظات المواجهة متجاوزة بذلك كل قوى الفوضى والفلتان عام 2007 للانقلاب على شرعية الانتخابات. " وفقا للبيان

المصدر: غزة – وكالة قدس نت للأنباء -