نمهر حدودنا بوقع أقدامنا، هذه الجملة التي قالها حاخام يهودي، يرددها الصهاينة في كل مناسبة، فلا حدود ثابتة لدولتهم، فهي تتمدد كل صباح، وتتوسع مع كل مستوطنة جديدة.
اليهودي يجدد البناء كل يوم، ويمدد المستوطنة، ويحدد حدود دولته وفق قدراته، والقيادة الفلسطينية في رام الله تهدد، ليل نهار تهدد بوقف المفاوضات، واللجوء إلى محكمة الجنايات الدولية، حتى صار التهديد هو الرد الفلسطيني الوحيد الذي يؤكد على خلل المعادلة السياسية القائمة على المفاوضات منذ عشرين عاماً.
قبل عشرة أيام، أطلقت إسرائيل سراح مجموعة من الأسرى القدامى، وفي المقابل أطلق نتانياهو يد المستوطنين لبناء 5000 وحدة استيطانية جديدة، رابطاً بين حرية بعض الأسرى الفلسطينيين وحرية المستوطنين اليهود في التمدد الاستيطاني، هذا الربط أغضب السيد محمود عباس، وأزعج كبير المفاوضين، وكلاهما هدد بوقف المفاوضات إن لم يتوقف الاستيطان.
فماذا كانت النتيجة؟
طار التهديد الفلسطيني عبر وسائل الإعلام، وتبخر في الهواء، في الوقت الذي رسخت فيه المستوطنات على أرض الضفة الغربية، وبات نتانياهو أكثر طمأنينة على استمرارية المفاوضات واستمرارية التنسيق الأمني الذي جعل حياة المستوطن هانئةً، وجعل طرقهم التفافية آمنةً مؤمنة بحراسة الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
لقد هدد السيد عباس من جديد بوقف المفاوضات إن لم يوقف نتانياهو خطة بناء 24 وحدة استيطانية، أعلن عنها وزير إسكانه أوري أرئيل.
فماذا كانت النتيجة؟
المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية سارعت لطمأنة عباس، وأعلنت أنها فوجئت، وأنها ستحصل على توضيحات من الحكومة الإسرائيلية بشأن التوسع الاستيطاني.
وعلى الفور استجاب مكتب رئيس الحكومة هذه المرة لتهديد السيد عباس، وطلب من وزير الإسكان أوري أرئيل إعادة النظر في كل الخطط التي نشرها مؤخراً بدون تنسيق مسبق، ولاسيما أن إسرائيل بحاجة إلى المجتمع الدولي فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني.
هل نجحت المناورة الإسرائيلية كما أوحى بذلك وزير الإسكان أوري أرئيل حين قال: إن الحديث يدور عن إمكانية التخطيط وليس عن مراحل بناء رسمية.
طالما الأمر يتعلق بوقف التخطيط، وليس وقف البناء، فالمستوطنون مطمئنون، وقد مهروا حدودهم وحدودنا بوقع أقدامهم، وهم واثقون أن عاصفة التهديد الأخير ستهدأ، وسيبرد الجو، ولن تجد قيادة السلطة الفلسطينية مكاناً دافئا ًيقيها حر الغضب الفلسطيني إلا غرفة المفاوضات، هنالك سيدفن رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض غضب رئيسه من التسرع الصهيوني في الإعلان عن مخططات استيطانية جديدة دون مراعاة مشاعر الفلسطينيين؛ الذين فقدوا الأرض، وملوا الانتظار، وأضحوا جاهزين للانفجار.