قصة قصيرة بعنوان : لو ارتدت النقاب ..!!

بقلم: حامد أبوعمرة

لم تكن الغيرة عنده طبيعية أبدا،فهو يعلم أنه عصبي الانفعال بطبعه ،فرغم طيبة قلبه ،وحنانه ،ورقته في تعامله مع زوجته ،إلا أنه يغار عليها ،من أي شيء من نسمات الهواء التي تداعب خصلات شعرها ،كم من مشاكل قد ارتكبها في الطرقات لمجرد أن يلمح أي نظرات هائجة منطلقة كالسهام من قبل أحد الشبان المراهقين صوب زوجته ،صحيح أن زوجته كانت فائقة الجمال كممثلات هوليوود ..كانت جميلة بالقدر الذي يؤهلها المشاركة في مسابقات الجمال العالمية وبقوة فهي ليست أقل جمالا من ملكات الإغراء كمارلين مونرو أو ريتا هيوارث أوصوفيا لورين .. فبشرتها الخمرية الجذابة ،وعينيها العسليتين ،وقوامها الفتان ،وثغرها المتبسم بفطرية ، وشعرها الأسود الطويل المتدلي على ظهرها كعناقيد العنب يكاد تنجذب إليه حبات رمال الأرض طوعا ورغبة مخالفة بذلك كل قوانين نيوتن ..!! فلا يمكن أن يراها أحد وإلا وينبهر بجمالها..هو يعلم أن عشقه لها يفوق الوصف ويفوق الخيال لكنها الغيرة المدمرة ..في أحد المرات هجم على شاب بينما كانا يسيران بإحدى الحدائق العامة ، وانهال عليه بالضرب المبرح باليدين والقدمين لمجرد أن لمحه يتفحصها بنظرات متقطعة وخلسة ، فلم يتركه إلا عندما سقط صريعا ،غارقا في بركة من الدماء ،ورغم تدخل المارة لفض النزاع إلا انه لم يأبه بأي شيء ،وكأنه لا يرى ،ولا يسمع صار كالثور الهائج .. حاول أن يفرض عليها ارتداء النقاب خوفا عليها من الفتنة ،وحتى يهدي من روعه ويكبح جماح غيرته المفرطة عليها.. لكنها كانت في كل مرة ترفض ،وبشدة .
ذات مساء عاد إلى بيته متأخرا ،وبينما كانت زوجته ترقد بغرفة النوم ..سمع صفارة الرسائل تنبعث من هاتفها المحمول ،أسرع ليقرأ الرسالة ،وكانت الفاجعة الكبرى عندما قرأ :لو تعلمين كم احبك ،وأن الحياة بدونك ِ هراء ..سأنتظرك ِ دوما في نفس المكان قلبي يحدثني أنك ِ حتما سـتأتين.. أنا لا أطلب منك ِ أي شيء سوى أن تجعليني أحبك ِ ولو من بعيد وحتى وإن لم تبادليني نفس المشاعر تحياتي لك ِ ..إلى اللقاء !! ،فما أن قرأ تلك الكلمات ، وإلا وقد فقد صوابه ،صار يترنح كالسكارى ،أو المدمنين .. أسرع نحو زوجته ، وقد أطبق على عنقها بكلتا يديه ،وبكل قوة حاولت أن تستجديه ،وأن تدفعه بعيدا عنها ،ولكن دون جدوى ، فماهي إلا لحظات قصيرة وإلا وقد شخص بصرها وتدلى لسانها ، ، الغريب أنه سمع صفير رسالة أخرى على نفس المحمول الخاص بزوجته بعد لحظات .. حيث قرأ وقد خارت قواه والعرق يتصبب من جبينه : أنا آسف جدا أرسلت الرسالة السابقة بالخطأ ..سامحوني ..!! تطلع إلى زوجته ،وراح يحتضنها لكنه لم يعرف أنها قد فارقت الحياة ..!!