حُريتي: انا مع قطاع غزة .... واستفزاز اعضاء المجلس الثوري

بقلم: جهاد حرب

(1) حُريتي ... عنوان المقال الاسبوعي

منذ فترة وأنا أبحث وأقلب أفكاري لتحديد عنوان لمقالي الاسبوعي الى أن عُدت الى أول عنوان خطر في بالي في بداية البحث، وخوفي وترددي من اختيار هذا العنوان أن يكون مشابه لعنوان آخر حتى لا نُتهم بالسرقة أو الزندقة، لكن هذا العنوان "عنوان الزاوية أو المقال" هو تعبير عن الحالة التي اعيشها عند كتابة المقال؛ فهي اللحظات التي أشعر بها بأني لست مقيدا، مطلقاً، بأي منهجية محددة أو خطوط مرجعية أو افكار مسبقة أو ضغط حزبي أو تقاليد اجتماعية بالية، انما هي لحظات امتلك بها حُريتي للتعبير عن عذابات المقهورين وآلام المعذبين وكلام البسطاء وأحلامهم، وفك شيفرات أحاديث الغرف المغلقة وتعبيرات وتفاعلاتها، ومحاولة فتح الصندوق الاسود لدى السياسيين.

مقال حُريتي هو عبارة عن رسالة "جرئية كما ينعتها البعض" في اتجاهات متعددة يلامس أو يحاول أن يلامس طموحات، آلام، عذابات، وأفكار اجتماعية وسياسية يتم صياغتها في رسالة الى صناع القرار "اذا قرءوا" بكلمات قوية أو بألفاظ قد تكون "عنيفة". ويقولون ان "لكل شيخ طريقته" لكنني لست شيخا انما "صبي" يافع في عالم الكتابة اتمنى أن أصمد ليس في جرأتي وإنما في الكتابة.

 

(2) أنا مع غزة ...

 انا مع غزة التي نغني لها "غزة لا تهتزي"، وانا مع "شعب" غزة اهل العزة والكرامة، فقد "جاوز الظالمون المدى على رأي ام كلثوم" بعد 7 سنوات عجاف تخللها قهر وعنف؛ وظلم ذوي القربى" اكثر ايلاما من الاحتلال وصواريخه وقتله. أوضاع غزة اليوم مؤلمة كما أن غزة حزينة ليس فقط للحصار "اغلاق المعابر" بل للحصار الثقافي والاجتماعي الذي فرض عليها أيضا، وكذلك العيش غير الكريم فلا كهرباء تقريبا ولا مياه "مستقبلا" باعتبارهما نطقة البدء للحصول على الحياة دون اساسيات الحضارة الانسانية، غزة اليوم بلا أمل لا مستقبل لأبنائها في ظل غياب الحاضر.

شخصيا أرى أن الخلاف مع حركة حماس ليس سياسيا، فهي تشبه حركة فتح مع الاختلاف في المراحل اللازمة لقطع المسافة للوصول للتحول السياسي وهي قريبة جدا من ناحية وتدبير الخطاب الداخلي لعناصرها للاطمئنان على الولاء والطاعة، وهي بالأصح تريد أن تكون على الطاولة في المفاوضات وغير المفاوضات، كما انها تعشق ان تبقى ضحية وتعشق الصدقة وتخاف من المبادرة والحياة. واعتقد جازما أن "الخطر الاكبر" هو في الصراع على البعد الاجتماعي والثقافي الذي يشكل هوية المجتمع ويحدد توجهاته، فهنا لا تقبل حماس التعدد والاختلاف اللذان هما أساس الحياة الديمقراطية وجوهرها وهذا الخلاف الجوهري الذي لا ولم يستطع بعض السياسيين من فهمه.

ندرك جميعا أن أزمة قطاع غزة أزمة سياسية في الاساس تبعها أثقال الحياة، وهي بذلك تحتاج الى مبادرة تضع الحصان أمام العربة وليس العكس، وبهذه الحالة انصح لمن يعتقد أن حركة حماس ستأتي صاغرة خاضعة خانعة الى المصالحة نتيجة الحصار ان هذا الرهان خاسر بل ان الخاسر الاكبر هي غزة وأهلها "وشعبها"، وكذلك من يعتقد أن غزة ستنتصر على المدى القريب أو المتوسط في ظل موازين القوى أيضا هو خاسر ويحمل أهل غزة أكثر من طاقتها وربما يفجرها لكن شظاياها لن تكون كما يريد البعض هنا أو هناك انما رائحة الموت ستكون هي الاعلى، ونفقد الامل الى الأبد.

المبادرة المطلوبة تتجسم في (1) اعلان واضح وصريح من الرئيس الفلسطيني بأنه ملتزم بنتائج الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وبأن الحكومة التي ستشكل بعدها هي حكومة وحدة وطنية مهما كانت طبيعة نتائج الانتخابات و/ أو صاحب الاغلبية الفائز بها. و(2) اصدار مرسوم رئاسي يحدد موعد إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية خلال مدة أقصاها ستة أشهر، سواء بالاتفاق بين حركتي فتح وحماس أو دون اتفاقهما، وسواء تم تشكيل حكومة الوفاق الوطني أم لا. بهذه المبادرة يضع الرئيس كل الاطرف أمام المسؤولية فهي تحمي حركتي حماس وفتح، من دمار قادم، بمخزون الوحدة الوطنية وبَرَكاتُها، وتوضح الطرف المعطل للمصالحة والوحدة دون مواربة.

 

(3) استفزاز أعضاء المجلس الثوري

أُستُفزَ بعضُ أعضاء المجلس الثوري لحركة فتح من عنوان فرعي جاء في مقال لي قبل شهرين، كُتب بالأساس لهم مع موعد انعقاد جلسة المجلس الثوري بداية شهر أيلول الماضي، جاء العنوان كما يلي: "المجلس الثوري ... طبل أجوف". لكن للأسف لم يقرءوا المقال في مطلع جلستهم أو أنهم اكتفوا بالعنوان دون الاطلاع على محتوى وفحوى الرسالة.

سُعدت للأولى أي استفزازهم لعل الحَمِيَةَ تدفعهم للتحرك والانخراط في عمل طال انتظاره، ومقالي لم يكن قاسيا مقارنة من ما قاله زعيم حركة فتح الرئيس محمود عباس في جلسة المجلس الثوري عن تقاعسهم في الاستنهاض وتحميلهم مسؤولية ذلك "أي وبخهم وهي عقوبة اللوم وفقا للنظام الاساسي لحركة فتح" أمام الشعب الفلسطيني عبر شاشات التلفزيون. وحَزِنْتُ للثانية لأنهم ليس فقط لا يقرءون بل لأنهم يعتمدون على الوشوشات، والنميمة، ويرفضون المصارحة ويخافون منها، وغير قادرين على المواجهة، ويفضلون الانعزال، ويقبلون الكلام في الظهر. 

وأود أن اعترف لأعضاء المجلس الثوري ان الكلام الذي جاء تحت عنوان "المجلس الثوري ... طبل أجوف" هو كلام نفس الشخص الذي "يحرض" أو أفاق من غفلته؛ ربما يومها كان يفرغ شحنات غضب أو انه لم ينل مراده في وقتها، أو أنه ...، في كل الاحوال، اقول لأعضاء المجلس الثوري، الذي فازوا بعضوية المجلس باقتدار أو بالصدفة، أنني امتلك حريتي، ولا اتهافت على شيء؛ فقد رفضت العمل مرتين، لكن بأدب واحترام، مع "أهم أمير حينها" في فتح عندما كان محجا وقبلة بعض اعضاء المجلس الثوري وكثير من قيادات الحركة إما للحصول على بركاته، أو طمعا في الحصول على مناصب ومراكز هنا وهناك.

 

تنويه: اردت الاعلان عن حريتي في يوم اعلان وثيقة الاستقلال للارتباط الوثيق بين الحرية والاستقلال، فالاستقلال كما الحرية قدمان لا محالة لكن "وللحرية الحمراء باب ... بكل يد مضرجة يدق". وكل عام وشعبنا بخير