نقف امام ذكرى قائد ومناضل رحل عنا وما أحوجنا اليه في هذا الزمن الرديء انه القائد الامين العام الشهيد طلعت يعقوب , حيث فقدنا باستشهاده سنديانة من سنديانات فلسطين وجبهة التحرير الفلسطينية وعلم من إعلامها ،هذا القائد الذي ارتحل ليلتحق بقوافل العظماء والشهداء ،الذين اناروا لنا الطريق , فكان مع رفيق دربه فارس فلسطين القائد الامين العام الشهيد ابو العباس صمام امان الجبهة ، كان الحريص على القرار الوطني المستقل ومنظمة التحرير قائدا وممثلا وحيدا للشعب الفلسطيني ، حيث كانت جبهة التحرير الفلسطينية وما زالت السد المنيع في وجه المشاريع الامبريالية الهادفة الى تصفية القضية الفلسطينية.
ونحن اليوم نقف أمام ذكرى رجل، كرّس جلّ حياته للنضال من أجل شعبه، من أجل وطنه وقضيته، ومن أجل الحق والعدالة والكرامة الوطنية.ومن اجل وضع القيم والمُثل السياسية والفكرية والأخلاقية والإنسانية موضع التنفيذ ، نعم القائد طلعت يعقوب قدم الكثير عبر مشواره النضالي الطويل، ما يجعلنا ندعو إلى استخلاص الكثير من الدروس والعبر الهامة والجليلة والغنية بمعاني الفداء والتضحية، واولها معاني الشهادة، ومعاني تقدم الصفوف فـي المواجهة بكل أشكالها وأساليبها ، مناضل كبير افتقده شعبنا الفلسطيني بدأ مسيرته محارباً من أجل تحرير وطنه من الاحتلال الصهيوني واستشهد على ارض الجزائر ثورة المليون شهيد ، اثناء اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني " دورة اعلان وثيقة الاستقلال الفلسطيني، وبعد يوم واحد من وقوفه في المجلس الوطني الفلسطيني " دورة الشهيد القائد ابو جهاد الوزير" ليعلن مع رفيق دربه القائد الشهيد ابو العباس استعادة وحدة جبهة التحرير الفلسطينية وسط تصفيق حاد من اعضاء المجلس الوطني في الجزائر ، ولكنه فارق الحياة اثر نوبة قلبية حادة فكان شهيد اعلان الاستقلال الفلسطيني .
وفي تلك اللحظات وقف القائد الشهيد ابو العباس الذي حمل امانة الشهيد والآلام والدموع تنهمر من وجهه ورفاقٍه ،وقال كلمة يبدو لي كم هو الفراق صعب يا رفيقي ، واضاف الرفيق طلعت كان حريصا دائما على وحدة وتنظيم الجبهة وكان يرى ان التنظيم هو العنوان ، فالشهيد طلعت له تاريخ مجيد حافل بالعطاء والصدق ، وفي نفس الوقت حافل بالتضحيات ، فاعطى قدر المستطاع، دفاعاً عن حقوق وتطلعات شعبنا وأمتنا ، وأذكر كم كان الشهيد القائد مفعماً بالهمة والنشاط، يسابق الزمن، ولم يتعب يوماً، بل كان قوي الإرادة، مؤمناً بعدالة القضية وانتصارها مهما بلغت التحديات والصعاب. كان مطمئناً لفعل وقدرة الجبهة، واستشهد وهو مطمئناً إلى استمرارها لمواجهة الصعوبات والتعقيدات والمعارك التي واجهت مسيرتها الصعبة. وفي كل مراحل صعودها أو انحسارها .
وبعد سنوات غاب عن الجبهة رفيق درب الشهيد القائد فارس فلسطين ابو العباس الذي حمل الامانة ومضى على طريق النضال بقيادة الجبهة واشرف على العديد من العمليات البطولية ، ، فكان عنوان للصمود والمقاومة بعد ان حاولت الامبريالية الامريكية ملاحقته بسبب دوره النضالي في الحركة الوطنية الفلسطينية وتمكن رغم كل الظروف من الدخول الى فلسطين وترتيب اوضاع الجبهة وتعزيز دورها النضالي، فكان احتلال العراق حيث تم اعتقاله وبعد عام استشهد ، ليلتحق بقافلة الشهداء الطويلة، شهداء الحركة الأسيرة، الشهود على جرائم الاحتلال وعنجهية سجانيه، حيث كان يوم الثامن من تموز 2004 شاهدا على جريمة لن يسقط حق ملاحقة ومحاسبة مقترفيها بالتقادم مهما طال الزمن.
رحل الشهيد القائد ابو العباس و ولم ترحل ذكراه وبصماته، هو ورفيق دربه الشهيد القائد طلعت يعقوب نستحضر ذكراهم التي تشكل مفخرة لكل من عرفهم وعايشهم.
فحمل الامانة الامين العام الشهيد القائد عمر شبلي " ابو احمد حلب " الذي عرفته ساحات النضال الأرحب بدوره الكفاحي التاريخي الذي جسده ، حيث رحل بعد ثلاثة سنوات على حمله الامانة .
وامام ذكرى القائد ابو يعقوب نؤكد ان جبهة التحرير الفلسطينية؛ التي قدمت التضحيات وفي مقدمتهم قادتها العظام الامناء العامون طلعت وابو العباس وابو احمد حلب ، والقادة سعيد اليوسف وحفظي قاسم وابو العمرين وابو العز ومروان باكير وجهاد حمو وابو كفاح فهد وابو عيسى حجير والشهيد الاول خالد الامين " ابو الامين" وابو الرائد مصطفى دودين وابوخالد الجولان والى اصغر شهيد مقاتل في الجبهة وشهداء العمليات البطولية في الخالصة والزيب ونهاريا وبرختا والطيران الشراعي والمنطاد الهوائي واكيلي لاورو والقدس البحرية والقدس الاستشهادية والعديد من العمليات التي اشرف عليها القائد الشهيد الامين العام ابو العباس ورفاق دربه سعيد اليوسف ابو العز ضد العدو ، لن ننسى شهداء الجبهة الذين اناروا الطريق في تصديهم للعدو من جهاد حمو الى ابو كفاح فهد الى نايف خالد الى حسن الشامي ورشيد اغا وعبدالله امين في الجنوب ، ولن ننسى عبد حمد وحاتم حجيروغسان كايد وشربل البني وعشرات المناضلين من عرب وامميين ولم ننسى رفاقنا الذين فقدوا في الاحداث وفي مقدمتهم القائد المناضل حسين دبوق ، فهي جبهة ما زالت تلتزم الفكر الثوري ومواجهة المشروع الأميركي الصهيوني ، وما زالت ترفع رايتها الوطنية الثورية من اجل تحرير الارض والانسان
وامام هذه الذكرى لا بد ان نسجل للرفيق القائد سعيد اليوسف دوره اثر اجتياح العدو للبنان 1982 وتفقده لمواقع الجبهة برفقة الشهيدين القائدين طلعت يعقوب وابو العباس من الجنوب وصولا الى بيروت وبعدها ليترك الرفاق في بيروت ويواصل دوره الميداني حتى فقد في جبل لبنان الاشم ليكتب بدمه صفحات مشرقة عن الكفاح الفلسطيني.
نعم شهداء الجبهة رضعوا لبان الحب والعشق الفلسطيني، و تعانق إيمانهم بحتمية النصر وعدم الاستسلام أو الانكسار، فتسلحوا بإرادة القوة التي لا تعرف الانهزام، ولا تستكين للخضوع، وفي مقدمتهم قادتها الذين مثلوا فكرا ديمقراطيا وقوميا سطر على صفحات التاريخ .
سنوات مرت على استشهاد القائد طلعت يعقوب ورفاق دربه ولكن سنديانة الجبهة لم تصفر أوراقها، ولم تنكسر أغصانها، بل زادتها ضربات السنون صلابة وشموخاً، من أجل الحرية والاستقلال والعودة .
ربما من أكثر الأمور تعقيدا ان البعض ما زال يحاول النيل من تاريخ الجبهة وقيادتها ، التي لا تحتاج مدافعا عنها، أو مناصرا لها لما تملكه من مصداقية وطنية وكفاحية ونضالية، تاريخا، وحاضرا، وربما مستقبلا، وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن جبهة التحرير الفلسطينية لا ينقصها عقول وفكر وعلم ، ورغم ذلك فأن الجبهة لم تكترث لمن يحاولون النيل منها بل سيبقى هدفها الاستمرار في مسيرة الكفاح حتى تحقيق اهداف الشعب الفلسطيني.
في هذه المناسبة الأليمة ، علينا ان نتحلى بالشجاعة والإرادة والتصميم بمواجهة العدو الصهيوني وكل من يتربص بنا شراً وضرراً ، فلن تؤثر في صمودنا ، ولن تنال من عزيمتنا غياب القادة ورحيل الرموز، بل هي مناسبة لتحويل احزاننا الى افعال وبرامج ومواصلة للنضال وتوهج للابداع الفلسطيني في تجاوز مصاعبه.
من هنا نقول علينا أن نؤكد دوما، على ضرورة استمرار النضال من أجل أن تكون الوحدة قائمة على أساس وضوح الرؤية السياسية وعلى أساس استمرار الانتفاضة والمقاومة بكافة اشكالها التي كفلتها كل الشرائع السماوية والقوانين والأعراف الدولية. نؤكد على رفض كل المفاوضات والحلول التي تنتقص من حقوق الشعب الفلسطيني، ورفض كل الضغوط السياسية من أي جهة أتت، وهذا يتطلب نقل ملف القضية الفلسطينية الى الامم المتحدة لمطالبتها بتطبيق قرارات الشرعية الدولية التي كفلت حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس.
ونحن اليوم نرى ما تخطط له الإدارة الأمريكية بشراكتها مع العدو الصهيوني والذي يقود في المحصلة المنطقة العربية نحو المزيد من الكوارث والحروب، والصراعات الطائفية والمذهبية التي يراهن عليها الأعداء, وتلك هي المخاطر التي ينبغي على الشعوب العربية قاطبة وقواها الوطنية والتقدمية مواجهتها، وهذا يدعو الجميع لقراءة الواقع العربي, والعمل على تجاوز الأزمات, وذلك من خلال روح الوحدة الوطنية والوفاق الوطني بين القوى الوطنية. وهذا يستدعي حماية قوى المقاومة والمنجزات التي تحققت، وذلك من خلال الوعي القومي العربي وهذا ما يختبر إمكانية الشعوب العربية وقواها ويعيّن طموحها في التحرر والاستقلال والديمقراطية الحقيقية, وليس الديمقراطية التي تسّوقها الأدارة الأمريكية والدوائر الإمبريالية لحماية مصالحها في المنطقة.
ولهذا نقول بكل بوضوح إن العمق العربي كان حاضنا للقضية الفلسطينية, وبالعمق العربي الشعبي نستطيع ان نغير الواقع في ظل تراجع السياسة الأمريكية في المنطقة , الأمر الذي يدفعها إلى استبدال استراتيجياتها القديمة بواحدة جديدة, فإن التطورات وتداعيات هذه السياسة قد أفرزت وقائع جديدة, تنذر بإمكانية فشل المخطط الأمريكي- الصهيوني في المنطقة, مما يمهد إلى إمكانية استنهاض المشروع القومي العربي التحرري, عبر بلورة استراتيجية مواجهة مقوماتها: الصمود والثبات والوحدة الوطنية.
ختاما : نؤكد بان جبهة التحرير الفلسطينية ستبقى وفية لقائدها الشهيد الامين العام طلعت يعقوب وقادتها الامناء العامين فارس فلسطين والمقاومة ابو العباس وضمير فلسطين عمر شبلي " ابو احمد حلب ولكل شهداء الجبهة والثورة والشعب الفلسطيني وشهداء المقاومة الوطنية والاسلامية اللبنانية وشهداء حركة التحرر العربية والعالمية ، وستبقى فلسطين الحلم والبوصلة.